شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

عصابة من البوليساريو اعترضت حافلتنا وأحرقتها واعتقلتنا مع السائق ومساعده

مانسيناكش عبد الله لماني (معتقل سابق في سجون البوليساريو):

حسن البصري

لماذا اعتقل بعض الركاب وأفرج عن البعض الآخر؟

لقد صرفوا النظر عن بعض الركاب بعد مشاورات مع زعيمهم، وقرروا ترك المجموعة الأخرى التي كانت تضم أشخاصا غير قادرين على العمل وأطفالا ومسنين، وحين تم تسريحهم دون السماح لهم بأخذ حقائبهم، أعطى المسؤول عن الكمين أوامره بصب البنزين على الحافلة وإحراقها بالكامل. تم اقتيادنا إلى وجهة لا نعلمها، علما أن المنطقة، التي اعتقلنا فيها، لا تدخل في فضاء النزاع، لأنها مستقلة منذ 1956، بالرغم من وجود ثكنات عسكرية وفيلق من الجيش.

هل أفرج عن السائق وباقي الركاب؟

لا لقد اعتقل السائق ومساعده وسيعيشان حياة الأسر معنا. تم إنزالنا بالقوة من الحافلة دون مراعاة كوننا عناصر مدنية ودون استفسارنا أصلا، وذلك بتعليمات من قائد العصابة التي تربصت بنا. كنا حوالي 16 فردا ولحسن حظنا لم تكن معنا فتيات، كان ضمن الرحلة أطفال وشباب وكبار. وقام أحدهم بجمع كل الحقائب والأمتعة التي كانت في جوف الحافلة، وبعدها سيطلب منا، ونحن مصطفون ووجوهنا على الحافلة قبل إعدامها بإضرام النار، أن نضع كل أغراضنا من ساعات وقلادات وحافظات نقود في حقيبة يدوية ثم أخفاها في سيارة رباعية الدفع. شرع كبيرهم في انتقاء من سيتم ترحيلهم ومن سيخلى سبيلهم. انتقوا سبعة أشخاص من الركاب، ضمنهم صديقي الميكانيكي والسائق لحسن القدميري ومساعده الجابي الحسين عوما، إضافة إلى أربعة عسكريين، فتدخلت مدافعا عن صديقي، وبينما أنا أتحدث معهم، قام أحدهم بضربي بمؤخرة البندقية على رأسي حتى فقدت الوعي. استفقت وأنا مكبل أخضع للضرب من طرف مجموعة منهم، ورموني مع مختطف آخر فوق سيارة رباعية الدفع وسط ركام من الألغام، وهي السيارات التي كانت مختبئة وتمت المناداة على سائقيها. كانت ساعات قاسية علينا في طريق شبه مقفر، وتبين لي في ما بعد أن الشخص الذي أضرم النار هو قائد العصابة، وأن الخطة كانت تستهدف الهجوم على مدينة طاطا، لكنهم عدلوا عن الفكرة.

هل كنت تعتقد أن الكمين مجرد محاولة للسطو على الحافلة من طرف لصوص؟

اعتقدت أن الأمر يتعلق بلصوص محترفين، ذلك أنهم قاموا بإنزالنا من الحافلة بعدما أشبعونا ضربا بأعقاب الرشاشات، وطلبوا منا رفع الأيدي عاليا وسلبوا كل ما بحوزتنا من مال ومجوهرات، وكل شيء له قيمة مالية. أخذوا حقائب السفر وطلبوا من لحسن القدميري، سائق الحافلة، تسليمهم مفاتيحها، فاستجاب لطلبهم، قبل أن يرغمونا على الابتعاد عن الحافلة التي سكبوا عليها البنزين وأضرموا النار فيها.

من غرائب الصدف أن الكمين وقع في يوم عيد وطني..

والأغرب أن نظل في مواجهة هؤلاء المقاتلين المسلحين دون أي تدخل، ربما تزامنت المداهمة مع ذكرى ثورة الملك والشعب، والكل كان منشغلا بالحفل.

إلى أين كانت وجهتكم؟

وضعونا في سيارة رباعية الدفع وتوجهوا بنا وسط الصحراء صوب وادي درعة، وعلى امتداد الطريق الصحراوي كنا نصادف عناصر من البوليساريو وهي تبحث عن مواطنين عزل لاقتيادهم كرهائن، حيث يتبادلون التحية عن بعد وهم فخورون بما اختطفوه. كنا مكبلين ونسير نحو المجهول، توغل «الكومندو» في مسالك وعرة في وادي درعة، أوصلونا في الغد إلى برج «مركالة»، الذي بناه الفرنسيون فترة الاستعمار لمراقبة الحدود، ويستعمله حاليا الجزائريون. تجرعنا، طيلة فترات الرحلة، مرارة كل أنواع العذاب، رموا بنا مثل الأكياس فوق العربات مكبلي الأيدي والأرجل، وعند البرج رمونا على الأرض، حيث تجمهر حولنا الجنود الجزائريون وعناصر من البوليساريو، منهم من كان يسخر منا ومنهم من مارس علينا تعذيبا ساديا.

أين بدأت عملية الاستنطاق؟

في برج «مركالة» توقفت الرحلة أو الشوط الأول منها، تم استنطاقنا من طرف ضباط جزائريين بهدف الوصول إلى معلومات عسكرية، قلت لهم إنني مدني، فقال أحد الضباط الجزائريين: «ستؤدون ثمن حرب سنة 1963، وما فعله بنا آباؤكم وأجدادكم». كان الاستنطاق مقرونا بالعنف، وجرى توزيعنا مثل العبيد على الكتائب من أجل خدمتها في المطبخ والتنظيف وحفر الآبار والخنادق، وجلب المياه، وكل الأشغال الشاقة التي تخطر ببالك. بينما حل ضابط جزائري بعين المكان وشرع في كتابة بيانات شخصية حولنا في جو لا لغة تعلو عن لغة العنف والتنكيل.

من كان يشرف على عمليات الاستنطاق؟

الذين كانوا يقومون بعمليات التعذيب صحراويون وموريتانيون، ومن جنسيات أخرى، ولكن الأوامر كانت تعطى، دائما، من طرف الضباط الجزائريين المتواجدين بتندوف، حيث كانوا يعطون الأوامر مباشرة، لكن المنفذين كانوا صحراويين وموريتانيين.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى