شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

عصابات إجرامية تكبد الدولة 90 مليارا سنويا

تنهب رمال السواحل ولجنة برلمانية تفضح "ريع" المقالع

محمد اليوبي

كشف تقرير أنجزته اللجنة البرلمانية الاستطلاعية حول مقالع الرمال والرخام، تم تقديمه أمام لجنة البنيات الأساسية في اجتماعها المنعقد، أول أمس الثلاثاء، استمرار ظاهرة الريع في قطاع المقالع، فضلا عن تفشي عمليات النهب والسرقة التي تتعرض لها المواد المستخرجة من المقالع، وعدم التصريح بالكميات الحقيقية المستخرجة من المقالع المرخصة، ما يكبد خزينة الدولة خسائر مالية فادحة تقدر بنحو 900 مليون درهم سنويا من المبالغ المستحقة.

وأفاد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، في لقائه مع أعضاء اللجنة البرلمانية، بأن عدد المقالع المرخصة على الصعيد الوطني يبلغ 2920 مقلعا، أغلبها هي للحصى والرمال، وأقل نسبة هي مقالع الرخام، مشيرا إلى أن 16 في المائة من هذه المقالع تم هجرها، و27 في المائة متوقفة، كما أن غالبيتها توجد في الملك الخاص، حيث إن ملكية الدولة لا تمثل سوى 2 في المائة.

وتطرق الوزير إلى مجموعة من المعطيات والإشكالات المرتبطة بتدبير قطاع المقالع، ومنها أن العديد من المراسيم المتعلقة بالمخططات الجهوية لتدبير المقالع ما زالت في طور الإنجاز، بالإضافة إلى مجموعة من المخالفات تشمل تهيئة المقلع، والتصريح بالكميات المستخرجة، واحترام البيئة، وإعادة التهيئة، وطريقة الاستغلال. وتحدث بركة عن وجود إشكالات متعلقة بالتجهيزات المستعملة لتشوير المقالع والمسالك، وإشكالات متعلقة بالصحة والسلامة والوقاية.

وتحدث الوزير عن مجموعة من الصعوبات التي تواجه مصالح وزارة التجهيز والماء، منها تحديد الكميات المستخرجة، وكذا تتبع وضبط المخالفات. وتطرق بركة إلى إشكالية المقالع المهجورة، مشيرا إلى أن أغلب المستثمرين لا يرجعون الحال إلى ما كان عليه قبل بداية الاستغلال، وهناك 460 مقلعا مهجورا، ودعا الوزير إلى تفعيل العديد من المقتضيات التنظيمية، كضرورة تقديم كفالة بنكية تستعمل في إعادة تهيئة المقلع المستغل، في حال عدم إعادة تهيئته من طرف المستغل.

وفي ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والمالي، كشف بركة أن متوسط رقم المعاملات لكل مقلع هو 500 مليون درهم، وأن الوضع الراهن بالنسبة إلى المداخيل المالية كان من المفروض أن يصل إلى 900 مليون درهم، إلا أن أكبر مستوى تم الوصول إليه هو 130 مليون درهم في سنة 2014، و71 مليون درهم في سنة 2013، إضافة إلى ذلك، تم خفض الرسم من 20 درهما إلى 10 دراهم بالنسبة إلى الرمال المكسرة، وخفض الرسم من 50 درهما إلى 25 درهما بالنسبة إلى أنواع الرمال الأخرى، وأكد الوزير وجود إشكال حقيقي بالنسبة إلى مداخيل الرسوم على مستخرجات المقالع.

وخلصت اللجنة البرلمانية إلى أن قطاع المقالع مرتبط باقتصاد الريع، وهو ما يتطلب تعزيز المنظومة الشاملة للحكامة من شفافية ومنافسة حرة ونزيهة، والوضوح والسلاسة في كل الإجراءات المرتبطة بالقطاع، وأكدت أن قطاع المقالع يجمع بين مقاولات تشكل نموذجا خطيرا للريع، وأعطت اللجنة نموذجا بمنطقة ساحل «أولاد صخار» بالعرائش، حيث تستغل الجهة نفسها رمال الساحل منذ سنة (1993)، في حين توجد مقاولات أخرى تحتاج إلى تدخل الدولة من أجل إنقاذها من الإفلاس. كما وقفت اللجنة البرلمانية على مجموعة من الاختلالات الأخرى تهم طرق الاستغلال، وتنامي ظاهرة المقالع العشوائية، ونهب رمال الكثبان الساحلية والرمال الشاطئية، وعدم نجاعة المراقبة، والانعكاسات السلبية للمقالع على الساكنة المجاورة والبيئة الطبيعية والبنيات التحتية والعائدات المالية للدولة.

وأوصت اللجنة في البرلمانية في تقريرها، بالتعجيل بوضع مخططات لتدبير المقالع على صعيد كل جهة، والعمل على ضمان التنسيق والانسجام والالتقائية بينها وبين باقي الوثائق الأخرى، من قبيل الإطار التوجيهي للسياسة العامة لإعداد التراب الوطني، والتصاميم الجهوية لإعداد التراب وبرنامج تنمية العمالات والأقاليم، وبرنامج عمل الجماعات، والمخطط الوطني للساحل، والتصاميم الجهوية للساحل، وغيرها من المخططات ذات الصلة.

كما أوصت بوضع مخطط استعجالي للحد من الانعكاسات السلبية لهذا القطاع على العائدات المالية للدولة التي تتجاوز 900 مليون درهم سنويا، وكذا على الباقي استخلاصه بالنسبة إلى الجماعات ومستحقات الجماعات السلالية، مع التوجه نحو إرساء نوع من التوازن بين ثنائية أساسية، تتعلق بالعائدات المالية للدولة والجماعات والجماعات السلالية والمستغل والمواطن من جهة، وبين الضرورة الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والتوازن البيئي من جهة ثانية.

ومن بين توصيات اللجنة البرلمانية، تعزيز المنظومة الشاملة للحكامة من شفافية ومنافسة حرة ونزيهة والوضوح والسلاسة في كل الإجراءات المرتبطة بالقطاع، ووضع حد للتمظهرات الخطيرة للريع بمختلف تجلياته (ساحل أولاد صغار بالعرائش نموذجا، حيث تستغل رمال الساحل نفس الجهة منذ سنة (1993)، والتوجه نحو اعتماد التنافسية والاحترافية في القطاع، وأوصت بمراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة بالمقالع والتوجه نحو منع الاحتكار من خلالها.

وأوصت اللجنة البرلمانية، المصالح والمؤسسات الإدارية المعنية بنفاذ القانون في قطاع المقالع ارتباطا بتعددها، وعدم إنجازها لمهامها على أحسن وجه، وتضارب المعطيات المقدمة من طرفها أحيانا كثيرة، بتحمل مسؤولياتها في ما يجري حاليا بالقطاع، خاصة أن كل الجهات المتدخلة تقر بالاختلالات والإشكالات الحاصلة فيه، وفي الوقت نفسه توصي بتوفير الحماية اللازمة لرجال السلطة والأطر والموظفين الذين ينتقلون للقيام بمهامهم الرقابية، ويتعرضون لاعتداءات مختلفة من طرف عصابات إجرامية متخصصة في نهب الرمال.

وطالبت اللجنة البرلمانية من خلال توصيات التقرير بالقضاء على الممارسات العشوائية في تدبير المقالع، ووضع حد للاحتكار السائد في هذا المجال، بساحل إقليم العرائش، ومقالع الغاسول في إقليم بولمان، وفي باقي ربوع المملكة، وتوصي بوضع حل مستعجل لملف مقالع الغاسول، كما أوصت اللجنة بالعمل على إرساء وتطبيق المبادئ الجديدة في مجال الحكامة والتدبير التي جاء بها القانون رقم 27.13 المتعلق بالمقالع، سيما ما يرتبط بالتوزيع المنصف والعادل لخيرات البلاد، والانتقال إلى نظام اقتصادي عقلاني وشفاف، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والقضاء على الممارسات العشوائية وإضفاء الطابع الاحترافي على القطاع، وتدبيره تدبيرا شفافا، والتشجيع على التنافسية وتأمين عملية تزويد السوق بمواد المقالع وضمان جودتها، وتكثيف المراقبة، وتبسيط المساطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى