مانسيناكش
عزيز الكانة (مدافع الوداد الرياضي)
لو طبقت «الفيفا» تقنية «الفار» في زمننا لتضررت كمدافع من وجودها وكنت أول المستهدفين
حسن البصري
من المدرب الأكثر تأثيرا في عزيز الكانة؟
ما يميز الوداد، وربما الجيش بدرجة ثانية، أن العديد من المدربين الذين أشرفوا على تدريب نادينا دربوا أيضا المنتخب الوطني، أما الذين لعبوا للمنتخب فحدث ولا حرج. من بين المدربين الذين جمعوا بين تدريب الوداد والمنتخب، أذكر بلمحجوب والسطاتي، واللوزاني والزاكي، وكان الطاوسي ومومن في الإشراف التقني. لا ننكر دور با سالم، ولا يمكن أن ننسى الدور الكبير الذي لعبه البطاش والخلفي والسطاتي فضلا عن المدربين الأجانب، أبرزهم مايكل إيفيريت، المدرب الإنجليزي الذي أشرف على تدريب الوداد بين سنتي 1985 و1987، وكان وراء صعود العديد من اللاعبين، ممن يوصفون اليوم بالجيل الذهبي، على غرار الداودي والنيبت، وبويبويض وعزمي وفرتوت، وآخرين. من مميزات مايكل إيفيريت اعتماده على اللياقة البدنية، كان يعلمنا اللعب الواقعي الذي لا يكتمل إلا بلياقة بدنية وانضباط تكتيكي. كان مكوار يجلب مدربين من العيار الثقيل، من منا لا يذكر جون فانسون، المدرب الفرنسي الذي قاد الوداد للتتويج بالبطولة الوطنية موسم 1985-1986. هذا المدرب شارك في نهائيات كأس العالم 1954 وتمكن من تسجيل أول هدف للمنتخب الفرنسي في شباك المنتخب المكسيكي، وهي المباراة التي شارك فيها لاعب ودادي سابق هو بلمحجوب.
هل صحيح أنك تلقيت عرضا لحمل قميص نادي نيم الفرنسي ولم تنل موافقة الوداد؟
اسمح لي أصحح لك المعلومة، فقد اقترح علي صديق لي الذهاب في رحلة عبر القطار إلى جنوب فرنسا، كانت الأسعار حينها مخفضة خاصة بالنسبة للشباب والطلبة، ولم تكن تأشيرة دخول أوربا سارية المفعول. نحن كلاعبين كنا في عطلة قصيرة منحها لنا المدرب البطاش عقب تأهلنا لخوض نهائي كأس العرش سنة 1981 ضد النادي المكناسي، لهذا زرت فرنسا رفقة صديقي وقضينا أياما في مدينة نيم الفرنسية، هذه المدينة الجنوبية التي تذكرنا هندستها المعمارية بروما العتيقة، لكني أخذت معي أمتعتي الرياضية وكنت أجري حصصا في الركض قبل أن أجري حصة تدريبية مع فريق أولمبيك نيم العريق، والذي عرض علي مسؤولوه التوقيع للنادي لكني كنت أتطلع لخوض نهائي كأس العرش ضد الكوديم، لو التحقت بنيم لسجلت اسمي في تاريخ هذا النادي الكبير الذي لعب له النجم المغربي حسن أقصبي.
كان زمن الاحتراف المشروط؟
كان هناك قانون غاشم لا أدري من أصدره وكيف تم تعميمه على اللاعبين وتطبيقه دون استشارتهم. قانون يمنع الاحتراف إلا لمن تجاوز 28 سنة من العمر، أي أنه لكي تحترف في فريق أجنبي عليك أن تكون كبير السن وعلى باب الاعتزال، أما المواهب الواعدة فقدرها أن تلعب الكرة في المغرب إلى أن تدخل مرحلة اليأس الكروي. ربما سبب هذا القرار هو أن البطولة المغربية في تلك الفترة كانت تضم لاعبين أغلبهم حملوا قميص المنتخب الوطني، باستثناء عنصرين أو ثلاثة والباقي كله محلي. لهذا يرى البعض أن القرار في صالح الدوري المحلي لأن نجوم الأندية ظلوا حاضرين في مباريات البطولة وفي المنتخب. هناك عامل آخر كان يقلص انتقال اللاعبين إلى دوريات أوربية، وهو غياب وكلاء اللاعبين وغياب الترويج للمواهب وغياب وسائل التواصل الاجتماعي. أحيانا تستعين المدن الصغرى بمكبرات الصوت لجلب الجمهور عبر سيارة للدعاية على غرار مبارياتنا في الفقيه بن صالح ووادي زم.
كيف حملت لقب المدافع الجلاد؟
نادرا ما كنت أحصل على بطاقة صفراء أو حمراء، رغم أنهم ينعتونني بالجلاد، والحقيقة أنني لاعب رجولي مندفع أملك لياقة بدنية عالية، حاضر بقوة في النزالات الثنائية وكنت أجيد التصدي للكرات العالية، لكن لم يكن لي خيار أمام مهاجمين من الطراز الرفيع، كيف يمكن التصدي للغريسي والبوساتي، وبوسحابة واللائحة طويلة..، أكيد لابد من العنف لكنه لا يصل إلى درجة الاعتداء على الخصوم.
هل هناك عنف مقبول؟
اشتريت من فرنسا أحذية بمسامير حديدية وكنت أستعد للمباريات بارتداء حذاء أشبه بسلاح، وأضع واقي الساق وأحمي قدمي، لأنني كنت أعرف أن مباريات البطولة تحتم علي حراسة مهاجمين من الطراز العالي. لقد تصديت يوما لمهاجم المولودية الوجدية، علاء الدين التميمي، فأصيب بكسر، كان هدافا خطيرا وله لياقة بدنية عالية وتوج رفقة لاعب الوداد مجيدو بنحاكي بلقب هداف البطولة عام 1984 حين أحرز كل منهما 11 هدفا، وفي السنة الموالية عاد لقب الهداف لحميدة بوسحابة من الشرق أيضا وسجل 13 هدفا ثم محمد الشاوش، وهو من المنطقة نفسها وتوج أيضا هدافا للمغرب. كيف يمكن الحد من خطورة هؤلاء الهدافين؟
لكن الغريب في تدخلاتك أنها لم تكن تعرضك لعقوبات انضباطية، كيف ذلك؟
هناك فرق بين الالتحام البدني والعنف العدواني، لهذا لم أكن أحصل على البطائق الحمراء إلا نادرا، لأن الحكام يعرفون حسن نيتي، ويلمسون بسلطتهم التقديرية أن التدخل يكون رجوليا لكن لا نية خشنة من ورائه، ورغم ذلك أقول في قرارة نفسي «الله يسمح ليا». صدقني لو لعبت ضد والدي لتصديت له وكنت له بالمرصاد، لكن بعد نهاية المباراة سيصبح والدي بكل الاحترام الذي أكنه له. ثم إن درجة حبي للوداد هي التي كانت تحولني من مدافع إلى مقاتل.
اليوم تغيرت الأمور بوجود «الفار»، هل كنت لتستطيع اللعب بتلك القتالية التي عرفت عنك في وجود هذه التقنية؟
الفيديو المساعد، «الفار»، تقنية اعتمدها الاتحاد الدولي لكرة القدم للحد من أخطاء التحكيم، رغم أن واقع الحال يؤكد أن دخول هذه التقنية إلى ملاعبنا زاد من اعتراضات الأندية، خلال المواسم الأخيرة، على أداء الحكام، ولم تكن تمر مباراة هامة إلا وتصاحبها اتهامات بين الأندية بشراء الحكام أو المحاباة لصالح ناد بعينه. لو كنت أمارس في زمن «الفار» لكنت أول المتضررين.