محمد اليوبي
اشتكى فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين من العراقيل التي تواجه المستثمرين في قطاع العقار، من بينها تعدد المتدخلين في إعداد وثائق التعمير، وكذلك تعقد المساطر الإدارية، خاصة أمام المراكز الجهوية للاستثمار والوكالات الحضرية التي ترفض جل الملفات بدون مبررات معقولة، أو تتماطل في إبداء الرأي بشأن ملفات التعمير التي تعرض عليها.
وأقر كاتب الدولة المكلف بالإسكان، أديب بن إبراهيم، أول أمس الثلاثاء بمجلس المستشارين، بوجود هذه الصعوبات والعراقيل، وأكد أن أهمية وثائق التعمير تتجلى في مواكبة الدينامية التنموية لمختلف المجالات الترابية وتوفير عرض ترابي ملائم من شأنه استقطاب الاستثمار وتوفير الحاجيات المستقبلية للساكنة من خلال رؤية استشرافية معقلنة.
وأوضح بن إبراهيم أن التخطيط الترابي بالمغرب يواجه مجموعة من الإكراهات، من بينها تعدد المتدخلين وتداخل اختصاصاتهم، مشيرا إلى أن كل وثيقة للتعمير تظل رهينة بإبداء رأي 33 متدخلا وتتطلب 113 توقيعا، وهو ما ينعكس سلبا على مدة إنجاز وثائق التعمير وإخراجها إلى حيز الوجود في الآجال المحددة لها.
ولتجاوز هذه الإكراهات، يضيف بن إبراهيم، عملت الوزارة على تجويد المنظومة القانونية المؤطرة للقطاع، حيث تم إعداد مشروع قانون 90/12 يعنى بوثائق التعمير بناء على المستجدات القانونية والمؤسساتية التي تعرفها البلاد، وعلى مخرجات وتوصيات الحوار الوطني حول التعمير والإسكان. وكشف كاتب الدولة أنه يتم حاليا عرض هذا المشروع على القطاعات المعنية والمهنية، تمهيدا لإخضاعه لمسطرة المصادقة الجاري بها العمل. ويتضمن مشروع هذا القانون مجموعة من المستجدات، أبرزها ضبط آجال الإعداد والدراسة والمصادقة، وإمكانية اللجوء للتحكيم والتدبير اللامادي للبحث العمومي، كما يهدف المشروع إلى تبسيط مسطرة المصادقة بقرار خفض عدد المتدخلين باعتماد اللاتمركز واتخاذ قرار جهوي للمصادقة، مع إمكانية التقييم والمراجعة.
وأضاف كاتب الدولة أنه، في انتظار مراجعة التشريعات المعمول بها، تم تعميم تغطية مجالات التراب الوطني بوثائق التعمير، حيث تمت تغطية 1341 جماعة ترابية من أصل 1503 أي بنسبة 89،2 بالمائة، وهناك 24 مخطط توجيه للتهيئة العمرانية في طور الإنجاز، فضلا عن تسريع وتيرة إنجاز وثائق التعمير حيث تمت المصادقة على 292 وثيقة تعميرية، فضلا عن اعتماد مبادئ جديدة على مستوى نظم التهيئة تتضمن مبدأ القواعد الثابتة والقواعد البديلة ترتكز على مبادئ المرونة، وإدماج شروط تحفيزية لتشجيع الاستثمار، وإنجاز المرافق والتجهيزات ذات المنفعة العامة.
وسبق لوزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، أن كشفت، في عدة مناسبات، عن وجود عراقيل تواجه الاستثمار في قطاع العقار، ودعت إلى إعادة النظر في القانون التنظيمي لوثائق التعمير واعتماد مقاربة جديدة في هذا المجال. وأبرزت الوزيرة أن هذه المقاربة تتمثل في «لاتمركز وثائق التعمير مع المصادقة بقرار، وتحديد المدة وتقليصها، وجعل الوثائق أكثر مرونة، وتحديد مهلة المرافق». واعتبرت المسؤولة الحكومية أن المقاربة الجديدة باتت ضرورية لتجاوز تعقيدات مسطرة إعداد وثائق التعمير، والتي تمر من عدة مراحل (الدراسة، اللجنة المحلية التي تضم ممثلي جميع المصالح الوزارية، البحث العمومي، العرض على المجالس المنتخبة، اللجنة المركزية، وكذلك الإحالة على الأمانة العامة للحكومة للإعلان والنشر).
وأفادت الوزيرة، في هذا الصدد، بأن هذه المساطر معقدة وتتطلب معدل 6 سنوات، وتقتضي 33 متدخلا و130 إمضاء، مبرزة أن وثيقة التعمير وثيقة استباقية تضع تطورا شموليا يمكن من توازن ترابي ومجالي، استقطاب الاستثمار، توفير حاجيات الساكنة من مرافق عمومية والسماح بعرض سكني متنوع.
وأعلنت المنصوري عن نهاية الرخص الاستثنائية في قطاع التعمير، وأنه سيتم تطبيق القانون لمواجهة الفوضى التي يعرفها القطاع والحد من كثرة المتدخلين. وأكدت الوزيرة أن كثرة المتدخلين في قطاع العقار تقتل الاستثمار وتقتل التنمية، موضحة أن الإشكالية الحقيقية التي يعاني منها القطاع، هي كثرة المتدخلين، ما يؤدي إلى صعوبة في توحيد الرؤية، لذلك شددت المنصوري على ضرورة توضيح دور كل متدخل، وأعلنت عن نهاية العمل بالاستثناء في مجال العقار، مشددة على ضرورة العودة إلى تطبيق القانون.