عدوى الإضرابات
وصلت عدوى الإضرابات والاحتجاجات إلى قطاع الصحة، بعدما قررت الشغيلة الصحية خوض إضرابات وطنية عن العمل من المنتظر أن تشل المستشفيات العمومية، عقب العرض الحكومي بشأن الزيادات في أجور العاملين بالقطاع.
بلا شك أن مطلب الزيادة في رواتب هيئة الصحة أمر مشروع، ليس فقط بسبب جعلها تسير بموازاة غلاء المعيشة لتطويق آثارها السلبية، بل لتحقيق الأمان الوظيفي والسلم الاجتماعي.
لكن على الجميع، حكومة ونقابات وهيئة شغيلة، أن يتعلم الدرس مما وقع في قطاع التعليم، فإذا كانت المطالب النقابية مشروعة، فعلى المطالبين بها أن يختاروا الطرق المشروعة والواقعية التي يتناسب فيها الحق الدستوري في ممارسة الإضراب مع الحق الدستوري للمواطن في الصحة.
والكارثة أن تنسخ الهيئة الصحية عبثية احتجاجات وإضرابات تنسيقيات التعليم التي انتهى بها المطاف إلى جر رجال ونساء التعليم نحو التوقيفات وترك الوظيفة وقضايا أمام المحاكم الزجرية.
إن استراتيجية تدبير مطالب الصحة ينبغي أن تتم بشكل مختلف، من لدن وزير الصحة والنقابات الأكثر تمثيلية، قبل أن تسقط الأمور في يد التنسيقيات التي تفكر بمنطق الغنيمة. والأكيد أن الدولة، وهي في عز محنها الاقتصادية والمناخية، وتقف على أطلال أزمة مالية لم تشهدها منذ الاستقلال وتضخم تاريخي وما خلفه من تداعيات مكرهة، عليها أن تسجل نقاطا في مرمى النقابات بتحقيق زيادة واقعية تتناسب مع ارتفاع سلم المعيشة، مع الأخذ بالحسبان فرضيات من أين ستأتي الحكومة بالتمويل لتأمين هذه الزيادة.
المهم في الأمر أننا لسنا في حاجة إلى شل المستشفيات في وجه المصابين بالأمراض المزمنة والذين يحتاجون لتدخلات طبية مستعجلة. فقطاع الصحة لن يحتمل فوضى ما وقع في التعليم، وعلى الجميع التفكير بعقلانية بعيدا عن منطق الغنيمة ومراعاة منطق «لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي».