شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

عجائب وغرائب الإدارة المغربية

استمرار العراقيل والشطط وتجاهل قانون تبسيط المساطر الإدارية

تتميز العلاقة بين المواطنين والإدارة، في أغلب الأحيان، بالتوتر وفقدان الثقة، بسبب تعقيد المساطر والإجراءات الإدارية، وهو ما أكدته مؤسسة «وسيط المملكة» في تقاريرها السنوية التي كشفت من خلالها استمرار «تسلط» و«بيروقراطية» الإدارة المغربية، واشتكت المؤسسة من عدم تفاعل مختلف الإدارات مع التوصيات الصادرة عنها والتجاوب مع شكايات المواطنين. لهذا سارعت الحكومة إلى إخراج القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، الذي دخل حيّز التنفيذ، ويهدف إلى تقوية أواصر الثقة بين الإدارة والمرتفق، وإعادة تأسيس هذه العلاقة على مرجعية محددة تؤطر عمل المرافق العمومية بناء على مساطر دقيقة وشفافة. وشرعت الوزارة الوصية على إصلاح الإدارة في تنزيل مضامين هذا القانون، بإطلاق البوابة الوطنية لتبسيط المساطر الإدارية، وإصدار دوريات بخصوص تسهيل مسطرة الحصول على الوثائق الإدارية، وعدم مطالبة المواطنين ببعضها، وحذف 800 مسطرة إدارية غير قانونية، ورغم كل هذا فإن سلوك بعض الإدارات مازال يتسم بالشطط وتجاهل التوجيهات الحكومية.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

المصادقة على قانون لتبسيط وتسريع المساطر الإدارية والقضائية في عملية الاستثمار

 

 

صادق البرلمان أخيرا على مشروع قانون رقم 17. 95 يتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، قدمه

عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، وهو من المشاريع الأساسية في إصلاح وتحديث منظومة العدالة، حيث تعتبر وظيفة الوساطة والتحكيم من أبرز وسائل حل النزاعات وتعزيز السلم الاجتماعي.

وأكد وهبي، في كلمة تقديمية لمشروع القانون، أنه يأتي استجابة لدعوات سبق أن وجهها الملك محمد السادس بضرورة تطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة والتحكيم والصلح، وأبرز الوزير أن الوساطة أصبحت في بعض الدول مسألة ضرورية ومفروضة بواسطة القانون، موضحا أن التحكيم هو اتفاق بين قضاة يكونون في الغالب ثلاثة، أحدهما يعينه كلا الطرفين، أما القاضي الثالث فيكون باتفاق بين الأطراف أو بطلب من رئيس المحكمة.

وأكد وهبي على أن مشروع القانون سيفتح المجال لرجال الأعمال والشركات والأشخاص لربح الوقت في المقام الأول، ثم لإيجاد حلول لمشاكلهم، فضلا عن إعفاء القضاء من كثير من الملفات التي يمكن حلها بالاستعانة بالوساطة أو التحكيم، وأشار إلى أن هناك نوعين من التحكيم، الوطني والدولي، مبرزا أن جل الشركات التي تعتزم الاستثمار في المملكة تشترط إدراج بند التحكيم، ومنه التحكيم الدولي، ضمن نص العقد المبرم.

ويأتي مشروع القانون في سياق استكمال تنزيل المخطط التشريعي الذي التزمت به وزارة العدل في مجال إصلاح منظومة العدالة، وتحديث وتطوير المنظومة القانونية الوطنية المؤطرة لمجال المال والأعمال. كما سيكون لهذا القانون أثر أكيد في تخفيف الاختناق القضائي، وفي تمكين الولوج إلى العدالة وتعزيز السبل البديلة لحل النزاعات، سيما وأن إقرار هذا القانون من شأنه أن يعزز الجهود الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار، اعتبارا لما ينتج عن الإقلاع الاقتصادي من تعقيدات ومنازعات تؤدي إلى تراكم القضايا الرائجة في المحاكم، وإرهاق كاهل القضاء.

وجاء هذا القانون استجابة للرغبة الملحة للمستثمرين في تبسيط وتسريع المساطر الإدارية والقضائية في عملية الاستثمار، ومنها مسطرة التحكيم والوساطة، وسعيا إلى تأهيل القضاء لمواكبة التحكيم، من خلال تبسيط مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية والاعتراف بأحكام المحكمين الصادرة فيها، من خلال فصل المقتضيات المنظمة للتحكيم والوساطة الاتفاقية عن قانون المسطرة المدنية، مع تحيينها وإدخال التعديلات اللازمة عليها لتواكب المستجدات التي عرفتها التجارة الدولية. وتبرز أهمية الوسائل البديلة في حل المنازعات، ومنها الوساطة والتحكيم كآلية فعالة تحقق السرعة والمرونة والفعالية في المساطر، والسرية في الإجراءات، والاقتصاد في النفقات، والحفاظ على الروابط الاقتصادية والتجارية بين الأطراف، فضلا عن ترسيخ السلم الاجتماعي، لكون الطموح إلى توفير المناخ المناسب للاستثمار لا يتوقف عند تحديث التشريعات والقوانين فقط، وكما أكد على ذلك الملك في رسالته الموجهة إلى المشاركين في الدورة الثانية لمؤتمر العدالة بمراكش يومي 21 و22 أكتوبر 2019، إنه يتجاوزه إلى توفير الضمانات القانونية والاقتصادية الكفيلة بتحقيق الثقة في النظام القضائي، وتوفير الأمن الكامل للمستثمرين، وإقامة نظام قانوني ملائم يتوخى الحد من المنازعات. كما أن أهمية الوسائل البديلة أصبحت تشكل، في إطار العدالة التصالحية، أداة استراتيجية ليس فقط لتشجيع التجارة والاستثمار، وإنما أيضا لإعادة بناء العلاقات بين مختلف الفاعلين.

ويندرج ورش إعداد مدونة خاصة بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، التي أعدتها وزارة العدل وفق مقاربة تشاركية تميزت بإشراك كل الفاعلين والمتدخلين في هذا الموضوع، ومنهم القضاة والمحامون والأساتذة الجامعيون والحقوقيون، والمحكمون والوسطاء، ومختلف المهتمين بهذا الموضوع، وأفضت إلى إعداد مدونة متكاملة، (يندرج) في إطار عزم المغرب على مواكبة التطور الذي يعرفه في المجال الاقتصادي والقانوني، ومواكبة للأوراش الكبرى التي تم فتحها، والتي استهدفت بالأساس دعم المقاولات وخلق بيئة مناسبة لإنتاج الثروة والاستثمار وتنشيط الدورة الاقتصادية، وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، وكذلك استجابة للرغبة الملحة للمستثمرين في تبسيط وتسريع المساطر الإدارية والقضائية، وتنزيلا للتوصيتين رقم 137 و138 من ميثاق إصلاح منظومة العدالة، اللتين أكدتا على ضرورة تطوير نظام الوساطة كحل بديل لفض النزاعات، وتشجيع اللجوء إلى الصلح والتحكيم.

ويتضمن القانون مجموعة من المستجدات، أهمها توسيع مجال التحكيم الداخلي ليشمل كذلك النزاعات ذات الطابع المدني، واعتماد خيار عدم إخضاع المحكم لرقابة أي جهة قضائية، مع ترك أمر تحديد لائحة المحكمين لنص تنظيمي، وتخويل أطراف النزاع ورئيس المحكمة، حسب الحالة، إمكانية تعيين الهيئة التحكيمية من خارج قائمة المحكمين. كما تم التنصيص في مشروع هذا القانون على إمكانية إبرام اتفاق التحكيم واتفاق الوساطة الاتفاقية بواسطة رسالة إلكترونية معدة، وفقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل، وذلك انسجاما من جهة مع التوجه الجديد الذي تبناه المشرع المغربي، بخصوص استغلال الوسائل التكنولوجية الحديثة في المعاملات القانونية، كالمنصات الإلكترونية والتسجيل الإلكتروني في بعض السجلات، ومن جهة ثانية، مع ما تتطلبه عملية حل النزاعات عن طريق الوسائل البديلة من سرعة ويسر وفعالية.

حذف 800 مسطرة إدارية غير قانونية

 

 

أفادت غيثة مزور، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، في إحدى جلسات مجلس النواب، بأن الحكومة قررت حذف 800 مسطرة إدارية، بعدما تبين أنها لا تتوفر على أي سند قانوني.

وأوضحت الوزيرة في ردها على سؤال شفوي حول «تعدد المساطر الإدارية»، تقدم به الفريق الاشتراكي، أن وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وعيا منها بالمهام المنوطة بها في هذا المجال، وانسجاما مع الخطابات الملكية، بلورت رؤية مندمجة حول تطوير الإدارة وتحديثها، وتبسيط خدماتها وتقريبها من المرتفق، وفي هذا الصدد، تضيف مزور، نص القانون رقم 19. 55 المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية على مقتضيات تروم بالأساس عدم مطالبة المرتفق بأكثر من نسخة واحدة من ملف الطلب ومن الوثائق المكونة، وعدم مطالبته بتصحيح الإمضاء والإشهاد على مطابقة نسخ الوثائق لأصولها، كما يؤطر القانون آجال معالجة الطلبات، وضمان حق المرتفق في الطعن الإداري وإلزامية رقمنة المساطر، وضمان حق المرتفق في الطعن الإداري وإلزامية رقمنة المساطر، واعتماد التبادل الإلكتروني للبيانات في ما بين الإدارات، بدل مطالبة المرتفقين بالإدلاء بوثائق إدارية توجد بحوزة إدارات أخرى.

وأكدت الوزيرة أن وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة قامت بتفعيل الإجراءات الضرورية لتنزيل مقتضيات هذا القانون على أرض الواقع، حيث عملت على مواكبة الإدارات في إعداد مصنفات القرارات الإدارية، وتدوين جميع الـمساطر التي تدخل ضمن مجال اختصاصها، حيث تم تكوين حوالي 2500 موظف، كما تم تدارس 168 مصنفا يهم إدارات عمومية، بما مجموعه 3832 قرارا إداريا، وتم حذف ما يفوق 800 مسطرة لا تتوفر على سند قانوني.

وفي هذا الإطار، أضافت مزور أن الوزارة انخرطت في إعداد البوابة الوطنية للإدارة «إدارتي»، وهي منصة رقمية توفر للمرتفقين المعلومات اللازمة لحصولهم على القرارات الإدارية التي تمت المصادقة عليها من طرف اللجنة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية وتم نشرها بالبوابة، والتي بلغ عددها ما يقارب 2700 قرار إداري موحد.

وحسب الوزيرة، سيتم تسريع مواصلة تنفيذ هذا الورش من خلال تفعيل خريطة طريق تنزيل جميع مقتضيات القانون المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، ومواصلة مواكبة وتأطير الإدارات في ذلك عبر القيام بدورات تكوينية وورشات إدارة التغيير لفائدة 8500 مستفيد من الإدارات، وكذا تنظيم حملات تحسيسية وتواصلية لدعم ومواكبة كافة الإدارات، لتنزيل هذا القانون على أرض الواقع.

وأشارت مزور إلى أن الوزارة تقوم بمواكبة الإدارات بهدف تبسيط هذه المساطر، وفي هذا الإطار، نوهت بمشروع قوي وهو «الربط البيني» أعدته وكالة التنمية الرقمية، وهو عبارة عن منصة للتبادل البيني تمكن من ربط قواعد المعطيات للإدارات العمومية، في أفق تعميمها على مستوى جميع الإدارات العمومية، وذلك بدل مطالبة المرتفقين بالإدلاء بوثائق إدارية توجد بحوزة إدارات أخرى.

رقمنة الإدارة.. عثرات في مواجهة التنزيل الفعلي

 

كشفت دراسة صادرة عن وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لمعالجة العقبات المتعلقة برقمنة الخدمات الإدارية، وتظهر الدراسة التي صدرت، قبل عامين، أن 23 في المائة من الخدمات فقط تمت رقمنتها، وهو ما يؤكد ضعف الجاهزية الإلكترونية لتقديم الخدمات الإدارية للمواطنين. كما أن تطور الخدمات الإلكترونية بشكل كبير خلال العقد الماضي، لم يكن له تأثير إيجابي على جودة الخدمات المقدمة، خصوصا تلك التي تتطلب تعاملات ووثائق تنتجها إدارات أخرى.

وأشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تقييم الخدمات الإدارية على الإنترنت إلى أن التطور الإيجابي المسجل لا ينعكس على أرض الواقع، خاصة الخدمات المتعلقة بتأسيس الشركات وتسجيل السيارات وجمع المعلومات الإحصائية، رغم إدراجها ضمن أهداف برنامج الحكومة الإلكترونية. ووقف المجلس على قصور في الوظائف المتوفرة لتقديم الخدمات العمومية عبر البوابات الإلكترونية المؤسساتية، من بينها النقص في الشفافية في تقديم الخدمات، وعدم نشر البيانات العمومية بطريقة تمكن من إعادة استخدامها بسهولة.

ويقول خبراء المجلس إن المغرب لم يعرف أي تقدم ملموس في ما يخص الموارد البشرية، حيث بقي في أسفل الترتيب محتلا المركز 148 عالميا، أما من حيث تطور البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات فتصنف البلاد في المركز 104، مما يشكل عائقا أمام استعمال واسع للخدمات الرقمية المقدمة من طرف المرافق العامة للدولة.

ووفق تصنيفات دولية فقد احتل المغرب المركز الثاني إفريقيا، خلال الربع الأول من سنة 2019، كأوسع التغطيات الشبكية للاتصالات عبر تقنية الجيل الرابع، والمركز الثالث على مستوى التصنيف الخاص بأسرع الشبكات في ما يخص تحميل الملفات عبر الإنترنت، ويعتبر الوقوف في وجه هذه المشاكل والتحديات أمرا ضروريا، لرفع النضج الرقمي للخدمات الإدارية وتحسين أداء الإدارة.

وكانت توصيات للمجلس الأعلى للحسابات دعت إلى اعتماد ونشر الاستراتيجية الرقمية الوطنية بشكل رسمي، والتركيز على الخدمات القريبة من اهتمامات ومتطلبات المتعاملين، والاعتماد على المقارنة المرتكزة على «أحداث الحياة» التي تعتمدها دول أوروبا، ويُقصد بأحداث الحياة تلك التي تهم حياة المواطن، وهي فقدان العمل والبحث عنه، والشروع في إعداد شكوى، وحيازة وسياقة سيارة، ومتابعة الدراسة في الجامعات، وتأسيس شركة، والقيام بأول الإجراءات والقيام بالعمليات الاعتيادية للشركة.

وسيخدم تحديث وتطوير أداء الإدارة المغربية والولوج إلى خدماتها بواسطة الوسائل التكنولوجية، وتسخير البنية التحتية لتكنولوجيات الاتصال، (سيخدم) المبادرات الحكومية والشركات للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها ستعمل على الاستجابة لاحتياجات المواطنين وتخطي كل العوائق أمام رواد الأعمال، خصوصا في ما يتعلق بخدمات تغطي مختلف المجالات، مثل التكوين والاتصالات والتسويق، وحتى تطوير نماذج للأعمال.

وقد وضعت الحكومة التحول الرقمي ضمن أولويات مشروع القانون المالي لهذه السنة، معتبرة إياه رافعة للتنمية، إلى جانب القطاعات التي تتطلب نهوضا خاصا بها بفعل تأثرها بالجائحة، وهي التعليم والبحث العلمي والصحة والتشغيل والحماية الاجتماعية. ومع إعداد مشروع قانون للإدارة الرقمية، تهدف من خلاله إلى وضع إطار تشريعي لتقنين وتسريع التحول الرقمي للإدارة المغربية، بما يتيح تفعيلا للرقمنة والتدبير اللامادي للخدمات الإدارية، يهدف إلى توفير قاعدة قانونية ملزمة لتحقيق التكامل الرقمي بين الإدارات، بما يتيح لها إمكانية الولوج المتبادل إلى البيانات، وبالتالي إعفاء المواطن من الإدلاء بوثيقة لإدارة معينة توجد في حوزة إدارة أخرى.

كما أن الحكومة المغربية جعلت من إصلاح الإدارة العمومية، عملا بالتوجيهات الملكية السامية، حجر الزاوية لكل إصلاح اقتصادي واجتماعي للدفع بعجلة التنمية وتقديم أفضل الخدمات، نحو مسعى عام يتمثل في جعل الإدارة فعالة وفي خدمة المواطن، وذلك بتقريب الإدارة من المرتفقين وتحسين خدماتها عبر تسريع وتيرة التحول الرقمي، انسجاما مع الاختيارات الكبرى التي استند إليها النموذج التنموي الجديد للمغرب، تعمل على جعل المُرْتَفِقِ في صلب برنامج عملها، وذلك عبر تبني عدد من المشاريع والبرامج الرامية إجمالا إلى تحسين الخدمات الإدارية، وتبسيط مساطرها ورقمنتها خدمة للمواطن والمقاول.

استمرار متاعب المواطنين مع تصحيح الإمضاء ومطابقة نسخ الوثائق لأصولها

 

 

رغم شروع وزارة إصلاح الإدارة في تفعيل القانون المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، والذي ينص على إعفاء المواطنين من مجموعة من الوثائق التي تطلبها الإدارة، مازالت العديد من الإدارات تطالب المواطنين بهذه الوثائق.

وأوضحت كبسولة توضيحية لما جاء به القانون أنه ليس من حق الإدارة أن تطلب أكثر من نسخة واحدة من الوثيقة نفسها، كما أنه ليس من حقها أن تطلب من المرتفقبن تصحيح الإمضاء أو المصادقة على مطابقة نسخ الوثائق لأصولها، أو المطالبة بوثيقة متاحة للعموم.

وأكدت الوزارة أن جميع الإدارات ملزمة بتوفير خدمة الإشهاد على مطابقة النسخ لأصولها، لفائدة المرتفقين الذين يترددون على الإدارة من أجل إجراءات إدارية، وذلك طبقا للمرسوم المتعلق بتحديد كيفيات الإشهاد على مطابقة نسخ الوثائق لأصولها.

ومن أجل تحسين جودة الخدمات، تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستعجالية، من قبيل إصدار مرسوم بشأن تحسين الخدمات الإدارية يحدد الإطار العام لتحسين الخدمات الإدارية وكذا ضوابط وقواعد تحسين استقبال المرتفقين وتسهيل حصولهم على الخدمات الإدارية وآليات الحكامة،  وكذلك إصدار مرسوم بشأن الإشهاد على مطابقة نسخ الوثائق لأصولها وعلى صحة الإمضاء، يهدف إلى إضفاء المرونة على تقديم هاتين الخدمتين وتسهيل الحصول عليهما.

وأصدر رئيس الحكومة السابق منشورا جديدا يقضي بتفعيل المرسوم المتعلق بـ«تحديد كيفيات الإشهاد على مطابقة النسخ لأصولها»، والذي يمنح «صلاحية الإشهاد لجميع الإدارات العمومية التي تطلب هذه المطابقة كشرط للحصول على خدماتها»، دون أن يلغي ذلك اختصاص الجماعات الترابية في تقديم هذه الخدمة.

ودعا رئيس الحكومة، في منشوره، إلى «تأهيل الإدارة للقيام بالإشهاد على مطابقة نسخ الوثائق لأصولها بالمجان، وبشكل فوري، كلما تعلق الأمر بوثائق مطلوبة للحصول على خدمة عمومية تقدمها هذه الإدارة للمرتفقين، أشخاصا ذاتيين كانوا أو اعتباريين».

ويهدف هذا المرسوم إلى «جعل خدمة مطابقة نسخ الوثائق لأصولها ميسرة وأكثر قربا من المرتفقين، وذلك بتوسيع صلاحيات تقديم هذه الخدمة لتشمل، بالإضافة إلى السلطات والهيئات المخول لها ذلك بمقتضى النصوص التشريعية والتنظيمية، الإدارة بمفهومها العام أي كافة الإدارات التابعة للدولة والمؤسسات العمومية الموضوعة تحت وصايتها وكل إدارة تابعة لأي شخص اعتباري من أشخاص القانون العام، أو أي شخص اعتباري آخر مكلف بتدبير مرفق عمومي».

وينص المرسوم على أن «تضع الإدارات العمومية سجلا خاصا، على غرار ما هو معمول به في المصالح التابعة للجماعات المحلية، يحتفظ بتاريخ عمليات الإشهاد التي جرت فيها، مع إعطائها رقما ترتيبيا وتضمينها رقم وثيقة التعريف التي تم الإدلاء بها وهوية الموظف أو العون الذي أنجز العملية».

هذا واستثنى المرسوم كلا من «العقود الخاصة بالمعاملات العقارية» من الوثائق التي يمكن الإشهاد بمطابقتها في أي إدارة عمومية، كما استثنى المصادقة على أي وثيقة «في حالة وجود شك في صحة وثيقة التعريف المدلى بها، أو في حالة كان المعني بالوثيقة قد قام بإيداع نموذج لتوقيعه في أحد مكاتب الجماعات المحلية، وحالات المنع التي ينص عليها القانون».

ويعهد المرسوم إلى «المسؤولين أو الموظفين أو المستخدمين المنتدبين لهذا الغرض بالإشهاد على مطابقة نسخ الوثائق لأصولها باسم الإدارة المعنية، سواء على صعيد المصالح المركزية أو المصالح اللاممركزة جهويا أو إقليميا أو محليا، من قبل رئيس الإدارة المذكورة، كما يمكن لرئيس الإدارة المعنية تفويض اختصاصه في انتداب المسؤولين أو الموظفين أو المستخدمين إلى أي مسؤول من المسؤولين التابعين له سواء على صعيد المصالح المركزية أو اللاممركزة التابعة لإدارته».

وتبعا للمرسوم ذاته، فإن «جميع الإدارات التي تصدر وثائق رسمية لفائدة المرتفقين للإشهاد على مطابقة النسخ لأصول الوثائق الصادرة عنها، تؤهل أيضا من أجل الإدلاء بها لدى أي جهة أخرى، كما يمكن لهذه الإدارات، حسب الإمكانات المتاحة، تسليم نسخ مشهود بمطابقتها لأصولها بطلب من المرتفق، عند الاقتضاء». وأوضح المرسوم أن الإشهاد على النسخ يكون بعد مقارنة المسؤول الوثيقة الأصلية مع النسخة المراد الإشهاد على مطابقتها والتأكد من صحتها، وخلوها من أي مانع من الموانع المنصوص عليها في القانون، مشيرا إلى أنه بعد التأكد من صحة الوثيقة يقوم المسؤول بوضع طابع الإشهاد على كل نسخة، إلى جانب اسمه وصفته وتاريخ العملية.

وأكد المرسوم على عدم مطالبة المرتفقين بتقديم نسخة أو نسخ من وثائق مطابقة لأصولها إلا في حالة وجود نصوص تشريعية أو تنظيمية تنص على ذلك، إلى جانب تأهيل الإدارة للقيام بالإشهاد على مطابقة نسخ الوثائق لأصولها بالمجان وبشكل فوري.

وثيقة تعمير تتطلب 6 سنوات و33 متدخلا و130 إمضاء

 

 

دعت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، إلى إعادة النظر في القانون التنظيمي لوثائق التعمير واعتماد مقاربة جديدة في هذا المجال.

وأبرزت الوزيرة، في معرض ردها على سؤال شفوي حول «التأخر في إصدار تصاميم التهيئة»، تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أن هذه المقاربة تتمثل في «لاتمركز وثائق التعمير مع المصادقة بقرار، وتحديد المدة وتقليصها، وجعل الوثائق أكثر مرونة، وتحديد مهلة المرافق».

واعتبرت المسؤولة الحكومية أن المقاربة الجديدة باتت ضرورية لتجاوز تعقيدات مسطرة إعداد وثائق التعمير، والتي تمر من عدة مراحل (الدراسة، اللجنة المحلية التي تضم ممثلي جميع المصالح الوزارية، البحث العمومي، العرض على المجالس المنتخبة، اللجنة المركزية، وكذلك الإحالة على الأمانة العامة للحكومة للإعلان والنشر).

وأفادت الوزيرة، في هذا الصدد، بأن هذه المساطر معقدة وتتطلب معدل 6 سنوات، وتقتضي 33 متدخلا و130 إمضاء، مبرزة أن وثيقة التعمير وثيقة استباقية تضع تطورا شموليا يمكن من توازن ترابي ومجالي، استقطاب الاستثمار، توفير حاجيات الساكنة من مرافق عمومية والسماح بعرض سكني متنوع.

وأكدت المنصوري أن وثائق التعمير أدوات تقنية ولكنها أيضا وثائق استراتيجية لإنزال جميع السياسات العمومية، وأشارت إلى أن %80 من التراب أي 1201 من أصل 1530 جماعة مغطاة بتصاميم التهيئة، لكن هناك مشاكل تواجه الوزارة، تتجلى في أن أغلب المدن الكبرى غير مغطاة بوثائق التعمير، وفي الوقت نفسه هي التي تعاني من أكبر ضغط معماريّ، بالإضافة إلى تعقيد المساطر، وتحدثت عن غياب إرادة لتفعيل هذه الوثائق، وعبرت عن متمنياتها أن تكون هي الوزيرة التي ستكتشف اللقاح المضاد للفساد، مؤكدة أن الإرادة السياسية متوفرة لدى الحكومة الحالية، حيث انطلقت الوزارة في تسريع إنتاج تصاميم التهيئة، من خلال المصادقة على 17 وثيقة في ظرف ثلاثة أشهر، رغم الإكراهات المسطرية، مشيرة إلى أن وثيقة التعمير الواحدة تتطلب 113 توقيعا قبل المصادقة عليها، ويتطلب إنتاج الوثيقة مدة 6 سنوات في حين أن عمر هذه الوثائق هو 10 سنوات.

كما تعمل الوزارة، حسب الوزيرة، على إعداد مشروع قانون يتعلق بوثائق التعمير لتجاوز الإكراهات والصعوبات المطروحة، وتعتبر هذه الوثائق من الجيل الجديد أكثر مرونة لفائدة مشاريع الاستثمار الكبرى الخالقة لفرص الشغل، وأكدت أن الوزارة تسعى لإحداث جيل جديد من وثائق التعمير «ستتسم بالمرونة في ما يخص كناش التحملات مما سيسمح بتعزيز الاستثمارات»، وأوضحت أن الحكومة الحالية، وفي إطار استراتيجيتها لتشجيع الاستثمارات، اتخذت عدة إجراءات، من قبيل تعميم دورية 6 دجنبر التي طالبت الوكالات الحضرية بإعادة النظر في العديد من المشاريع التي رفضتها سنة 2021 بسبب مشاكل إدارية»، مسجلة أن هذه المشاريع من شأنها أن تجلب استثمارات بقيمة 27 مليار درهم، والإسهام في خلق فرص الشغل.

ثلاثة أسئلة

 

عبد الحفيظ أدمينو*

 

*أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي

 

 

«إصلاح الإدارة العمومية يستوجب الشمولية والموظف عنصر مهم»

 

 

لماذا تستعصي الإدارة العمومية على الإصلاح؟

يجب التأكيد على أن الاصلاح موضوع مستمر في تاريخ الإدارة العمومية في المغرب، والإصلاحات الإدارية يمكن أن نقسمها إلى ثلاثة أجيال من الإصلاحات، أولها الذي انطلق في السنوات الموالية للاستقلال بالمغرب، وكان الهاجس، حينها، هو بناء إدارة قوية وعصرية تجسد مركزية الدولة في المغرب، وبالتالي كان التركيز بشكل كبير على بناء المؤسسات والهيكلة الإدارية، وأيضا حتى إنتاج النصوص القانونية التي من شأنها تأطير هذا الوضع. وهذه السلسلة من الإصلاحات التي شهدتها الإدارة العمومية في ذلك الحين، أدت إلى فرز واقع امتد منذ بداية السبعينات إلى بداية الثمانينات، حيث أصبحنا في مواجهة تضخم كبير على مستوى الوحدات الإدارية، وكذلك أشكال من تدخل الدولة التي أخذت عدة أنماط، كالإدارة العمومية، والقطاع العام، والمؤسسات العمومية، ووكالات وهيئات، وكلها كانت مؤسسات وراء توظيف عدد كبير من الموظفين، وهو ما خلق إشكالا ربما نعيشه لليوم، يتعلق بتعدد الأنظمة الأساسية، حيث هناك حوالي 55 نظاما أساسيا، وهو الأمر الذي خلف تكاليف مالية إضافية، لتبدأ مرحلة أخرى وجيل آخر من الإصلاحات، خصوصا بعد توجيهات المؤسسات المالية المانحة. وكان الهاجس هو التقليص من كلفة الإدارة في الناتج الخام الإجمالي، وبالتالي كان قد انطلق التفكير في تقليص البنيات الإدارية والعدد الإجمالي لموظفي الإدارات العمومية، وهي  العملية التي لم تؤتي أكلها، وقد كشف ذلك تقرير البنك الدولي لسنة 1995. هنا انتقلنا إلى مستوى آخر من الإصلاح الإداري، حيث بدأ الاهتمام بالجانب التخليقي في الإدارة والجانب المتعلق ببنيات الاستقبال، وتكرس هذا الأمر مع حكومة التناوب والمناظرة الوطنية التي جرى تنظيمها سنة 2002، وغيرها. ثم جاء الجيل الثالث من الإصلاح الإداري، وهو الذي يرتكز على الموجة المتعلقة بالتحول الرقمي والحديث عن الإدارة الرقمية التي تنظر للخدمة الإدارية من عدة جوانب، منها المتعلقة بتطوير الخدمات الإدارية الرقمية، والتركيز على المنصات الرقمية والخدمات الرقمية وجواب الإدارة واستقبالها الشكايات وغيرها.

يمكن القول إنه على الرغم من كل هذه الأشواط التي  سلكتها الإدارة من أجل الإصلاح، لم يتم يوما ما أن حسمنا في موضوع الإصلاح، كما هو الشأن، مثلا، بالنسبة للنظام الأساسي  للوظيفة العمومية، الذي عرف من الاستقلال إلى اليوم حوالي 15 تعديلا تشريعيا، غير أنه، رغم ذلك، لم يستطع تكييف الوظيفة العمومية مع تحولات الإدارة. ورغم ما تضمنه من مستجدات بخصوص الحديث عن إدارة النجاعة والفعالية، مازالت آليات التقييم والتحفيز داخل الإدارة العمومية تعود لسنوات 1958، زيادة على ورش اللاتمركز الإداري، وهو  الورش الذي لم ينته بعد، وبدأ العمل عليه بعد الاستقلال، وتم إصدار عدد من المراسيم في هذا الشأن، ومازلنا في 2022 نتحدث عن ضرورة تعزيز اللاتمركز الإداري، والشأن نفسه في موضوع تبسيط المساطر وغيره من المواضيع المرتبطة بالإدارة.

 

ماذا بخصوص رقمنة الإدارة، ما سبب تعثر هذا المشروع؟

مشروع الرقمنة تحول هيكلي بالنسبة للإدارة العمومية، غير أن الأمر لا يتعلق فقط برقمنة بعض الخدمات، بل يرتبط بالإطار المتعلق بالموارد البشرية، وما يتطلبه الأمر من جيل جديد من الموظفين، أو تكوين الموظفين الحاليين لمسايرة هذا التحول، وكذلك على مستوى الثقافة الإدارية، على اعتبار أن التحدي الحاصل اليوم يتمثل في الثقافة الإدارية، حيث إن المواطن اليوم يواجه صعوبة في التعامل مع الرقمنة، وهذا مرتبط بالأمية الرقمية، خصوصا إذا تحدثنا عن وجوب أن تكون هذه الرقمنة حاملا للخدمة الإدارية على مستوى جميع التراب الوطني، وليس فقط في المدن الكبرى ومحور الرباط والدارالبيضاء. وهنا يطرح الإشكال المتعلق بعدم وجود الفضاء الذي من شأنه أن يحتضن هذه الرقمنة، حيث إن المواطن مازال يعاني من مشكل الولوج، وأيضا غياب التجهيزات على مستوى الإدارة العمومية، خصوصا في المناطق النائية والقرى، وكلفة الولوج للأنترنت وغيرها من الأمور التي غابت في هذا الأمر، وكأن مسألة الرقمنة شأن داخلي بالنسبة للإدارة، وهذا، في نهاية المطاف، يحد من النتائج المتوخاة منها، دون إغفال أنه لا يوجد منظور شامل للإصلاح على اعتبار أن الرقمنة مشروع ضمن مشاريع متعددة للإدارة العمومية، وجوهرها الموظف العمومي، فأي موظف عمومي نريد لهذه الإدارة العمومية؟ هل هو الموظف المحدد فقط في ظهير 24 فبراير 1958؟

 

ما سبب تأخر وتعثر تبسيط المساطر الإدارية؟

يجب التمييز بين مستويين، على المستوى التشريعي والقانوني، يمكن القول اليوم إن هناك قانونا يتعلق بتبسيط المساطر الإدارية، وهو القانون الذي يضع الأسس والأهداف والقواعد لعملية التبسيط، زيادة على عدد من النصوص التطبيقية المرتبطة بهذا النص، والجانب التنظيمي الذي يعرف نوعا من التخبط، بمعنى أن وتيرة التبسيط مازالت متعثرة، لذا وجب العمل على عدد من الجوانب المحددة، منها المتعلقة بالشبابيك الوحيدة، والتنسيق بين الإدارات والقطاعات الحكومية. وفي تقديري فتبسيط المساطر دخل أيضا في الجانب الرقمي والتقني، ولكن ليست له الأبعاد المرجوة والتي كانت متوقعة، وهو ما يظهر أنه يتطلب المزيد من المجهود الذي بدونه سيبقى ورش التبسيط مجرد قواعد قانونية دون الحضور الفعلي في الحياة اليومية للمرتفقين أساسا.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى