شوف تشوف

الرئيسية

عبد العالي الزروالي.. مهندس الماء الذي اقترن بسميرة الفيزازي مقدمة النشرة الجوية

ولدت سميرة الفيزازي ونشأت في مدينة الناظور، وسط أسرة محافظة مكونة من خمسة أفراد من بينهم ابن واحد. كانت سميرة هي أول العنقود والقاطرة التي تقود باقي الأشقاء. في الناظور تابعت تعليمها الابتدائي والثانوي، قبل أن تقرر دخول المحراب الجامعي خارج الريف حين شدت الرحال إلى العاصمة الرباط لطلب العلم، دون أن تفرط في وصايا والديها وحكماء أسرتها الذين ساندوا رحلة شابة عاشقة للتلفزيون. كانت تعليمات الأب صارمة لأنها صادرة عن رجل سلطة، لا يقبل بغير التنفيذ المعجل لقراراته.
حين دخلت سميرة الفيزازي مقر التلفزيون المغربي في منتصف الثمانينات، كانت تمني النفس بصفة مقدمة أخبار، لكنها قررت أن تصعد من أسفل الدرج، بعد أن اشتغلت محررة تغرس رأسها في قصاصات الأنباء.. لكن، وضد كل التوقعات المهنية، قادها القدر نحو تقديم نشرة أحوال الطقس، بعد مرض طارئ لإحدى مقدمات هذه الفقرة التي كانت تتابعها سميرة بحماس، خاصة حين كان أمرها موكولا للفنان عزيز الفاضيلي.
وقع الاختيار على سميرة الفيزازي لتقديم نشرات الأحوال الجوية، وأصبحت متابعة للنشرات الأجنبية للوقوف على أهم مستجدات تقديم هذه الفقرة التي تشد اهتمام المتلقي خاصة أثناء ارتفاع صبيب التساقطات المطرية، أو حين ينحبس الغيث، فيتجمع الناس حول النشرة أملا في الانفراج.
استأنس المغاربة بالوجه الحسن لسيدة الأرصاد الجوية، واعتبروها «وش» خير على البادية، حين تبشر الناس باقتراب «سحب محملة بالمطر»، كما عرفت بين زملائها في العمل بالصبر والجدية في العمل.
عاشت سميرة أول محنها حين فقدت والدها الذي كانت له مكانة خاصة في وجدانها، إذ ظلت تمني النفس ببقائه على قيد الحياة حتى تتقاسم معه الحلو والمر وترد دين دروس التربية على الوفاء والمواطنة التي تعلمتها منه. لا تفوت سميرة الفرصة لتعرب عن مكانة والدها، بل إنها لا تتردد في إهدائه فيض الثناء الذي ينهال عليها في كل تكريم، ما يجسد مكانة الغائب الأكبر الذي هو الأب.
بعد ظهورها على الشاشة، لفتت سمير اهتمام المهندس عبد العالي الزروالي، الذي سيقرر مفاتحتها في موضوع زواج ضد كل التوقعات، خاصة أن خريج المدرسة المحمدية للمهندسين لا علاقة له بالوسط المهني ولا يتقاسم مع سميرة إلا الرغبة في تكوين عش الزوجية.
كانت نقطة الالتقاء الوحيدة بين الفيزازي والزروالي هي الماء، فمقدمة النشرات الجوية كانت تقضي سحابة يومها في انتظار الغيث والماء، بينما كان زوجها يرابط في مختبر المكتب الوطني للماء الصالح للشرب وهو يحلل ويتفحص صبيب المياه، لذا ظل كل طرف يمد الآخر بما جد في عالم الماء.
رزق الزوجان ببنتين تواصلان تعليمهما العالي، غير بعيد عن تخصص الوالدين.. «لينا» تدرس علوم الإعلام في العاصمة الفرنسية، أما «آية» فحلم الهندسة لا يفارقها. لكنهما مدينتان معا للأسرة بنعمة التربية الفضلى، إذ رغم انشغالات الزوجين فإنهما لم يترددا في مسك خيوط التربية، إيمانا منهما بأن «أمن المجتمع مرتبط ارتباطا وثيقا بأمن النواة الأولى وهي الأسرة، مصدر المودة والرحمة في الحياة الأسرية، والاحترام والتقدير المتبادل بين الزوجين»، كما تقول سميرة.
في حوار سابق لسميرة مع «الأخبار»، وصفت زوجها عبد العالي الزروالي بالصديق تارة والأخ تارة أخرى، وقالت في ما يشبه الاعتراف: «لقد ساعدني كثيرا في حياتي بنصائحه، له خبرة كبيرة وهو رجل ناضج بمعنى الكلمة.. تعلمت منه النضج وتعلمت من والدي، رحمه الله، الصرامة والانضباط، فيما ورثت عن والدتي الرقة والحنان».
رافق عبد العالي زوجته في رحلة المرض حين داهمها داء السرطان، إذ تحول إلى طبيب بيت يحرص على تنفيذ تعليمات طبيب المصحة، ضخ في شرايين زوجته حقنة العزيمة التي هي السلاح القوي للتغلب على الداء، ما مكنها من العودة إلى عملها في «دار البريهي»، لكن دون أن تظهر على الشاشة لأن رحلة المرض زادت من وزنها بسبب تناول أدوية عصرية وشعبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى