شوف تشوف

الرئيسية

عالم فاسي المولد رسم أول خريطة جيوسياسية للعالم

حسن البصري
في الجزائر شارع فسيح يحمل اسم هذا العالم الجغرافي الذي فتح نفقا في الجغرافيا ربطه بالسياسة، وفي فرنسا يوجد معهد للجغرافيا باسمه، لأنه هو واضع أسسه، وفي المغرب يغيب اسم إيف لاكوست عن حيطان أزقتنا ومؤسساتنا العلمية لسبب لا يعلمه إلا رؤساء المقاطعات.
ولد إيف لاكوست في شهر شتنبر عام 1929، في مدينة فاس حيث أمضى طفولته قبل أن يصبح مدرسا. نشأ الفتى وسط الكتب والخرائط، فقد كان والده جان لاكوست عالما جيولوجيا مهمته وضع خرائط للجنوب المغربي فكان دائم الترحال بين البلدان.
أصر الوالد على أن يتابع ابنه دراسته العليا في باريس، فحصل على شهادة التبريز في الجغرافيا، حينها تلقى تعيينا في الجزائر العاصمة التي عمل بها مدرسا في الفترة ما بين 1952 و1954، وهناك تعرف على رفيقة دربه كاميل ديجاردان التي كانت عالمة الأعراق، وخلال تواجده في الجارة الشرقية ساهم في نضال الجزائريين من أجل نيلهم الاستقلال، من موقعه كعضو فعال في الحزب الشيوعي الفرنسي، ما أغضب السلطات الفرنسية الحاكمة التي أوقفت مسيرته كمدرس ورحلته إلى فرنسا. لكن لاكوست كان قد استغل عبوره في الجزائر لإنجاز بحثه لنيل شهادة الدروس المعمقة في الجغرافيا، ومنها أرسى أولى دعائم البحث الجيوسياسي في المنطقة.
حين اشتد عليه الخناق، بحث إيف عن قناة تواصلية لتصريف أفكاره، فأسس مجلة «هيرودوت» الشهيرة، حيث كان مديرها بموازاة مع مهنته أستاذا في الجامعات الفرنسية، وأحد أهم الاختصاصيين الفرنسيين في ميدان الجيوسياسة.
تردد إيف كثيرا على المغرب، حيث حرص على زيارة البيت الذي ولد وترعرع فيه، بل إنه استثمر زيارته للمغرب والجزائر، لينجز العديد من الدراسات حول منطقة المغرب العربي، جمعها في كتاب تحت عنوان: «المغرب.. شعوب وحضارات»، وكتاب آخر عنوانه: «ابن خلدون»، وهو أيضا مؤلف للعديد من الكتب التي أصبح بعضها مرجعا في ميدانه، مثل «قاموس الجيوسياسة» وله كتاب شهير يحمل عنوان: «الجغرافية تخدم أولا في صنع الحرب».
دعي لاكوست للمغرب مرات عديدة، حيث قدم استشارته للحكومات المغربية وعشرات الخرائط والجداول الإحصائية التي استقاها من الهيئات المختصة، حين كانت الإدارة المغربية في طور التأسيس. وزار مسقط رأسه فاس حيث قدم عرضا حول رهانات الزمن الحاضر الجيوسياسية، تعرض فيه للرهانات الساخنة في العالم، مثل طرق البترول وحروب المياه ونزاعات الشرق الأوسط، والدور التركي في الغد المنظور ومكانة الصين بين القوى العظمى خلال القرن الحادي والعشرين، وكأن الرجل يقرأ في السبعينات كف العالم.
سار الباحث الجيواستراتيجي الفرنسي إيف لاكوست على خطى مواطنه المؤرخ فرنال بروديل. فكما كتب بروديل عن البحر المتوسط في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، قام لاكوست في عام 2006 بإصدار كتابه «الجغرافية السياسية للمتوسط». وفيها خصص حيزا كبيرا للمغرب، ومن الطبيعي وهو الفرنسي أن تحظى الجزائر لديه أيضا باهتمام خاص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى