دخل ملف صفقة النقل المدرسي، التي أبرمها المجلس الإقليمي الأسبق لتارودانت مع شركة خاصة أحدثتها زوجة برلماني بإقليم طاطا للغاية نفسها، طي النسيان، ولم تعد هذه القضية، التي أثارت الرأي العام المحلي والجهوي حينها، تحظى بالأولوية رغم «الشبهات» التي أثارتها.
واستنادا إلى المعطيات، فإن قاضي التحقيق بمحكمة جرائم الأموال بمراكش قام بحفظ ملف هذه القضية بمبرر غياب الأدلة، الأمر الذي دفع الطرف المشتكي، بعد ذلك، إلى تقديم أدلة أخرى ووثائق جديدة عززت قوة الملف، ما دفع النيابة العامة إلى إخراجه من الحفظ بعد ورود مستجدات غيرت مساره، قبل أن يدخل طي النسيان من جديد لأسباب «مجهولة».
وبحسب المعطيات، فإن المتهم الرئيس في هذا الملف يتابع بجناية اختلاس وتبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، كما تتابع زوجة البرلماني مالكة الشركة الخاصة بتهمة المشاركة في تبديد أموال عامة. ومن المستجدات التي أدت إلى إخراج الملف من الحفظ، أن الشركة المتعاقد معها «لا تتمتع بالصفة القانونية حين أبرمت الاتفاقية بينها وبين المجلس الإقليمي لأنها لم تكن حاصلة على رقم التسجيل بالسجل التجاري أثناء إبرام الاتفاقية يوم 16 مارس 2017، ولم تحصل على السجل التجاري إلا بعد توقيع العقد».
وتعود تفاصيل هذه القضية المثيرة للجدل إلى شكاية رفعها النائب الرابع بالمجلس الإقليمي لتارودانت، تضمنت معطيات «مثيرة»، أثناء مناقشة النقطة الأولى من جدول الأعمال، وهي المتعلقة بالدراسة والمصادقة على مشروع اتفاقية شراكة لأجل النقل المدرسي بإقليم تارودانت، خلال انعقاد الدورة الاستثنائية للمجلس في غشت 2017، حيث طرحت علامات استفهام كبرى حينها حول العقدة المبرمة بين المجلس الإقليمي وشركة (ن. SARL) الممثلة من قبل زوجة برلماني عن إقليم طاطا، بشأن اقتناء 40 حافلة للنقل المدرسي.
وجاء في الشكاية، أيضا، أن المجلس الإقليمي لتارودانت اقتنى هذه الحافلات بوساطة شركة، في وقت يمكن الاتفاق مباشرة مع شركة من شركات بيع السيارات، إضافة إلى أن هذه الصفقة تمت بواسطة عقد، وليس عبر طلبات عروض مفتوحة، مع العلم أن المبلغ موضوع العقد يصل إلى 18.744.000,00 درهم. وأبرزت الشكاية أن هذا العقد حدد ثمن اقتناء كل حافلة في مبلغ 468.600,00 درهم، في حين أن الثمن الحقيقي لمثل هذه الحافلات، وبجودة عالية تفوق تلك التي تم اقتناؤها، لا يتعدى 370.000,00 درهم، أي أن الفارق يصل إلى 98.600,00 درهم عن كل حافلة. وبعملية حسابية بسيطة، فإن المبلغ «المختلس»، حسب ملتمس الوكيل العام للملك، من الصفقة ككل بالنسبة لـ 40 حافلة هو 3.944.000,00 درهم.
وأبرز المشتكي أن هذه الحافلات ظلت مركونة بمرأب بمدينة تارودانت تتعرض يوميا للتآكل. ومن خلال هذه المعطيات يستنتج أن الأمر يتعلق بجناية «اختلاس وتبديد أموال عامة موضوعة تحت يد رئيس المجلس الإقليمي بمقتضى وظيفته، وهذا فيه إضرار بالخزينة العامة، فيما تشكل هذه الوقائع جناية المشاركة بالنسبة لزوجة برلماني».
واستنادا إلى المعطيات، فقد اعتبر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش أن فصول التحقيق في هذه القضية بينت أن المتهميْن ارتكبا المنسوب إليهما، خصوصا أن رئيس المجلس الإقليمي الأسبق لتارودانت يعتبر مؤتمنا على مالية المجلس، ومن المفروض عليه أن يحافظ على هذه المالية من الاختلاس والتبديد، كما اعتبرت النيابة العامة أن اقتناء 40 حافلة بثمن يفوق سعرها الحقيقي يشكل أيضا اختلاسا وتبديدا للمال العام، إضافة إلى أن زوجة برلماني إقليم طاطا، باعتبارها صاحبة الشركة التي اقتنت هذه الحافلات لفائدة المجلس الإقليمي، وحصولها على مبالغ تفوق قيمتها السوقية، تكون قد شاركت في تبديد المال العام.
أكادير: محمد سليماني