شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسيةملف التاريخ

طنجة الدولية كانت استثناء في العالم وهذه قصص الجنسيات المشبوهة داخلها

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

عندما أصبحت فرنسا الحاكم الفعلي للمغرب، كانت طنجة أصبحت منطقة خاصة ومنعزلة عنه. كان هذا ما أقره مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906، وتكرّس بعد الحرب العالمية الأولى. تم تأكيد سُلطة السلطان وتقرر إدارة الشؤون المحلية والدينية من قبل ممثله، ويُسمى «المندوب». بالنسبة لبقية السلطات، فإن ممثلي بضع بلدان يُشاركون في إدارتها. عمليا كان تأثير فرنسا قويا. كانت تقدم استشارات وتوجيهات للمندوب وتمد الأبناك المحلية بنسب كبيرة من رأس المال.

كانت هناك مشاحنات مستمرة بين الدول المعنية التي كان ممثلوها دائما ما يهتمون بمصلحتهم الخاصة أكثر من اهتمامهم بمصلحة طنجة. نادرا ما كانت ميزانية تدبير المدينة متوازنة. تطوير الميناء تسبب في جعل السفن من كل الأحجام ترسو خارج منطقة الميناء، وهو ما كان يتسبب في تأخر العمل.

الأشخاص الوحيدون، الذين لم يكونوا مهتمين بما يقع، هم المغاربة المحليون. هؤلاء مارسوا أعمالهم التجارية وتجاهلوا الإجراءات التي أملاها المجلس الدولي للمدينة.

عندما انهارت فرنسا، في يونيو 1940، انتهكت إسبانيا النظام الأساسي واحتلت طنجة، وأُعلن أن هذه الخطوة أتت لحماية وضع طنجة الحيادي، وأنها مؤقتة. تقدمت بريطانيا باحتجاج رسمي، لكنها في ذلك الوقت لم تكن في وضع يسمح لها ببذل مزيد من الجهد في الموضوع. والأكثر من هذا كانت هناك إمكانية أن تحتل إيطاليا أو ألمانيا مدينة طنجة إذا لم تقم إسبانيا باحتلالها، لذلك تم قَبول الوضع بشكل مؤقت.

رغم كل التأكيدات والتطمينات التي تقدمت بها، فإن إسبانيا اتخذت خطوات متتالية لتأسيس سلطتها. في ذلك الوقت، بدا أن انتصار دول المحور بات مؤكدا ويقينيا، وكانت إسبانيا تستعد للبقاء في طنجة. انهزام ألمانيا تسبب طبعا في إلغاء طموح من هذا النوع. دُعيت إسبانيا لإخلاء طنجة وقامت بذلك على مضض. أعاد المؤتمر، الذي عُقد لاحقا، الإدارة القديمة، التي لم تكن عملية، إلى مكانها.

كان ممكنا أن تقدم طنجة للعالم مثالا عمليا لتجربة الحُكم الدولي وفرصة لتطبيق المبادئ التي أعلنها ميثاق الأمم المتحدة، لكن بدلا من ذلك، فإنه حتى الآن لم يكن الأمر أكثر من مجرد عملية قياس -على طريقة جهاز قياس الزلازل- للضغوط التي تفرضها القوى السياسية. حتى الخلاف الروسي مع الديموقراطيات الغربية انعكس بوضوح على سياسات الحكام الدوليين للمدينة.

ومن الناحية الاقتصادية، فإن طنجة لم تكن تُشكل أية دعاية ترويجية لحُكامها. الفنادق الراقية مزدحمة، غالبا باللاجئين الأجانب، المنحدرين من جنسيات مُريبة، والذين هم وحدهم من يستطيعون تحمل التكاليف المرتفعة، دون أن تُطرح عليهم أي أسئلة بخصوص مصادر ثروتهم.

أي شيء تقريبا، يُنتجه العالم، يُمكن أن يُباع في طنجة، لكن التجارة الرئيسية للمدينة هي بيع العملات. المُضاربة هي العمل التجاري الرائد، حيث يحل الفرنك والدولار والجنيه محل كرة «الروليت» أو قسيمة القمار في كرة القدم.

من المعتاد أن يلقى اللوم على اليهود عندما يتعلق بالأمر بخصوصيات ومشاكل التمويل، لكنهم لا يملكون أية سلطة احتكار في طنجة. ومع ذلك، يجب عليّ أن أشير هنا إلى أنني أعجبت ببراعة أحد المصرفيين اليهود، الذي كان يعمل في القطاع الخاص واستفاد من الوضع الغريب الذي يعيشه الميناء. لديه عدد من الأبناء، وحصل على جنسية مختلفة لكل واحد منهم! وبالتالي، فإنه، عند حدوث أي نزاع محتمل، يكون هناك قنصل واحد، على الأقل، لحماية مصالح الأسرة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى