طفلات في فراش الزوجية
أعاد النقاش حول مدونة الأسرة إلى الواجهة الجريمة المقننة التي تنتهجها بعض الأسر، بسلطة تقديرية للقاضي، في حق بناتهن وتزويجهن في سن الطفولة وقطف أزهارهن اليافعة، وتشذيب عودهن الطري، ليتم رمي طفلات في فراش الزوجية ومستقبل مجهول، بمبررات اجتماعية واهية لا يقبلها لا عاقل ولا مجنون.
لنتفق أولا على أن الطفلة أقل من 18 سنة مكانها الطبيعي هو القسم والتعليم، وليس أحضان “بيدوفيلي” يمارس جرائمه باستغلال بشع من تراخيص قانونية وسلطة تقديرية للقاضي، وهذا ما أكدته الدراسة التشخيصية حول زواج القاصر، التي أعدتها النيابة العامة، والتي أكدت على المنحى التصاعدي للأرقام المسجلة منذ سنة 2004. وإذا كانت بعض الأسر تعاني من مشاكل اجتماعية، بسبب الفقر والهشاشة والإقصاء، فالحل يوجد في تصحيح السياسات العمومية وجعلها فعالة وناجعة، وليس في تزويج وإعارة القاصرات للعمل في البيوت.
والمؤسف في الأمر أن أمناء عامين وبرلمانيين ووزراء سابقين خرجوا ليدافعوا عن استغلال طفلات في فراش الزوجية، بينما هم يرسلون بناتهم للتعلم في مدارس البعثات الفرنسية والأمريكية والجامعات التركية والأوروبية، في حين يحللون الاستغلال الجنسي لبنات الفقراء، تحت ذريعة القانون والشريعة.
وأخطر ما في الأمر أن يتم الدفاع عن الاستغلال الجنسي القاصرات، لتحقيق المكاسب السياسية والانتخابية والخروج من دائرة النسيان، كما يفعل عبد الإله بنكيران الذي اعتاد الاتجار في الأزمات وقضايا الوطن، للعودة إلى واجهة الأحداث.
المطلوب اليوم من اللجنة المكلفة برفع اقتراحاتها إلى الملك، والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني أن تكون واضحة أمام هاته الجريمة واستئصالها من جذورها القانونية، وألا يُسمح بترك أي مدخل قانوني للقاضي أو الوالي لكي يتم استغلالها، فكثيرا ما تحولت بعض من السلطة التقديرية إلى كارثة اجتماعية ورمت قاصرات إلى مستقبل مجهول، والملك محمد السادس حينما تحدث عما أفرزته الممارسة القانونية والقضائية، فهو رسالة واضحة تدعو إلى سد كل المنافذ التي يمكن أن يدخل منها ما يمس بالأمن الأسري، وفي مقدمتها زواج القاصرات تحت حماية القانون.