شوف تشوف

الرأي

طابي غوج

حسن البصري
ليس في الفن وحده يمكنك السير بخطى متثاقلة على سجاد أحمر يقودك إلى التتويج، ففي الرياضة والسياسة والديبلوماسية يمكن أن تحظى بفرصة التحليق وأن تختال في مشيتك، وتعلم أنك مراقب من رأسك إلى أخمص قدميك.
ليس البساط الأحمر مجرد أثاث في المهرجانات السينمائية، ليس فرض عين واجب على كل فنان وفنانة، انسجاما مع أسطورة يونانية قديمة تقول إن زوجة الملك الإغريقي أجاممنون، قد بسطت سجادة حمراء لزوجها حين عاد منتصرا، وكان البساط يمتد من مدخل المدينة إلى باب القصر، قبل أن تجهز عليه وتنحره، بل أضحى جزءا من طقوس الاحتفالات ونقطة جذب لصحافة تبحث عن صيد من فوق البساط.
بعض الزعماء السياسيين يجدون متعة وهم يسيرون فوق السجاد الأحمر حين يهمون بدخول مقرات مؤتمراتهم، بينما يدخل «المناضلون» من الأبواب الخلفية، بعد أن يتوقفوا دقائق عند علامات التشوير، فيما يمشي الزعيم منتصب القامة مرفوع الهامة وفي جيبه ورقة تحمل رؤوس أقلام خطاب.
السير فوق السجاد الأحمر لمن استطاع إليه سبيلا من مشاهير الفن والرياضة والسياسة، يعتبر ليلة تاريخية في حياة النجوم مهما اختلفت درجات نجوميتهم، لذا لا يمكن العبور من هذا المعبر الرمزي، إلا بعد استنفار طويل يبدأ بانتقاء الملابس وإخضاع الملامح لعملية صيانة واستعارة ابتسامة عابرة وتدريب في المشي الاستعراضي، وغيرها من التدابير التي قد تكلف أصحابها ميزانية استثنائية.
فطن مجتمع الكرة لمغزى «الطابي غوج» فأقحموه في تقاليد الكرة، حيث أصبحت حفلات توزيع جوائز الاتحاد الدولي في زوريخ، واحتفالات الاتحادات القارية في ربوع العالم تبدأ بسجاد أحمر يمشي فوقه المدعوون ويستمتعون بجاذبية اللحظة وهم يقفون أمام المصورين ويوزعون ابتساماتهم على المعجبين.
في مدينة «أبا» جنوب نيجيريا، فطن صاحب فندق المدينة الذي كانت تقيم فيه بعثة الوداد البيضاوي لأهمية السجاد الأحمر، حيث فوجئ رئيس الفريق عبد الإله أكرم والمدرب السويسري دوكاستيل والطاقم التقني والطبي، أثناء عودتهم من الملعب مظفرين بعد مواجهة فريق المدينة «إينيمبا» بزراب حمراء مبثوثة في مدخل الفندق احتفالا بالتأهل، غضب أحد العمال لكن ماذا عساه أن يفعل أمام روح الماركوتنيغ التي تسكن رب الفندق الذي قيل إنه مخرج سينمائي اعتزل الفن السابع.
استفز جمهور الرجاء في حكاية البطة الراقصة، الوداديين حين وضع للبطة سجادا أحمر اللون، واختار الاحتفال بها نكاية في خصومه، والحصيلة أن السجاد أريق حول جوانبه الدم بين فصيلين، بل إن السجاد والبطة ساهما في مصادرة «تيفو» الرجاويين قبل مباراتهم أمام الترجي التونسي فاحتجوا بارتداء اللون الأسود، وفي قرارة أنفسهم لعنوا السجاد والسجان.
في كرة القدم اخترعت الفيفا صيغة أخرى للاحتفال بالمهزومين، حيث يخصص لهم ممرا شرفيا يصطف فيه الفائزون، ويعبره الخاسرون في مشهد يجعل المنتصرين يقفون إجلالا للمهزومين، لكن غالبا ما يعبرون هذا الممر خافضين رؤوسهم.
نادرا ما يمشي الكتاب والمفكرون فوق البساط الأحمر، في معارض الكتب وحفلات توقيع الإصدارات لا ننتبه لدخول المحتفى بهم، غالبا ما يحضرون مبكرا لترتيب أفكارهم وترويض أقلامهم على توقيع الإهداءات، وحين تنتهي حصتهم يختفون في زحمة المتسوقين دون أن تطاردهم عدسات المصورين كما تفعل مع نجوم السينما، ودون أن يحاطوا بمظاهر الحفاوة التي ينالها أهل الفن، ولو مرة في السنة.
يقول مفسر الأحلام ابن سيرين، إن رؤية السجاد الأحمر في المنام، «دليل على السير في الطريق الصحيح نحو منصب رفيع»، لكن المفسرين اختلفوا حول اللون وقالوا إن البساط الأحمر هو الأكثر حضورا في المنام، بينما يرى البعض بأن التفسير يخص الأشخاص الذين تكون أحلامهم بالألوان وأن التفسير لا يهم الحالمين بالأبيض والأسود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى