شوف تشوف

الرأي

ضريبة اللياقة

حسن البصري

ألزمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الأندية بالتصريح بالعائدات السنوية للرياضيين المرتبطين بعقود معها، قبل فاتح مارس من كل سنة، بناء على قانون المالية رقم 65- 20 الخاص بسنة 2021، الذي أكد على ضرورة استخلاص الضريبة من أجور ومنح الرياضيين المحترفين والمدربين والأطر التقنية المرتبطين بعقود، انطلاقا من يناير الماضي، أي بأثر رجعي.
اجتاحت اللاعبين والمدربين نوبة غضب، وتبين فعلا أن الضريبة المشتقة من فعل ضرب، قد شتتت تركيزهم فعشنا نهاية أسبوع كروي غريب انهزم فيه المضيف وفاز الضيف، يقول المعنيون بهذه الرسوم الضريبية الجديدة كلما اختلوا بأنفسهم: «ويحهم تبا لهم، إن قرارهم أشبه بهجوم مرتد على جيوبنا».
العدالة الضريبية هي أن يكون المواطنون سواسية أمام محصل الضرائب، وأن تنبعث من الضريبة رائحة التضامن والتآزر، وأن تكون الرسوم على مقاس الدخل، وأن لا يصبح التهرب الضريبي خطة أخرى من خطط كسر تكتيك الشرود. فالجزء الأكبر من الرياضة يمول من المال العام، والمواطنة تفرض رسوما على الجيوب التي تراكم هذه الأموال.
وصلت منح اللاعبين ورواتبهم أرقاما فلكية، وأضحى اللاعب يتقاضى أضعاف ما يحصل عليه رئيس الحكومة، وتنافس رؤساء الفرق في الركض خلف أقدام تساوي ملايين الدراهم، فقط لأنها لا تخطئ المرمى، وأمام هذا المد بادر الآباء إلى تحريض أبنائهم على دخول أكاديميات الكرة بدل الكليات والجامعات، فيساق الأطفال إلى الملاعب ولا يجد أولياء أمورهم حرجا في التعايش مع ابن كسول، لكنه موهوب كرويا. وباسم القول المأثور «إلا ما جات بالقلم تجي بالقدم» تغض الأسر الطرف عن ابن لا يعرف اسم معلمه، ويحفظ عن ظهر قلب أسماء اللاعبين والمدربين ونجوم الكرة.
ستسن المصالح المالية ضريبة على القيمة المضافة للاعب، وستقتطع رسوما من المنح والعائدات والحوافز، إذا تم تسديدها في وقتها المحدد، لأن أغلب اللاعبين اختلطت عليهم الأشهر والسنوات وأصبحت مستحقاتهم فعلا ماضيا مبنيا للمجهول.
هناك رسوم تقتطعها الجامعة من جيوب المخالفين للقوانين من خلال قرارات للجانها التأديبية والأخلاقية، حيث بلغت القيمة المالية للمخالفات المستقطعة من جيوب «الخارجين» عن ضوابط اللعبة خلال سنة 2000، أزيد من 150 مليون درهم، وهو ما يؤكد ظهور داعم جديد لمالية الجامعة اسمه «المنفلتون».
ويرى بعض فقهاء الضريبة والمالية العمومية أن الحاجة ماسة اليوم إلى رسوم ضريبية داخلية، كضريبة إهدار ضربة جزاء وضريبة التسلل وضريبة العرقلة وضريبة الوزن الزائد وقس على ذلك من الرسوم التي تعزز مالية الفرق، وقد تصل الاجتهادات إلى حد فرض ضرائب على تقليعات الحلاقة والقبعة والسروال المقطع وامتلاك الكلاب الشرسة، وضريبة على السمنة وظهور تضاريس في الجسد بالنسبة إلى اللاعبات، وقد تشمل الرسوم الحكام الذين تتجاوز بطائقهم الحمراء والصفراء سقفا معينا، أو الذين يلجؤون إلى تقنية «الفار» كل عشر دقائق.
صحيح أن التملص الضريبي سيطول المشهد الكروي أيضا، وستظهر فئة من الرياضيين الذين يجدون أكثر وسيلة لمراوغة محصل الضرائب وترويضه. ولدي فكرة لا أعرف مدى قابليتها للتطبيق، ومغزاها أن تقسم الحكومة ضرائبي إلى قسمين: قسم أؤديه نقدا بمديرية الضرائب، وقسم أؤديه ضربا بمديرية الضرب، أي أن أذهب إليهم في نهاية كل شهر، ثم أكشف لهم عن ظهري فيضربونني لمدة محددة في جدول الضرب، وبذلك يستخلصون مني ضرائبهم.. وآه يا ظهري آه، فقط في أم الدنيا ضريبة ترفيه جديدة لكل من يمتلك سيارة بها جهاز راديو 100 جنيه ضريبة، ولسه هانشوف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى