شوف تشوف

الرئيسيةملف الأسبوع

صنع في المغرب…من «دار الماكينة» إلى مصانع اللقاح والطائرات

قيل إن الحاجة أم الاختراع، لذا لا يمكن للأفكار وحدها أن تتحول إلى أفعال إلا إذا تكاتفت الجهود لجعلها واقعا معيشا. اليوم انتهت صلاحية التصنيف التقليدي الذي ميز الدول المصنعة عن الدول المستهلكة، وكرس مقولة اليد العليا خير من اليد السفلى، فالدول النامية أصبحت لها القدرة على الاصطفاف في طابور المصنعين وأن تبني مصانعها وتعزز قدراتها الإنتاجية، حتى لا تطعم شعوبها بالمساعدات الغذائية وتسكنهم في دور مستوردة وتحملهم في سيارات أجنبية الصنع والتسمية.

تطرقت لجنة إعداد النموذج التنموي الجديد إلى أهمية الرفع من إشعاع علامة «صنع في المغرب»، معتبرة هذا الورش أحد الرهانات الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد، بعد أن تبين لها أن النموذج الاقتصادي الحالي يرتكز على سوق داخلية غير متطورة بشكل كاف وغير مهيكلة، مع انفتاح خارجي يغلب عليه منطق الاستيراد والمناولة، مؤكدة على ضرورة إحداث قطيعة مع هذا النموذج والتوجه بالمقابل نحو تطوير جهاز إنتاجي متنوع، قادر على استغلال جميع الإمكانات القطاعية من أجل أن يقدم للعالم منتجات وخدمات ذات قيمة مضافة، حاملة للإبداع والابتكار.

وهناك رهان حقيقي على دعم المشاريع المبتكرة للمقاولات في صفوف المستثمرين المحتملين أو صناديق الاستثمار، من أجل خلق الثروة وتثمين علامة «صنع في المغرب»، واغتنام فرص الصناعة المستقبلية، ومواكبة النسيج الاقتصادي والصناعي الوطني لتحقيق إقلاع فعلي وسليم.

وساهمت الجائحة في تعزيز منطق «صنع في المغرب»، ودفعت العديد من المستثمرين إلى الإنفاق في اقتصاد يساعد على تجاوز الأزمة الصحية، والاعتماد على إمكانيات البلد للقطع مع الاستيراد، سيما بعد توقف المبادلات التجارية بين البلدان خلال ظهور الوباء.

قال العقيد الراحل معمر القذافي في كتابه الأخضر: «لا خير في شعب يأكل من وراء البحار»، لكن الجميع سخر منه.

المغرب ينتج لقاحه المضاد لـ«كوفيد- 19»
في بداية الأسبوع الجاري ترأس الملك محمد السادس، بالقصر الملكي بفاس، حفل إطلاق وتوقيع اتفاقيات تتعلق بمشروع تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لـ«كوفيد- 19» ولقاحات أخرى بالمغرب. ويندرج هذا المشروع المهيكل في إطار تعزيز القدرات الصناعية والبيوتكنولوجية الشاملة والمندمجة لتصنيع اللقاحات بالمغرب، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، «ما يجعل من المغرب منصة رائدة للبيوتكنولوجيا على الصعيد القاري والعالمي في مجال صناعة «التعبئة والتغليف»».

ويروم المشروع، الذي يعد ثمرة شراكة بين القطاعين العام والخاص، إطلاق قدرة أولية على المدى القريب لإنتاج 5 ملايين جرعة من اللقاح المضاد لـ«كوفيد- 19» شهريا، قبل مضاعفة هذه القدرة تدريجيا على المدى المتوسط. وسيعبئ المشروع استثمارا إجماليا قدره 500 مليون دولار.

وبإطلاق هذه الشراكة المتميزة، التي تأتي امتدادا للمباحثات الهاتفية يوم 31 غشت 2020 بين الملك محمد السادس، وشي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، سيكون المغرب قد قطع شوطا إضافيا لضمان تدبير فعال واستباقي لأزمة الجائحة وتداعياتها، وتعزيز الإشعاع الدولي للمغرب، وتأكيد مكانته كمصدر للأمن الصحي في محيطه الإقليمي والقاري، في مواجهة المخاطر الصحية والاعتماد على الخارج والتقلبات السياسية.

وشهد حفل توقيع هذه الاتفاقيات مداخلات لكل من وزير الصحة، وخبير دولي في البيوتكنولوجيا الصناعية. كما قدم ليو جينغ تشن، الرئيس المدير العام لمجموعة «سينوفارم»، مداخلة عن بعد من الصين.

ويسعى المغرب إلى إنتاج خمسة ملايين جرعة، مع إمكانية مضاعفة هذا الرقم على المدى القريب، وفق ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، دون أن يعلن عن موعد محدد لبدء الإنتاج.

ويعتمد المغرب على لقاحي «سينوفارم» الصيني و«أسترازينيكا» السويدي – البريطاني في حملة التطعيم، التي ظلت وتيرتها مرتبطة بالكميات المتوفرة من اللقاحين.

وأشارت صحف متخصصة في المجال الطبي والاقتصاد إلى أن «خطة المغرب في هذا المجال تتمثل في تنويع الشركاء وعدم الاعتماد على مشروع واحد، ولكن من المحتمل جدا أن يكون اثنان أو أكثر، بالإضافة إلى مشروع ترعاه الدولة، خاصة في ظل المنافسة على الصعيد الإفريقي من أجل خلق منصة إقليمية لتصنيع اللقاحات، إذ عبرت العديد من الدول الإفريقية عن رغبتها في استقطاب الاستثمارات في مجال صناعة اللقاحات، وتحديدا لقاح كورونا»، علما أن ثلاث دول ترغب في الاستثمار في هذه الصناعة، وكل المتطلبات التقنية موجودة لكي ينطلق المغرب في الخطوة ليس فقط في ظرفية الجائحة، بل من أجل إنتاج جميع اللقاحات وكذلك الأمصال.

كما سيتم الاعتماد على معهد باستور الذي انخرط في المشروع، كما ورد في توصيات مجلس إدارة المعهد المنعقد مطلع عام 2021.

صناعة الطيران بالقرب من مطار محمد الخامس
قبل سنتين تم تدشين وحدتين صناعيتين جديدتين تنشطان في قطاع صناعة الطيران، الوحدة الجديدة تابعة للشركة المغربية للدراسات وتصنيع أدوات الطيران، المتخصصة في الأدوات وتصنيع القطع الأساسية لصفائح الطائرات ووحداتها الفرعية، ووحدة «tacaero»، الموجودة بالمنطقة الصناعية «midparc». وكلف إنشاء الوحدة الصناعية للشركة المغربية للدراسات وتصنيع أدوات الطيران، المقامة على مساحة 2350 مترا مربعا، استثمارا قاربت قيمته 50 مليون درهم.

وتهدف الشركة سالفة الذكر إلى اكتشاف أسواق جديدة، وذلك بفضل قربها من مجموعة من الفاعلين في مجال الطيران مثل «بوينغ» و«بومبارديي»، ويتعلق الأمر بمصنعين متميزين للغاية متخصصين في تصنيع أجزاء دقيقة لها صلة بصناعات الطيران والصباغة، وهي المجالات المطلوبة بشكل كبير في جميع أنحاء العالم. علما أن 140 مقاولة تنشط حاليا في قطاع صناعة الطيران المغربية، وتحقق رقم معاملات محدد في 17 مليار درهم، ومعدل إدماج في حدود 34 في المائة ونموا يزيد على 20 في المائة سنويا.

ولم يكتف المغرب ببناء الوحدات الصناعية، بل عززها بمؤسسات تكوينية في المجال نفسه لتحسين أدائه وتوفير الموارد البشرية المؤهلة، وبالتالي تعزيز مكانة المغرب كأول مركز إفريقي في مهن الطيران، من خلال المعهد المتخصص في مهن معدات الطائرات ولوجستيك المطارات بالنواصر، بتزكية وتصديق من الشركة الأمريكية «هاس أتميشن» للمعهد المتخصص في مهن المطارات، كمركز مرجعي للتكوين على الآلات ذات التحكم الرقمي، سيما في قطاع صناعة الطيران.

ويعد هذا المركز أول مركز في إفريقيا مصادق عليه من طرف «هاس» في تكنولوجيا التحكم الرقمي، وتهم هذه المصادقة مهارات المتدربين ومضامين التكوين. مما سيجعل من المعهد المتخصص في مهن معدات الطائرات ولوجستيك المطارات مركزا مرجعيا للشركة الأمريكية في المغرب، خاصة في المهن المرتبطة بصناعة معدات الطائرات.

صواريخ «جو- جو» الخفيفة.. صناعة مغربية ثقيلة
كشفت صحف مغربية عن شروع المغرب في تصنيع صواريخ «جو ـ جو» القصيرة المدى «إيريس ـ تي» على المروحيات، وأن الإنتاج سيتم قريبا تحت التصنيع المحلي بالمغرب، وأن هذا التقدير تشاركه عواصم دول غربية في العاصمة الرباط. وقرر المغرب في وقت سابق، إطلاق صناعة حربية، لكنها بقيت في مراحلها الأولى.

ولا ينفي هذا الواقع، حسب المصدر، نية الدفاع المغربي في بناء منظومة تسليحية محلية، وبدأت لتنتهي بعض مراحلها بتشجيع الاستيراد والعمل العسكري المباشر دون التفات إلى إطلاق تصنيع عسكري، خصوصا بعد التحولات الأخيرة في المشهد الجيو ستراتيجي.

ولطالما كان التفوق الجوي، منذ الحرب العالمية الثانية، شرطا أساسيا لتحقيق النصر في الحرب ضد خصوم وحدتنا الترابية، وتعتبر صواريخ «جو- جو» عنصرا أساسيا للتفوق الجوي، فإنها لا يمكن اعتبارها كذلك على نحو منعزل، لأن أداء المقاتلات التي تطلق هذه الصواريخ هو أمر حاسم أيضا. ومن هذا المنطلق، شرع المغرب في التفكير بجدية في التسليح الذاتي من خلال إنتاج هذا الصاروخ، الذي سيمكن إلى جانب أدوات أخرى من تحقيق هذا المبتغى، بعد أن كانت الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا مهيمنة على هذه التكنولوجيا على مدى عقود، فيما تشكل الصين والهند منافستين مع توليفة من الأسلحة المستوردة، أو المصنعة بموجب ترخيص، أو المستنسخة في ترساناتها.

مصنع للطائرات المروحية الخفيفة في جنوب المغرب
بعد أن كان التسليح مرتبطا بالقوى العظمى، قررت شركة «فلاي أرغو» البولونية، المتخصصة في صناعة الطائرات المروحية الخفيفة، إحداث مصنع بالمغرب، حيث صادق مجلس إدارة الشركة على هذا القرار، الذي يأتي تزامنا مع التطورات الأخيرة في ملف الوحدة الترابية للمغرب، عقب اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على كامل أقاليمه الصحراوية.

وأكد كرزيشتوف مايكوفسكي، رئيس مجلس إدارة الشركة، في أكثر من منبر إعلامي، أن «اختيار الشركة الاستثمار في المغرب، يرجع إلى الاستقرار السياسي للمملكة»، موضحا في أعقاب جلسة عمل مع عبد الرحيم عثمون، سفير المغرب ببولونيا، ويانوش موزال، عضو مجلس إدارة الشركة، تم خلالها توقيع إعلان لاتخاذ الخطوات اللازمة بهذا الخصوص، أن اختيار الشركة إحداث مصنع لها بالمغرب يرجع أيضا لوجود بيئة مناسبة للاستثمار.

وتسعى الشركة المتخصصة في تجميع المروحيات الخفيفة إلى نقل الإنتاج الحربي إلى دول ظلت تتطلع لمصانع التسليح في الدول العظمى، كما تؤكد أن حضور المغرب القوي بالقارة الإفريقية يشكل عاملا مهما بالنسبة لتطور الشركة، مبرزة أن اهتمامها بتنفيذ استثمارات مباشرة بالمغرب يعد جزءا من أجندة وضعتها، بالتنسيق مع القطاعات المعنية.

وقام سفير المغرب في بولونيا بزيارة إلى مقر الشركة، وأشاد بقرار مجلس إدارة «فلاي أرغو» بإحداث مصنع لتركيب المروحيات الخفيفة جدا والاستثمار في الأقاليم الجنوبية المغربية، لافتا إلى أن هذا القرار اتخذ عقب عدة لقاءات مع أعضاء مجلس إدارة الشركة وفاعلين اقتصاديين بولونيين. وأوضح عثمون في تصريح مماثل، أن الاستثمار الذي سينفذ بشراكة مع مجموعة أو مقاولة مغربية يندرج في إطار جهود التنمية الاقتصادية، التي انخرطت فيها المملكة بقيادة الملك محمد السادس. وللدفع أكثر بالمشروع تبادل الطرفان الزيارات، بحضور رئيس صندوق التنمية البولوني وصناديق خاصة أخرى، لتوفير الاعتمادات اللازمة لتمويل هذا المشروع، وبإجراء أول زيارة استكشافية إلى المغرب ابتداء من مطلع سنة 2020.

وسبق لـ«الأخبار» أن تناولت الموضوع في حينه، من خلال اتصال بالسفير المغربي في بولونيا، الذي أكد أن زيارة موقع بناء المصنع وشيكة، مشيرا إلى أن المجموعة البولونية عبرت عن إعجابها باستراتيجية المغرب للتنمية الاقتصادية، خاصة على مستوى الجهات الجنوبية. وشدد السفير على أهمية القرار الأمريكي الأخير، بخصوص الاعتراف بسيادة المغرب على كافة أقاليمه الصحراوية، في جلب الاستثمارات إلى الصحراء المغربية، مؤكدا أن العديد من الشركات الكبرى عبرت عن رغبتها في الاستثمار بهذه الأقاليم.

منصة فضائية مغربية أمريكية لدواع أمنية وتنموية
على الرغم من معيقات الوباء انطلقت مشاورات مغربية – أمريكية في موضوع التعاون الفضائي بين البلدين، إذ أكدت الأخبار المتعلقة بهذه القضية أن الإدارة الأمريكية والسلطات المغربية المختصة يناقشون، منذ أسابيع، مشروعا فضائيا ضخما يتمثل في بناء منصة فضائية أمريكية – مغربية فوق التراب المغربي، وستكون هذه المنصة متخصصة في صناعة أقمار اصطناعية فضائية ستوجه إلى كوكبي «القمر» و«مارس».

وحسب جريدة «العلم» التي أوردت النبأ، فإن التعاون في هذا المجال الاستراتيجي سيركز على تكوين علماء فضاء مغاربة، «حيث سيتم انتقاء المجموعة الأولى من هؤلاء الرواد في المدى القريب، ليكونوا جاهزين للمشاركة في أول رحلة فضائية لقمر اصطناعي مغربي- أمريكي في مطلع سنة 2025. كما سيشمل التكوين حوالي 4000 مهندس مغربي متخصص في علوم الفضاء والأقمار الاصطناعية».

وأفادت الجريدة ذاتها بأن الميزانية الإجمالية التي رصدت لبداية العمل في هذا الورش تصل إلى ثلاثة مليارات دولار أمريكي.

وتعطي هذه الأخبار الانطباع على انتقال المغرب إلى مرحلة جد متقدمة في سعيه نحو تطوير قدراته في مجال الفضاء والأقمار الاصطناعية، إذ انطلق في هذا الاتجاه باقتناء قمرين اصطناعيين وأطلقهما من محطات فضاء فرنسية، وهما حاليا يشتغلان بصفة طبيعية، وحققا مكاسب معلوماتية واستراتيجية كبيرة للمغرب، الذي أكد تفوقه في هذا المجال على المستوى الإقليمي والجهوي، ولعل هذا ما أهله للانتقال إلى مرحلة جد متقدمة نحو امتلاكه صناعة وخبرة فضائية متميزة وقوية.

وكان المغرب سباقا لإطلاق القمر الصناعي «محمد السادس» لأهداف أمنية وتنموية، بل إن عبد الرحمن مكاوي، الخبير في الشؤون الأمنية، أكد في تصريح صحافي على ميزات القمر الصناعي الجديد ودوره الهادف إلى الدفاع عن الأمن، سواء المحلي أو لبقية دول الشمال أو الساحل الإفريقي، منوها بالخطوات التي تقطعها المملكة في مسار امتلاك صناعة فضائية.

وبخصوص قدرة المغرب على امتلاك صناعة فضائية، لفت الخبير ذاته إلى أن «المغرب قطع أشواطا منذ سنة 2000 حتى الآن، في ما يخص التصنيع، خصوصا محركات الطائرات والأسلحة والسيارات، وبعض أجزاء محركات دبابات فرنسية».

ولم يستبعد مكاوي أن تصبح بلادنا «رائدة في هذا المجال، إذا تم الاتفاق مع إحدى الدول الشقيقة في تحويل تكنولوجية الأقمار الصناعية إلى المملكة عبر مراحل، سيما أن المغرب يضم كفاءات مهمة في هذا المجال».

اللوحة الإلكترونية للمباريات.. اختراع مغربي باعتراف «الفيفا»
اسمه نور الدين عبد الوش، فاعل رياضي بمدينة الصويرة، لكن اسمه سطع حين اخترع اللوحة الإلكترونية لتغيير اللاعبين في مباريات كرة القدم، لكن هذا المنتوج تعرض للسطو قبل أن ينقل الرجل شكواه إلى «الفيفا» لإنصافه من صمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في عهد الجنرال حسني بنسليمان.

كان هدف عبد الوش إسماع صوته للعالم، حيث أطلق صرخة محشوة بروح وطنية: «أنا فقط أريد انتزاع اعتراف من الجامعة والوزارة بأن الاختراع مغربي صرف. لا أريد مالا، بقدر ما أسعى إلى رد الاعتبار إلى شخصي بأنني صاحب حق. لا يعقل أن «الفيفا» والاتحادات العربية والأوروبية والفرنسية تعترف بي، بصفتي المخترع الأول للوحة الإلكترونية، باستثناء الجامعة والوزارة».

قام نور الدين بكل التدابير من أجل الاستفادة من المشروع ولو معنويا، وحاول عرض اختراعه في دوري الحسن الثاني، خلال مباراة جمعت المنتخب الوطني أمام فرنسا في سنة 1998، دون جدوى. ففي كل مرة يجد الباب موصدا في وجهه، قبل أن يحظى باستقبال ملكي في العاصمة الرباط، بعيدا عن الملاعب.

تجدد المطلب بمجيء فوزي لقجع الذي أحيط علما بالنازلة، ووعد برد الاعتبار لصاحب هذا الاختراع الذي انتشر في العالم، «طلبت منه تنفيذ وعده لي ويرد الاعتبار إلي بصفتي صاحب الاختراع الأول في العالم، خاصة أنه تعهد بحل مشكلتي خلال مباراة كوت ديفوار، وما زلت أنتظر منذ ذلك الحين، علما أن أمين مال الجامعة اتصل بي، وأكد أنه سينظم حفلا تكريميا لفائدتي».

في غرفة نور الدين العديد من المراسلات أبرزها رسالة تهنئة من السويسري جوزيف بلاتر، الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم، يثني على المخترع المغربي، ويشيد بمجهوداته في تطوير كرة القدم.

يعتبر عبد الوش من مؤسسي اتحاد المخترعين والمجددين المغاربة، سبق له أن فكر في مجموعة من الاختراعات المفيدة في عالم كرة القدم، منها الراية الإلكترونية التي تسمح بمعرفة حالات التسلل، وفكرة زرع عشب أقل منحدر وراء خط المرمى يسمح بأن تعانق الكرة الشباك كلما تجاوزت الخط، لكنه افتقد لمن يصغي إليه.

عاش الرجل حياته في البحر، لكن عشقه للكرة لا يضاهيه أي عشق، قبل أن يصبح مخترعا في مجال الكرة وينتزع براءة الاختراع من إسبانيا بعدما قدم خطاطة مشروعه، لتطلب منه وزارة الصناعة الإسبانية أن يشارك في معرض دولي للاختراعات بسويسرا، وحين شارك في معرض دولي للمخترعين بالدار البيضاء، حصل على الميدالية الذهبية، ومن خلال هذا المعرض تعاقدت معه شركة تعنى بالتجهيزات الرياضية اسمها «إكس تال»، ووقعت معه التزاما يقضي بتصنيع لوحته الإلكترونية.

«دار الماكينة».. قصة أول مصنع للسلاح في المغرب
تروي بعض الروايات التاريخية أن سكان فاس كانوا قد عاشوا وجود «دار الماكينة» التي كانت تصنع داخلها البنادق، ليتم نقلها إلى مناطق كثيرة من المغرب لاستعمالها في الحروب. «دار الماكينة» ليست قديمة بقدم ظهور السلاح لأول مرة في المغرب، وبدا من خلال الإشارات التاريخية أنها أول مصنع محلي للبنادق المغربية، بعد أن استأنس المغاربة بهذا النوع من السلاح وأصبح الطلب عليه مرتفعا. وهكذا صارت للمغرب دار محلية لصناعة البنادق، بعد أن توفر البارود المستعمل لحشوها بوفرة، ليصبح أمر توفير أسلحة نارية محلية أمرا مطلوبا أيضا.

خلال القرن العشرين، وفي بداياته، قبل أن تتحول الرباط إلى عاصمة إدارية بسنوات، كانت فاس عاصمة لأقوى التوترات التي مر بها المغرب، وهكذا كان مقدرا لأول مصنع للبنادق في المغرب أن يبنى فيها وليس في مكان آخر بالبلاد.

في الوقت الذي كان فيه القصر يشهد أجواء متذبذبة، وتنتشر تخوفات السكان من الانقلابات السياسية التي يقودها ثائرون في الجبال المحيطة بفاس، بالإضافة إلى الترقب الناتج عن توغل الأجانب من جنسيات مختلفة، كان من الضروري أن يكون هناك إقبال على التسلح.

«دار الماكينة» كانت تحظى بسمعة ضمنت لها وللعاملين فيها رهبة كبيرة في أوساط الفاسيين. كان كافيا أن يكون المغربي عاملا بسيطا في «دار الماكينة» ليكون مهاب الجانب. ما زاد الدار غموضا، هو الحكايات التي كانت محيطة بها. النخبة الفاسية كانت تتحدث عن مصنع الأسلحة وتضيف الكثير من البهارات التي حولت المكان إلى أسطورة حقيقية، والعاملين داخله إلى بشر غير عاديين.

يحكى أن هؤلاء الذين كانوا يعملون داخل «دار الماكينة» ليسوا صناعا عاديين، وأنهم اختيروا من نخبة حرفيي المغرب من كل مكان، وأوكل إليهم أمر صناعة البنادق التي تقتل من بعيد، وطلب منهم تطويرها ليصبح مرماها أبعد. «صناعة الموت» كانت كافية لتضمن لهم مكانة اجتماعية مرموقة، رغم أن بعض المصادر التاريخية، الأجنبية، تحدثت عن كون العمال في صناعة البنادق المغربية المحلية كانوا عبارة عن حرفيين عاديين جيء بهم لصناعة البنادق وتزيينها بالزخارف المغربية، وكانوا يتقاضون أجورا هزيلة ويعملون لساعات متواصلة في ظروف صعبة داخل «دار الماكينة»، التي تغلق عليهم من أولى ساعات الصباح إلى حلول المساء. كما أن المصادر نفسها نقلت أنهم كانوا يعملون في ظروف بدائية وبمعدات محلية الصنع، وأنهم كانوا يصنعون مجسمات البنادق من الخشب والحديد، حيث يقلدون بطرق بدائية آلية اشتغال البنادق الأوروبية المتطورة.

لكن رغم كل هذا، فإن تلك البنادق المحلية لعبت أدوارا كثيرة في صناعة الموقف المغربي من أحداث كان فيها التوغل الأجنبي سيد المرحلة، ولولاها لما كانت هناك محطات تاريخية كالثورات والمواجهات التي سقط فيها القتلى كالذباب.

بالعودة إلى «دار الماكينة» التي تعد تاريخا مستقلا لبداية صناعة الأسلحة في المغرب خلال القرن الماضي، فإن الحكايات التي نسجت حولها، جعلتها أسطورة حقيقية، خصوصا أن الفاسيين كانوا يمنعون من الخروج من بيوتهم أو الصعود إلى أسطحها، في الوقت الذي يتم فيه إخراج شحنة السلاح من «دار الماكينة» بعد انتهاء التصنيع.

كان يطوف «براح» مكلف من طرف المخزن، يأمر الناس بالدخول إلى بيوتهم، وإغلاق النوافذ وانتظار الإشارة للخروج. هذه الإشارة لا تأتي إلا بعد مغادرة الشحنة لفاس، ويقال إن الداعي إلى كل هذه التدابير والاحتياطات التي تبدو مبالغا فيها، هو ضمان السرية، حتى لا يعلم أحد الوجهة التي تم ترحيل الأسلحة إليها.

«دار الماكينة» بكل هذه الهالة التي أحيطت بها، لم تكن إلا جزءا صغيرا جدا من التاريخ الكبير لصناعة الأسلحة بالمغرب، لأن توفر البنادق والمسدسات كان رائجا قبل أن تنشأ «دار الماكينة». وتقول بعض الروايات التاريخية إن السلاح كان أغلى من المؤونة في وقت المجاعات، وصرفت أموال طائلة للحصول عليه، كان ربما الأجدر أن تصرف على توفير الطعام. لكن بعد النظر، ربما أوحى إلى أجدادنا أن يضعوا أموالهم، وكان الذين يتوفرون عليها يعدون على رؤوس الأصابع، في اقتناء الأسلحة بدل الطعام.

الهاجس الأمني، غذى الرغبة في توفر القبائل على الأسلحة، في مغرب كان يعاني من انفلات أمني خطير، وعدم استقرار سياسي. كيف صنعت البنادق فرقا كبيرا في كتابة تاريخ البلاد؟ يبدو أن الجواب عن السؤال سيكون مركبا ومعقدا، لأن الحديث عن مغرب بدون بندقية، كان ليعصف بالمغاربة في وقت أبكر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى