شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

صندوق المقاصة تحول إلى مصدر للريع

مجلس المنافسة يوصي بتخصيص أمواله لدعم مباشر للأسر

محمد اليوبي

كشف التقرير السنوي لمجلس المنافسة برسم سنة 2023، المرفوع من طرف رئيس المجلس، أحمد رحو، إلى الملك محمد السادس، أن صندوق المقاصة، الذي تخصص له الملايير سنويا، تحول إلى مصدر للريع بالنسبة لبعض الشركات المستفيدة منه، ما أثر سلبا على المنافسة في القطاعات المعنية بالدعم. وأوصى المجلس بتوجيه الدعم المباشر للأسر المستهدفة عوض اعتماد آلية المقاصة.

وأكد المجلس، في تقريره، أنه يتابع عن كثب التقدم المحرز في استهداف الفئات المستفيدة من المساعدات، خاصة تنزيل نظام السجل الاجتماعي الموحد. وأشار التقرير إلى أن هذه المساعدات ستساهم لا محالة في تحسين شروط المنافسة في عدة أسواق، سيما الأسواق المرتبطة بالمقاصة، مبرزا أن نفقات المقاصة شكلت لفترة طويلة مصدرا لإخفاق عدة أسواق وحالت دون تقليص تكاليف المنتجين من خلال قواعد المنافسة، وأضحت بالتالي مصدرا للريع.

وفي هذا الصدد، يرى المجلس أن جميع أنواع الدعم الموجهة للمنتجات، بما فيها تنظيم الأسعار، تضر بالاقتصاد الوطني، من منطلق أنها يمكن أن تقلل من الحياد التنافسي في الأسواق المرتبطة بها، وذلك بتقديم مزايا لشركات دون أخرى، وبالمقابل، تحافظ المساعدات المستهدفة والموجهة مباشرة للأسر على سير المنافسة في الأسواق، حيث تتيح للمستهلكين اختيار المنتجات التنافسية الأكثر استجابة لحاجياتهم، الشيء الذي يمكن من تفادي أي تحريف للمنافسة.

وهكذا، يضيف التقرير، حين تسير الأسواق بطريقة تضمن شروط ممارسة المنافسة وفعالية في توزيع الموارد، يصبح الفاعلون الاقتصاديون أكثر تنافسية وابتكارا، بيد أن استهداف المستهلكين كآلية لتعويض المقاصة لا ينبغي أن تكمن غايته فقط في تحسين القدرة الشرائية للطبقات المهمشة، بل أيضا يساعد في إيجاد حلول للإشكاليات المرتبطة بالاستدامة، خاصة القضايا البيئية، وسيساهم ذلك في تحسين الطلب في الأسواق المرتبطة بالاقتصاد الأخضر ومن ثم تعزيز مستوياتها التنافسية. وأبرز التقرير أن المغرب يولي أولوية لتحسين القدرة الشرائية وتقوية شبكة الأمان الاجتماعي، مشيرا إلى أن الحكومة كثفت جهودها في هذا المجال خلال سنة 2023.

وحسب التقرير، كشفت معطيات مديرية الخزينة والمالية الخارجية أن إصدارات النفقات برسم المقاصة بلغت 29,9 مليار درهم في 2023، متراجعة بنسبة 28,4 في المائة مقارنة بسنة 2022، حيث ساهمت هذه النفقات في استقرار أسعار بيع المنتجات المدعمة بالرغم من التقلبات المسجلة على الصعيد العالمي. وأشار التقرير إلى أنه، في واقع الأمر، لا يتعارض تعزيز هذه النفقات مع ضرورة إصلاح نظام المقاصة، مسجلا انخراط الحكومة بالكامل في هذا الورش. واعتبر التقرير قرار الحكومة بتخصيص الأرباح المستخلصة من تخفيض نفقات المقاصة لتمويل جزء من التدابير المقررة في سياق تعميم المساعدات الاجتماعية المباشرة، أحد الحلول المقدمة بالنظر لهذا الهدف الرئيسي.

ويتجسد أحد البدائل المهمة لنظام المقاصة في تحديد الفئة المستهدفة من المساعدات، والتي شرع في تعميمها فعليا عبر تنزيل برنامج المساعدات المباشرة وتوزيع المساعدات الأولية على الأسر المستفيدة. وأوضح التقرير أن الإطار القانوني المنظم لهذه المساعدات، المتمثل في القانون رقم 58.23 المتعلق بنظام الدعم الاجتماعي المباشر والقانون رقم 59.23 بإحداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، دخل حيز التنفيذ، حيث تستهدف المساعدات نسبة 60 في المائة من الأسر غير المشمولة بأنظمة الضمان الاجتماعي، والمستوفية لشروط الاستهداف بعد تسجيلها في السجل الاجتماعي الموحد، وفي هذا السياق، استهدفت الحكومة 3,5 ملايين أسرة خلال هذه السنة الأولى من تنفيذ البرنامجُ.

وفي سنة 2023، كذلك، أعلنت الحكومة عن آلية أخرى لتوجيه المساعدات للفئات المستهدفة، تمثلت في دعم اقتناء السكن، وتم الشروع في تنفيذها في الفترة الممتدة من 2024 إلى 2028. وأكد تقرير مجلس المنافسة أن هذا الدعم يأتي في سياق مطبوع بتراجع قدرة الأسر على اقتناء السكن الناجمة عن انخفاض المداخيل، ولإعادة توجيه مساعدات الدولة للمستفيدين الحقيقيين بدلا من المنعشين العقاريين. ومن جهة أخرى، أفاد التقرير بأنه، بالرغم من التخفيف النسبي للضغوط التضخمية، سجل استهلاك الأسر زخما ضعيفا بسبب استمرار الجفاف واستفحاله لعدة سنوات من جهة، مما أضعف بشكل ملموس المداخيل الفلاحية، وجمود المداخيل الأجرية والعقارية من جهة ثانية، في سياق طغت عليه التداعيات الاقتصادية للأزمة الوبائية. وأشار التقرير إلى أن الارتفاع المستمر لتحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج ساهم في التخفيف من هذه العوامل المتسببة في تقليص مستوى استهلاك الأسر، حيث بلغ مجموعها 115,1 مليار درهم في سنة 2023، أي بزيادة سنوية قدرها 4 في المائة، ومن ثم مكنت التحويلات المالية الأسر المستفيدة من تعزيز نزعتها الاستهلاكية.

فضلا عن ذلك، يضيف المصدر ذاته، أفضى تشديد السياسة النقدية إلى ثني شريحة هامة من الأسر، والتي وجدت نفسها عاجزة عن الحصول على قروض جديدة أو تمديد التزام قائم، وأثر فتور استهلاك الأسر على قدرتها الشرائية، وهو توجه ازدادت حدته على نحو مطرد منذ بروز بوادر الضغوط التضخمية الأولى في 2021.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى