صناعة ثقيلة
من أكبر الأعطاب التي تواجه السياحة المغربية هي تقديم الخدمات السياحية للأجانب من قبل أشخاص يتم استخدامهم بطرق غير مهنية بشكل يمثل عشوائية سياحية تهدد أهم قطاع اقتصادي. ما لا يتم استيعابه جيدا من طرف المعنيين أن المنظومة السياحية صناعة ثقيلة وسلسلة من الحلقات وتداخل لقطاعات حكومية تتفاعل مع عدة عوامل وظروف محيطة، تصنع الشكل النهائي للمنتوجات والخدمات السياحية، ويعبر مستوى هذه التفاعلات عن تموقع قطاع السياحة في الاقتصاد الوطني، كبديل استراتيجي ومنتج للثروة.
والواقع الذي لا يمكن تغطيته بالغربال أنه رغم الأرقام والمداخيل السخية التي نحصل سنويا، فهي لا تعكس نجاحا في تدبير هذا القطاع، بل هي مرتبطة بعوامل أخرى ساهم فيها كوفيد 19، وإنجازات المنتخب والاستقرار الأمني والسياسي، لكن كان بالإمكان أن يتحقق أكثر مما كان ونتجاوز سقف 20 مليون سائح وحاجز 200 مليار درهم لولا انتشار طفيليات منتعشة باسم خدمات سياحية من أمام المطارات إلى عودة السائح لبلاده.
والغائب الأكبر في القطاع السياحي هو المساءلة والمراقبة الشاملة والمنتظمة، تجاه كل من تتبين إساءته لسمعة السياحة المغربية سواء من خلال تقديم خدمات سيئة للسائحين الوافدين أو النصب عليهم والحصول من طرف السائقين أو المرشدين أو تجار البازارات على مبالغ مالية كبيرة ليست من حقهم، إنها كارثة كبيرة تواجه قطاع السياحة منذ عدة عقود وهي في تزايد لا تراجع.
ولذلك لابد من القضاء وبأقصى سرعة على الطفيليات بقطاع السياحة وهم السماسرة والدخلاء بالقطاع والذين يتسببون يوميا في إلحاق الأضرار الكبيرة بسمعة السياحة المغربية سواء من خلال التعامل مع السائحين وتنظيم رحلات لهم أو من خلال الحجز الإلكتروني دون أي ضوابط أو الذين يتكلفون بنقل السياح دون ضوابط، بالإضافة إلى الخدمات الفندقية التي تعد من أسوأ الخدمات، نحن لا نتحدث عن الفنادق صاحبة خمس نجوم المحسوبة على رؤوس الأصابع، بل المؤسسات الفندقية التي تشكل أغلبية بنيات الاستقبال السياحية. لأن ضمان خدمات سياحية و فندقية في المستوى المطلوب وبكفاءة مهنية محترفة لها دور كبير في تحديد مستوى جودة سياحتنا، بل نكاد نقول إن مستخدمي المؤسسات الفندقية هم بمنزلة حكم مباشر على الآراء تجاه السياحة المغربية.
وللأسف أن أرباب الفنادق الذين يستفيدون من الدعم العمومي في الأزمات كما في الرخاء، لا يولون أي اهتمام لمستخدميهم، ولو تحرك مفتشو الشغل بالكيفية المطلوبة لوجدوا أن مئات المستخدمين في فنادق محترمة لا يتوفرون على تكوين ولا تغطية اجتماعية ولا صحية ولا احترام ساعات العمل القانونية، وهناك تكمن معضلة الصناعة السياحية.