تارودانت: محمد سليماني
صادق المجلس الإقليمي لتارودانت خلال دورته الأخيرة على نقطة في جدول أعماله، تتعلق بالدراسة والمصادقة على اتفاقيات الشراكة لتدبير النقل المدرسي بين مجلس إقليم تارودانت و17 جماعة ترابية بالإقليم.
وحسب المعطيات، فإن مجلس إقليم تارودانت عقد صفقة لاقتناء مجموعة من سيارات النقل المدرسي، من أجل توزيعها على عدد من الجماعات الترابية بالإقليم، وذلك استنادا إلى الخصاص الذي يعرفه هذا النقل بهذه الجماعات، وأيضا بُعد مداشرها وقراها عن المؤسسات التعليمية. غير أن الملاحظ أن هذه الصفقة تم إنجازها في وقت ما زالت فصول صفقة مماثلة أمام محكمة جرائم الأموال بمراكش، والتي سبق أن أنجزها المجلس الأسبق خلال الولاية الانتدابية 2015/2021.
وكان كل من قضاة المجلس الأعلى للحسابات، وقضاة المجلس الجهوي للحسابات، ثم مفتشي الإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية قد باشروا تحقيقات في صفقات وميزانيات المجلس الإقليمي لتارودانت خلال الولاية الانتدابية 2015/2021. وينتظر الرأي العام المحلي بالمنطقة ما ستؤول إليه هذه التحقيقات، خصوصا بعد تفجر فضيحة اقتناء 40 حافلة للنقل المدرسي بطريقة شابتها الكثير من «الاختلالات»، والتي وصلت بدورها إلى القضاء.
وتعود تفاصيل هذه القضية المثيرة للجدل إلى شكاية رفعها النائب الرابع بالمجلس الإقليمي لتارودانت، تضمنت معطيات «مثيرة»، من بينها أن المجلس الإقليمي لتارودانت اقتنى هذه الحافلات بوساطة شركة، في وقت يمكن الاتفاق مباشرة مع شركة من شركات بيع السيارات، إضافة إلى أن هذه الصفقة تمت بواسطة عقد، وليس عبر طلبات عروض مفتوحة، مع العلم أن المبلغ موضوع العقد يصل إلى 18.744.000,00 درهم. وأبرزت الشكاية أن هذا العقد حدد ثمن اقتناء كل حافلة في مبلغ 468.600,00 درهم، في حين أن الثمن الحقيقي لمثل هذه الحافلات، وبجودة عالية تفوق تلك التي تم اقتناؤها لا يتعدى 370.000,00 درهم، أي أن الفارق يصل إلى 98.600,00 درهم عن كل حافلة. وبعملية حسابية بسيطة، فإن المبلغ «المختلس»، حسب ملتمس الوكيل العام للملك، من الصفقة ككل بالنسبة إلى 40 حافلة هو 3.944.000,00 درهم.
وبحسب المعطيات، فإن المتهم الرئيس في هذا الملف يتابع بجناية اختلاس وتبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، كما تتابع النيابة العامة زوجة البرلماني، مالكة الشركة الخاصة «TAD»، بتهمة المشاركة في تبديد أموال عامة. ومن المستجدات التي أدت إلى إخراج الملف من الحفظ، أن الشركة المتعاقد معها لا تتمتع بالصفة القانونية حين أبرمت الاتفاقية بينها وبين المجلس الإقليمي، لأنها لم تكن موجودة في الأصل يوم فتح أظرفة الصفقة، بتاريخ 16 مارس 2017 على الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، كما أنها لم تحصل على شهادة السجل التجاري إلا يوم 20 مارس، أي بعد توقيع عقد الصفقة، كما أن التسجيل في الضمان الاجتماعي لم يتم إلا يوم 21 مارس من السنة ذاتها، ورغم ذلك حازت على هذه الصفقة المثيرة بطريق «مشبوهة»، والتي تصل قيمتها إلى مليار و874 مليون سنتيم.
واستنادا إلى المعطيات، فقد اعتبر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش أن فصول التحقيق في هذه القضية بينت أن المتهميْن ارتكبا المنسوب إليهما، خصوصا أن رئيس المجلس الإقليمي الأسبق لتارودانت يعتبر مؤتمنا على مالية المجلس، ومن المفروض عليه أن يحافظ على هذه المالية من الاختلاس والتبديد. كما اعتبرت النيابة العامة أن اقتناء 40 حافلة بثمن يفوق سعرها الحقيقي يشكل أيضا اختلاسا وتبديدا للمال العام، إضافة إلى أن زوجة برلماني إقليم طاطا، باعتبارها صاحبة الشركة التي اقتنت هذه الحافلات لفائدة المجلس الإقليمي، وحصولها على مبالغ تفوق قيمتها السوقية، تكون قد شاركت في تبديد المال العام.