شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

صفقات أغراس مشبوهة بالوكالة الوطنية للمياه والغابات

عضو بالمجلس الإداري يحتكر صفقات بالملايير بعد مضاعفة ثمنها من 80 سنتيما إلى 3 دراهم 

محمد اليوبي

 

حصلت «الأخبار» على وثائق تفضح اختلالات وتلاعبات خطيرة تشوب الصفقات التي تطلقها الوكالة الوطنية للمياه والغابات، من أجل تزويدها بالأغراس والشتائل الغابوية، والتي تكلف ملايير السنتيمات سنويا من المال العام، وتحتكرها مقاولة واحدة، ما يستدعي فتح تحقيق من طرف المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة المالية.

ووجهت مجموعة من المقاولات الغابوية شكايات إلى الجهات المختصة، من أجل فتح تحقيق حول حصول مقاولة في ملكية عضو بالمجلس الإداري للوكالة على جل الصفقات التي تطلقها المديريات الجهوية للوكالة. وأكدت المقاولات المتضررة في رسالة إلى فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن موضوع صفقات إنتاج الشتائل الغابوية يستوجب تدخلا عاجلا عبر لجان افتحاص متخصصة، وكشفت الرسالة أن هذه الصفقات أصبحت وسيلة اغتناء فاحش من طرف المقاول المذكور ومعاونيه. وأفادت رسالة أخرى للمقاولات بأن الوكالة الوطنية للمياه والغابات ترصد سنويا الملايير لإنتاج الشتائل الغابوية، حيث تم النفخ في ثمنها الذي انتقل من 80 سنتيما إلى أكثر من ثلاثة دراهم للشجيرة الواحدة، وهذا ما يبين التلاعب بالمال العام.

ورغم هذه الاختلالات، فقد أعلنت الوكالة عن إطلاق صفقات إطار جديدة تمتد على مدى ثلاث سنوات، وتتضمن دفاتر تحملات هذه الصفقات شروطا على مقاس الشركة المحظوظة التي يملكها عضو بالمجلس الإداري للوكالة، ما يجعله في وضعية تضارب للمصالح. ومن بين الشروط المطلوبة توفر المقاولات التي ترغب في تقديم عروض للمشاركة في هذه الصفقات، أن تتوفر على مراجع تخص السنوات الثلاث الماضية، في حين الشركة نفسها التي نالت الصفقات الخاصة بهذه السنوات، ما اعتبرها أصحاب المقاولات بأنها شروط تعجيزية تحد من المنافسة.

وتوصلت «الأخبار» بوثائق وصور تكشف تبديد الأموال العمومية في صفقات الأغراس الغابوية دون استعمالها، وتبقى عرضة للضياع، وتشير هذه المعطيات إلى أن الوكالة تطلق صفقات لتوريد ملايين الأغراس سنويا دون وجود الحفر لغرسها، حيث يتم إطلاق صفقات توريد الأغراس دون إطلاق الصفقات الخاصة بأشغال الحفر لغرس هذه الشتائل، حيث لا يتم غرس سوى 30 في المائة من الأغراس، فيما تبقى النسبة الأخرى عرضة للضياع والإتلاف. وفي هذا الصدد، تطالب المقاولات الغابوية بتشكيل لجنة للتحقيق لإحصاء الشتائل المغروسة، ومقارنتها بالأعداد التي تم أداء مبالغ شرائها من خلال الصفقات التي أطلقتها الوكالة بجميع جهات المملكة.

وعلى سبيل المثال، حصلت «الأخبار» على معطيات مفصلة تخص صفقة إنتاج الأغراس بجهة الشرق، حيث تم إطلاق صفقة إطار لمدة ثلاث سنوات، وحددت كمية الأغراس المطلوبة في 500 ألف شجيرة كحد أدنى ومليون شجيرة كحد أقصى، وحددت الوكالة ثمن الشجيرة الواحدة في مبلغ 2,75 درهم، علما أن ثمنها لم يكن يتجاوز مبلغ درهم واحد، لكن وثائق الأداء تكشف أن الوكالة أدت مبالغ تقارب 300 مليون سنتيم سنويا، ويعني أنها قامت بتوريد الحد الأقصى الذي يتجاوز مليون شجيرة سنويا، لكن يبقى السؤال المطروح أين غرست الوكالة هذه الكمية من الأغراس؟ علما أنه يتم إنتاج شتائل بدون وجود حفر لغرسها.

كما كشفت الوكالة أن المقاولة المحتكرة للصفقات لا تؤدي الضريبة على القيمة المضافة، كما أنها تستغل التجهيزات والمشاتل المملوكة لإدارة المياه والغابات لإنتاج الأغراس التي تبيعها إلى الوكالة نفسها، على سبيل المثال، المشاتل الموجودة بسيدي يحيى الغرب، وتازة، والناظور، وتاوريرت، ومراكش وغيرها من المدن، وأكدت مصادر من الوكالة أن هذه المشاتل أنفقت عليها الدولة الملايير من المال العام لتجهيزها.

وأشارت المصادر إلى أنه يتم إطلاق هذه الصفقات بدون وجود دراسات مسبقة لتحديد الحاجيات من الأغراس، لتحديد الكميات المطلوبة بشكل دقيق، وهذا يفرض إطلاق صفقات لتهيئة الحفر، قبل إعلان صفقات توريد الأغراس، خلافا لوزارة الفلاحة التي أطلقت صفقات شاملة في إطار مخطط المغرب الأخضر، تتضمن أشغال الحفر والغرس والتزويد بالشتائل، وكذلك صيانة هذه الأغراس. وتحدثت المصادر عن غياب المراقبة للشتائل التي تنتجها بعض المقاولات النائلة لصفقات الوكالة الوطنية للمياه والغابات، بعضها لا يتوفر على ترخيص من وزارة الفلاحة، كما لا تخضع لمراقبة المكتب الوطني للسلامة الصحية «أونسا»، خاصة نوعية الأدوية والمبيدات المستعملة لتفادي انتشار الأمراض بالغابات.

وتطالب النقابات والجمعيات الممثلة للمقاولات الغابوية الصغرى والمتوسطة بعقد لقاءات مع المدير العام للوكالة، ووزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، من أجل تدارس الاختلالات التي تشوب تدبير الصفقات العمومية داخل الوكالة، سواء على مستوى شكلياتها أو تحديد شروط المشاركة فيها، وتحديد نوع الأشغال أو الخدمات المراد إنجازها، بالإضافة إلى الخروقات التقنية التي تكتنف الجانب التقني منها، واقتراح الحلول لعقلنة استعمال أموال الدولة العمومية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى