صاحب السيرة الذاتية لمحمد الخامس في منفاه يعلن نفسه مواطنا مراكشيا
حسن البصري
رغم ارتباطه بالمغرب، إلا أن دولا عربية كالأردن وسوريا ولبنان كرمت هذا الباحث متعدد المواهب بوضع اسمه على مرافق البحث الأكاديمي، في حين نشأت في المغرب جمعية «أصدقاء روم لاندو» بعد وفاته، لكنها ولدت ميتة.
اسمه الحقيقي رومولد لاندو، لكنه عرف بـ«روم»، ولد في 17 أكتوبر 1899 ببولونيا، إلا أنه حمل الجنسية البريطانية، ظهرت مواهبه منذ الصغر، وكان عسكريا ونحاتا، ومربيا وصحافيا وباحثا في تاريخ الشعوب، ومحاضرا في العديد من جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تخصص في الثقافة العربية والإسلامية، وكانت أكثر اهتماماته موجهة للمغرب.
ألف روم العديد من الأعمال حول المنطقة، وخاصة عامي 1950 و1960، ومن أبرزها: (دعوة إلى المغرب، فرنسا والعرب، الإسلام والعرب، الله ومغامرتي، سلم الرسل والفن العربي)..
يقول عنه الباحث إبراهيم العلاف: «كثيرون لا يعرفون الكاتب والمؤرخ البولوني الأصل والبريطاني الجنسية، البروفيسور روم لاندو، والذي يعد كذلك مستشرقا له دراسات عن العرب والاسلام والمغرب، فهو من مواليد 17 أكتوبر سنة 1899 وقد توفي في مراكش بالمملكة المغربية سنة 1974 وقد عمل لفترة في البلاط، حيث ألف كتابا عن سيرة السلطان تحت عنوان: «محمد الخامس منذ اعتلائه عرش المغرب إلى يوم وفاته» ترجمته ليلى أبو زيد.
وطأت قدما روم تراب المغرب لأول مرة عام 1924، ومنه انطلق في رحلة صوب الشرق، قادته للقاء سلاطين وزعماء العديد من الدول العربية، وحين عاد إلى المغرب عام 1948، نعرف أكثر على القيادة الاستقلالية التي كانت تنظر للحركة الوطنية، خاصة بعد أن أضحى «مؤرخ المملكة» من خلال كتابه الشهير: «تاريخ المغرب في القرن العشرين» الذي ترجم إلى العربية وطبع أكثر من طبعة.
زار روم محمد الخامس في منفاه، حيث انكب على وضع الخطوط العريضة لمشروع سيرة السلطان في منفاه، خص فيها الحديث عن سلطان المغرب محمد الخامس، الذي نفي من قبل القوة الاستعمارية الفرنسية إلى مدغشقر رفقة أسرته، حيث ذاقوا أنواع القهر النفسي والمادي في سبيل الحفاظ على مكتسبات الوطن، وقد وظف الكاتب مجموعة من الخصائص الفنية التي يقوم عليها فن السيرة باعتباره نصا سرديا، كالشخصيات، والزمان والمكان، والأحداث، والسرد والوصف، والحوار..
ظلت نصوص روم لاندو حاضرة في المنظومة التربوية المغربية، ولم تخل العديد من الامتحانات في أكاديميات التعليم من أعماله، خاصة حين يتعلق الأمر بالملك الراحل محمد الخامس في منفاه، وسيرته الذاتية مع ما تحمله من مقومات هذا الجنس الأدبي، والذي يحتاج إلى الموضوعية والواقعية في نقل الأحداث، من خلال اعتماد ضمير الغائب، يتضمن النص قيما وطنية وإنسانية نبيلة تتجلى في الصبر، والتضحية والإخلاص.
كتب روم لاندو عن «القرويين» وأثرها على فاس والمغرب، كما قدم بعض الحقائق التاريخية والمعمارية عن الجامعة، وسرعان ما رد عليه المؤرخ المغربي عبد الهادي التازي وتحول النقاش إلى سجال في منتديات المؤرخين المغاربة والأجانب. والطريف في حديث لاندو عن «القرويين» أنه ذكر أنها تسع مائتي ألف نسمة (200.000) وهو رقم مبالغ فيه، يستدعى التدقيق في معرفة مساحة «القرويين».
عاش روم أيامه الأخيرة في مراكش، حيث كان يقضي سحابة يومه في مقهى «بكيليز» يتصفح الجرائد اليومية، معتزا بانتمائه لهذه المدينة، إلى أن حكم عليه المرض بالمكوث في بيته حيث توفي صيف 1974.