شوف تشوف

شوف تشوف

شكون يشهد ليك أ العروس

 

للسيد حكيم بوتشماشسث، المعروف أكثر ببنشماش، علاقة غريبة بالطائرات، فهو لا يكاد يحط من واحدة حتى يطير في أخرى، ودائما نحو دول بعيدة جدا، مثل الصين التي طار إليها بالتزامن مع القربالة التي اندلعت خلال اجتماع مكتب مجلس المستشارين والذي شهد نقاشا ساخنا بين أعضائه حول انفراد رئيس المجلس، حكيم بوتشماشسث، في تسيير وتدبير شؤون الغرفة البرلمانية الثانية، وتخصيص اعتمادات مالية مهمة من المال العام لتلميع صورته وتبييض النقط السوداء التي تشوب صرف ميزانية المجلس خلال فترة توليه المسؤولية، وذلك على بعد أشهر قليلة من حلول منتصف الولاية التشريعية، التي ستعرف تجديد انتخاب رئيس ومكتب المجلس، خلال شهر أكتوبر المقبل. فالسيد حكيم يعرف أن أيامه أصبحت معدودة في هذا المنصب الذي ذاق حلاوته، لأنه حصل عليه بمشقة الأنفس وبفضل الضوباج بفارق صوت واحد عن منافسه الاستقلالي عبد الصمد قيوح، خاصة أن الأغلبية التي أوصلته إلى المنصب، أصابها الانهيار خلال الأسابيع الأخيرة، بعدما انقلب عليه أعضاء فرق التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد العام لمقاولات المغرب.

ورفضت أغلبية مكتب المجلس إصدار بلاغ بخصوص اتفاقيات الشراكة التي وقعها بنشماش مؤخرا لتلميع صورته، ومنها اتفاقية مع وكالة المغرب العربي للأنباء، بمبلغ 200 مليون سنتيم، مقابل تخصيص قصاصات تطبل له، رغم أن الوكالة هي مؤسسة عمومية تتلقى التمويل والدعم من خزينة الدولة، ومن المفروض أن تقوم بمهمتها ودورها في مواكبة وتغطية الأحداث والأنشطة التي تقوم بها مختلف المؤسسات، ومنها مؤسسة البرلمان، وهنا يبقى السؤال المطروح لماذا هذا الدعم السخي من رئيس المجلس لمؤسسة عمومية كوكالة المغرب العربي للأنباء تستفيد من ميزانية الدولة، خصوصا إذا عرفنا أن رئيس مجلس المستشارين طالما اشتكى لرئيس الحكومة السابق من نقص الميزانية.

ثم إن هذا الدعم السخي من بوتشماشسث لوكالة الهاشمي ليس حديثاً، فقد سبقه دعم مماثل السنة الماضية، والسؤال المحير هو في أي إطار أدرج محاسبو الوكالة هذا الدعم المالي ؟ فنحن نعرف أن الوكالة تبيع الانخراطات فقط ولا تنافس المؤسسات الخاصة على العقود الإشهارية وعقود الخدمات، ففي أية خانة يذهب هذا المال إذن ؟

ولولا رفض أعضاء المكتب بقوة لمخطط آخر لتلميع صورة الرئيس، لكان بوتشماشسث نجح في تمرير صفقة أخرى في اجتماع المكتب، وتتعلق بتوقيع اتفاقية شراكة مع مواقع إلكترونية مقربة منه، بمبلغ 150 مليونا سنويا.

لكن المثير للدهشة والاستغراب هو توقيع بوتشماشسث وبدون حضور أي عضو بمكتبه، يوم 14 دجنبر، اتفاقية شراكة مع الجامعة الدولية بالرباط، سيمنحها بموجبها مبلغ 200 مليون سنويا.

“وعلاش هاد الكرم كامل” مع جامعة خاصة يا ترى ؟ الجواب هو أن سيادة الرئيس قرر إخضاع 120 مستشارا برلمانيا للتكوين في التخصصات ذات العلاقة باختصاصات المجلس، وأيضا لفائدة موظفات وموظفي المجلس في مجالات اشتغالهم ومهامهم.

“هوما المستشارين حضرو حتى الحضور فالمجلس بقا عاد يحضرو للجامعة يقراو”.

ثم إن هذه الجامعة تعتبر مؤسسة خاصة لها أهداف ربحية، وإذا كان رئيس المجلس يريد عقد شراكة مع الجامعات فأمامه الجامعات العمومية، وحتى “إلى عمات ليه الجرية” وأراد التعاقد مع مؤسسة جامعية خاصة فقد كان عليه أن يقوم بفتح طلبات عروض حتى تشارك الجامعات والمعاهد الخاصة الأخرى.

لكن يبدو أن عقدة التعاقد بين مؤسسات عمومية ومؤسسات خاصة أصبحت رياضة وطنية، وها نحن نرى كيف فتح المكتب الوطني للمطارات المجال للمستشفيات الخاصة لكي تدبر الخدمات الصحية المستعجلة داخل المطارات، والمصيبة أن مطار الدار البيضاء ومطارات أخرى “ربح” المستشفى الدولي بمراكش صفقتها وأصبح أُطر وزارة الصحة الذين يشتغلون في المطار هم من يقومون بالتدبير المفوض للخدمات الصحية لصالح شركة هذا المستشفى الدولي التي لم تستثمر في توظيف أي إطار طبي، وهذا ملف آخر سوف نعود إليه في حينه.

وعندما يقرر بوتشماشسث تحمل مسؤولية تكوين البرلمانيين فإنه ينسى أن هذه ليست وظيفته بل هي من اختصاص الأحزاب التي ينتمون إليها، وهنا نطرح تساؤلا عريضا، أين تصرف 300 مليون التي يخصصها بنشماش سنويا لدعم الفرق البرلمانية تحت مبرر تنظيم الأيام الدراسية والدورات التكوينية لفائدة البرلمانيين، مما يستدعي فتح تحقيق حول الأموال التي حصل عليها أساتذة جامعيون تحت غطاء تكوين أعضاء مجلس المستشارين، دون الحديث عن “بدعة” الخبراء الذين تم إلحاقهم بمجلسي البرلمان بأجور تتجاوز أجور البرلمانيين أنفسهم، لكي يقوموا بمهام التأطير والتكوين في مجالات التشريع والدبلوماسية البرلمانية ومراقبة العمل الحكومي.

وبعض هؤلاء “الخبراء” تَرَكُوا مدرجات الجامعة وهجروا طلبتهم وتحولوا إلى “أشباح” تحت قبة البرلمان يستفيدون من الامتيازات والريع رافعين شعار “قادمون وقذرون”.

طبعا هذا دون أن نتحدث عن تخصيص ميزانية 480 ألف درهم لفائدة الفرق والمجموعات البرلمانية من أجل صرفها في المساعدة البرلمانية، وذلك بناء على تمثيلية الفرق والمجموعات، بما يعادل 4 آلاف درهم شهريا كميزانية مخصصة للمساعدة عن كل برلماني، مع وضع دفتر تحملات يلزم الفرق والمجموعات البرلمانية بصرف الميزانية المذكورة في الاستفادة من الخبرات والاستشارات اللازمة، وذلك من خلال صرفها كمنح للطلبة الباحثين الذين سيضعون خبراتهم وبحوثهم رهن إشارة المستشارين.

لقد رفض أعضاء بالمكتب الصمت عن هذه الفضائح ورفضوا في الاجتماع الأخير الموافقة على إصدار بلاغ حول هذه الاتفاقيات، فيما فضل بوتشماشسث الهروب إلى الصين، وتكلف بالدفاع عنه صديقه مول الغرزة العربي المحرشي، صديق وشريك إلياس العماري الذي قضى سنتين وراء قضبان سجن “الزاكي” بسلا بعد إدانته في قضية تتعلق بتهمة النصب والاحتيال على أحد المواطنين بادعائه القدرة على التدخل لدى مسؤول كبير في وزارة العدل من أجل كسب قضية كانت معروضة على القضاء مقابل الحصول على مبلغ قدره 16 مليون سنتيم.

ومن الغرائب التي ابتلينا بها في هذه البلاد، أن صاحب السوابق في النصب والاحتيال أصبح يشغل منصب محاسب مجلس المستشارين، ويسهر على تدبير ميزانية تفوق 26 مليار سنتيم، “واش عمركم شفتو الديب كيسرح الغنم”.

وبعد الضجة الإعلامية التي أثارها موضوع افتحاص ميزانية مجلس المستشارين، واشتداد الضغط على السيد حكيم من طرف أعضاء مكتبه، اضطر إلى تشكيل لجنة افتحاص الميزانية المعروفة باسم “اللجنة 13” لكونها تتشكل من 13 برلمانيا من خارج أعضاء المكتب، لكن تشكيل هذه اللجنة كان على المقاس بانتخاب عز الدين الزكري عن فريق الاتحاد المغربي للشغل على رأس لجنة الافتحاص، بدعم ومساندة قوية من فريق حزب الأصالة والمعاصرة، وبحضور ثمانية أعضاء فقط من أصل 13 عضوا تتكون منهم اللجنة، ما أثار تحفظ باقي الفرق البرلمانية، لكون محاسب المجلس الثاني إلى جانب المحرشي، هو رشيد المنياري، ينتمي إلى نفس فريق النقابة، “كالو ليها شكون يشهد لك آ العروس؟ كالت لهم أمي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى