إجراءات جديدة تخص نظام التكوين في مراكز تأهيل الناجحين
تشهد كل الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح موجة احتجاجات غير مسبوقة بسبب قرار وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى فرض معايير جديدة في توظيف أطر هيئة التدريس والدعم التربوي والإداري والاجتماعي. وشملت هذه الاحتجاجات مقاطعة الدروس والامتحانات. يأتي هذا في وقت ناهز عدد المترشحين 100 ألف، مع البدء، على صعيد الأكاديميات والمديريات الإقليمية، في الإعداد المادي للمباراة.
المصطفى مورادي
لا يبدو أن الخرجات الإعلامية للمسؤولين المركزيين والجهويين في قطاع التربية الوطنية، المدافعة عن المعايير الجديدة في توظيف المدرسين والملحقين، كافية لتهدئة الرأي العام، حيث تجتاح الجامعات المغربية فضلا عن بعض الفضاءات العامة موجات احتجاج تمتد أحيانا إلى الليل تنديدا بالقرارات الوزارية الأخيرة، والتي ستحرم عشرات الآلاف من حاملي الإجازات الممنوحة من الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح من اجتياز المباراة، إما بسبب عامل السن، أو بسبب ضعف المعدلات قياسا لعدد المناصب المعلنة.
احتجاجات متواصلة
قوبلت احتجاجات الطلبة وحاملي الإجازة المعطلين أحيانا بتدخلات أمنية، خصوصا في المدن التي خرج فيها المحتجون للشارع العام، وهو ما أدى لحدوث إصابات في صفوف المحتجين، فضلا عن مطاردات واعتقالات. بالموازاة مع ذلك، مازال الكثير من المترشحين يمنون النفس بأن يتم التراجع عن قرار السن تحديدا في الأيام القليلة القادمة.
وحتى الساعة مايزال وزير التربية الوطنية متشبثا بقراره، حيث أكد، في آخر تصريح إعلامي، «أن الانتقاء الأولي لاجتياز مباريات توظيف أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، يهدف إلى «تثمين المهنة بما يخدم الارتقاء بمستوى كفاءة هيئة التدريس، ويساعد على وضع مسار مهني جديد للمدرس».
ونقل بلاغ للوزارة عن بنموسى قوله، خلال ترؤسه للاجتماع الثاني للحوار الاجتماعي القطاعي مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، إن هذا الإجراء يروم، أيضا، «التأسيس لمدرسة ذات جودة وجعل التلميذ يطور المعارف والقدرات ليساهم في تطور البلاد، عبر فرص الشغل التي سيحصل عليها من خلال كفاءاته، لأن أحسن طريقة لتكافؤ الفرص هي التكوين».
ويتعلق الأمر بكل من الجامعة الوطنية للتعليم (ا. م. ش) والنقابة الوطنية للتعليم (ك. د. ش) والجامعة الحرة للتعليم (ا. ع. ش. م) والجامعة الوطنية للتعليم (FNE) والنقابة الوطنية للتعليم (ف. د. ش).
وخلصت المناقشات خلال هذا الاجتماع، حسب البلاغ، إلى حصر القضايا الأساسية المطروحة والاتفاق على استكمال الحسم فيها من خلال أربعة محاور يهم أولها الملفات المطلبية الجاهزة التي سبق إعداد مشاريع مراسيم بشأنها، ويتعلق الأمر بملفي الإدارة التربوية (المتصرف التربوي) وأطر التوجيه والتخطيط التربوي، حيث تم الاتفاق على الانطلاق من حيث انتهى الملف وعرض المشاريع على اللجنة التقنية من أجل إبداء الملاحظات، استجابة لمطالب النقابات في هذا الصدد. كما سيتم تناول أربعة ملفات ذات الأولوية تتعلق بوضعية الموظفين حاملي الشهادات العليا، والمكلفين خارج سلكهم الأصلي، والمساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين وحاملي الدكتوراه.
هندسة تكوين جديدة
بالموازاة مع هذا الجدل، ستنكب اللجنة التقنية على هذا الملف من أجل إيجاد حلول مبتكرة في ما يهم المحور الثالث مشروع النظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة، حيث تم الاتفاق على بعض الأهداف والمداخل التي سيتم اعتمادها أرضية للشروع في الاشتغال عليه بداية من شهر يناير المقبل، أخذا بعين الاعتبار ما جاء به القانون الإطار 51.17 والنموذج التنموي الجديد، بينما يهم المحور الرابع تطوير العلاقة مع النقابات التعليمية من خلال تقييم مضامين المذكرة رقم 103 الصادرة سنة 2017 وتحيينها إذا اقتضت الضرورة ذلك، بما يضمن تعزيز العمل التشاركي .
وتم الاتفاق، أيضا، على العمل من أجل التسريع بتسوية بعض الوضعيات الإدارية المتأخرة كالترقيات في الدرجة والرتبة برسم سنتي 2019 و2020 التي تم تأخيرها بسبب جائحة كوفيد- 19.
في السياق نفسه تعمل الوزارة الوصية على وضع اللمسات الأخيرة على هندسة جديدة للتكوين تروم تعزيز الكفاءة المهنية للمتدربين، سواء من حيث التكوين النظري أو الميداني، لتجاوز مجموعة من الإشكالات التي واجهها المتدربون في المؤسسات التعليمية.
هذه الهندسة التكوينية الجديدة تروم تشديد إجراءات المراقبة لمنع الغياب في صفوف المتدربين، وأيضا مراقبة التزامهم بالتداريب داخل المؤسسات التعليمية.
وتتحدث مصادر خاصة بالجريدة عن قرب تعديل المرسوم المؤسس للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، تعديل سيأخذ بعين الاعتبار مستجدات كثيرة منها المستجدات التي حملها قرار المباراة الأخير.
في سياق متصل، قال شكيب بنموسى، في تعقيبه على مداخلات أعضاء لجنة التعليم بمجلس المستشارين حول مشروع الميزانية القطاعية للوزارة، إن مراجعة سن الولوج إلى مهنة التدريس بالأكاديميات الجهوية، لا تشكل سوى جزء من هذا الإصلاح، مبرزا أن مرتكزات هذا الإصلاح تشمل البعد التشريعي، ومراجعة المناهج الدراسية، وتوظيف اللغات الأجنبية، والاهتمام بالتعليم الأولي والعناية بالتعليم في العالم القروي.
وعلى المستوى التشريعي، أكد بنموسى أن الوزارة منكبة على صياغة وإعداد عدد من النصوص التشريعية ذات الصلة بإطار التربية والتكوين، كما أنها أحالت مشروعي قانونين على المجلس الأعلى للتربية والتكوين قصد إبداء الرأي، أحدهما يتعلق بمشروع قانون التعليم المدرسي.
وأوضح الوزير أن سن الولوج إلى التعليم الأولي سينخفض من أربع إلى ثلاث سنوات، لتمكين الطفل من التعود على أجواء التدريس في سن مبكرة، خاصة أن كل الدراسات تشير إلى أن التعليم الأولي يساهم في ضمان جودة التعليم. وشدد بنموسى على أن الارتقاء بجودة التعليم سيكون هو الهاجس الأول لعملية الإصلاح.
عن كثب:
انفعالات
نافذة:
إذا كان تسقيف سن المدرسين في 30 سنة مفيدا فيجدر أيضا تسقيف سن المترشحين لمباريات التفتيش والتوجيه والتخطيط والإدارة ومختلف مراتب المسؤوليات
كان منتظرا أن تثير الشروط الجديدة لمباراة هيئة التدريس كل هذا الجدل. جدل وصل حدود الصفاقة و«قلة التربية». فبدل الحديث والاحتجاج بلغة حضارية وبالحجج القانونية والفكرية المقنعة، اختار كثيرون «تشخيص» هذا الجدل، فتفرغوا للحديث عن المسار الشخصي والمهني للوزير شكيب بنموسى، مع أن اختياره لاعتماد الانتقاء بالسن والمسار الأكاديمي لا علاقة له بكونه كان مسيرا لشركة خاصة أو لكونه وزيرا سابقا للداخلية، كما لا علاقة لهذا القرار بكونه سفيرا سابقا للمغرب في العاصمة الفرنسية. وما صمت الأحزاب المشكلة للحكومة وكذا «تفهم» النقابات التعليمية للقرار، عقب آخر لقاء لها مع بنموسى، إلا دليل على أن معارضة تسقيف شروط الترشح في سن 30 وفرض شروط أكاديمية تجمع بين التعليم المدرسي والجامعي هي معارضة تتوقف على فئة معينة، ترى نفسها متضررة من القرار، بينما فئات عريضة ترى الصواب فيه.
فكل من يهتم بتربية وتعليم ابنه أو بنته أو أخيه أو أخته، لن يتمنى له أو لها أستاذا/ة بدأت مسارها المهني في السنة 50. أي بعد أن أصبحت جدة لأحفاد البنين والبنات.
المعضلة هنا هي الانزلاق الأخلاقي الذي حدث، والذي تجلى في كون الكثيرين نقلوا معارضتهم لهذا المستجد من باب الحجاج القانوني والفكري والعلمي إلى مجال التعريض والطعن في الأعراض واتهام النوايا وتخوينها.
من جهة أخرى، لا يمكن إغفال أن الوزارة الوصية، ومن خلالها الحكومة ككل، تتحمل مسؤولية هذا الاحتقان الذي وصل حدود إصابة الجامعات المغربية بالشلل. ووجه المسؤولية هنا هو التنزيل المفاجئ والمتسرع لقرار تسقيف السن وتحديد المسار الأكاديمي دون مقدمات وسوابق. ولكي نفهم الصورة أكثر، يكفي أن نقول إنه تم، في سنة 2020، توظيف أشخاص يبلغون 50 سنة، إذ منهم المتقاعد الذي استفاد من المغادرة الطوعية في مجالات عمومية ليختار العمل متعاقدا، ومنهم الجدة التي وجدت نفسها بدون أنيس بعد زواج الأبناء والبنات لتختار التعليم «باش تعمر وقتها». لكن في 2021 تم فرض ما دون 30 سنة، أي عشرين سنة كاملة بجرة قلم.
كان من المفروض أن يتم الأمر بشكل «تعاقدي»، أي أن يتم تنزيل القرار بشكل تدريجي وفق رزنامة زمنية معلنة..، بحيث يعلم كل خريجي الجامعات المغربية نوايا الوزارة بخصوص مهنة الأستاذية، وليس تنزيل هذه الشروط بشكل فجائي كما حدث.
المشكلة إذن، في هذا الجدل الاجتماعي والسياسي، هي أننا أمام طرفين تنقصهما الحكمة. طرف يرى في السب والشتيمة لغة للاحتجاج دون تقديم أدلة قانونية وتربوية وعلمية كافية لدعم رأيه، في مقابل طرف آخر تمثله الوزارة الوصية يسعى فيها الكثير من المسؤولين إلى إقناع الوزير الجديد بجدارة بقائهم وأحقية استمرارهم في المسؤولية. مع أن تسقيف السن في مهنة التدريس في الثلاثين سنة يفرض تسقيف السن في تولي المسؤوليات والمهام. إذ لا معنى أن يستمر مسؤولون في مسؤولياتهم سنوات بعد سن التقاعد، رقم مصاعبهم الصحية التي تفرض على بعضهم العمل في منزله. والمضحك المبكي هو أن نجد هؤلاء هم الأشد دفاعا عن فكرة تسقيف سن المترشحين في الثلاثين سنة.
فإذا كان تسقيف السن في 30 سنة مفيدا، فيجدر أيضا تسقيف سن المترشحين لمباريات التفتيش والتوجيه والتخطيط والإدارة، كما يجب أيضا تسقيف سن المترشحين للمسؤوليات الإقليمية والجهوية والمركزية. ولا معنى للتمديد الذي يستفيد منه بعض المسؤولين بعد بلوغهم سن التقاعد. فهذه الأرض لم ولن تكون عاقرا لتنجبهم وحدهم.
رقم:
249
حسم وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، قضية التفرغ النقابي لعدد من الموظفين. ووفق ما كشفت عنه مصادر، فإن المسؤول الحكومي وافق على استفادة ما مجموعه 249 موظفا في قطاع التربية الوطنية من التفرغ النقابي، تابعين للنقابات الأكثر تمثيلية، وهي، حسب ترتيب النتائج الانتخابية: الجامعة الوطنية للتعليم UMT والنقابة الوطنية للتعليم CDT والجامعة الوطنية للتعليم (FNE) والنقابة الوطنية للتعليم (FDT).
وذكر مصدر نقابي أن الوزير أخر الحسم في تركيبة الحوار القطاعي، وكذا التفرغات النقابية، حيث كان دخول الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، التابعة لنقابة حزب العدالة والتنمية، أحد الأسباب في هذا التأخير لعدم حصولها على 6% من المقاعد في الانتخابات الأخيرة. كما أن بنموسى حسم في النقاش الدائر حول التمثيلية النقابية التي لا تتوفر على مركزية نقابية كما هو الشأن بالنسبةلـ (FNE)، أو النقابات المركزية التي لم تحصل على التمثيلية، كما هو شأن (FDT).
///////////////////////////////////////////////////////////
المغرب يراهن على التكوينات الجامعية لترسيخ قيم التعايش والتسامح
نافذة:
إطلاق العديد من التكوينات ومسالك الماستر في ما يتصل بالحضارات واللغات والأديان المقارنة وحوار الثقافات في الثقافة العربية الإسلامية
امتدادا للإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية بخصوص تعديل المناهج التربوية لإلقاء المزيد من الضوء على المكونات الثقافية للثقافة المغربية، وخاصة المكون العبري..، تواصل الدولة المغربية إجراءاتها التي تراهن فيها بشكل أساسي على قطاع التربية لتنشئة الأطفال على قيم السلوك المدني والتسامح.
قال المستشار الملكي أندري أزولاي إن المغرب، «وبعد اعتماد مقررات مدرسية تتناول ثراء نسيجنا المتنوع، حديثا، اجتاز محطة تاريخية أخرى بإحداث ماستر مخصص للحضارات العربية الإسلامية، الأمازيغية واليهودية»، مبرزا أن بيداغوجيا التنوع في قلب الحداثة التي تسم المجتمع المغربي.
وفي افتتاح ندوة بإفران، نظمتها جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بمناسبة إطلاق أول ماستر حول قواسم الحضارات العربية الإسلامية والأمازيغية واليهودية، أبرز مستشار الملك والرئيس المؤسس لجمعية “الصويرة موغادور” أن المغرب، «من خلال تملك تاريخ الحضارات التي أغنته على مر العصور، باحترام وفطنة وعزم، يعطي كامل الشرعية للمواطنة الأخلاقية والشاملة التي يتطلع اليها مجتمعنا».
وأضاف «إننا نتقدم باطمئنان وتصميم، تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة للملك محمد السادس ومتسلحين بإجماع وطني أكثر اتساعا، على درب تأكيد مركزية هذه البيداغوجيا المتجذرة في دروس معيشنا وتاريخنا»، مشيرا إلى «التقاطع الرائع للحضارات والثقافات الذي بات في قلب الحداثة الفريدة لمجتمعنا».
ويرى مستشار الملك أن «هذا التملك الجماعي ركيزة وحدة شعبنا، وحدة تكون أكثر قوة حينما تتسع لتشمل جميع مكونات تنوعنا».
وفي كلمة بالمناسبة، أبرز رضوان المرابط، رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله، أهمية موضوع الندوة الدولية من حيث انكبابها على تنوع الهوية المغربية وفرادتها وأصالتها، مؤكدا أن الجامعة تعمل من أجل تعزيز البحث والتكوين في مجال الهوية العربية اليهودية الأمازيغية.
وأشار رئيس الجامعة إلى إطلاق العديد من التكوينات ومسالك الماستر في ما يتصل بالحضارات واللغات والأديان المقارنة وحوار الثقافات في الثقافة العربية الإسلامية.
وعلى هامش الندوة، تم التوقيع على اتفاقية شراكة بين جامعة سيدي محمد بن عبد الله ومركز الدراسات والأبحاث حول القانون العبري بالمغرب وجمعية “الصويرة موغادور”، من أجل تعزيز البحث في المجال المتصل بتنوع الهوية المغربية. ويهدف الشركاء الثلاثة إلى تطوير التواصل بين الأساتذة الباحثين في مجال الثقافة اليهودية الأمازيغية وإنماء معارف الطلبة في المجالات اللسانية والأدبية والقانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومن المحاور التي تطرقت إليها هذه التظاهرة العلمية «التقليد العربي اليهودي الأمازيغي ورؤية العالم»، «الثقافة العربية اليهودية الأمازيغية.. اقتباسات سمعية بصرية وسينمائية»، «مصادر النظام القانوني المغربي»، «النظام القانوني العبري.. تأملات وتأويلات»، «الثقافة العربية اليهودية الأمازيغية في المقررات الدراسية.. حصيلة وآفاق».
ويتعلق الأمر أيضا بتناول «تعليم القيم من خلال الثقافة العربية اليهودية الأمازيغية»، «تعليم الأدب العربي اليهودي الأمازيغي.. أية مقاربات؟»، «المكون العبري كدعامة أساسية للثقافة المغربية» و«تأثير الثقافة العربية في الفكر اليهودي بالأندلس».