الـمَهْـدِي الـكًًََــراوِي
نفت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب في بيان توضيحي بخصوص المقال المنشور بعدد 832 من يومية «الأخبار» تحت عنوان «رباح ينتصر للأتراك ويخسر الدولة 24 مليار سنتيم في مشروع الطريق السيار لآسفي»، (نفت) «وجود أية مفاوضات مغلقة مع الشركة التركية محورها إيجاد غطاء قانوني لتمديد الآجال وإعفائها من أداء غرامات التأخير».
وكشفت الشركة الوطنية للطرق السيارة في بيانها الحامل لتوقيع مديرها أنور بنعزوز، أن «جميع مشاريع الهندسة المدنية الكبرى تكون معرضة لتأثيرات خارجية لها علاقة بالمناخ والطبيعة الجيولوجية والجيوتقنية للمنطقة ناهيك عن الصعوبات التي لها علاقة بنزع الملكية الذي قد يؤخر وضع الأراضي رهن إشارة المقاولة المكلفة بإنجاز الأشغال مما يحول دون قيامها بالأشغال وفق الجدول الزمني المتفق عليه».
واعترف أنور بنعزوز، مدير الشركة الوطنية للطرق السيارة، أن «ظروفا خارجة عن إرادة الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب حالت دون وضع العقار رهن إشارة الشركة المكلفة بالأشغال، وفق الجدول الزمني المتفق عليه، مما أثر على السير العادي للأشغال وحال بالتالي دون إنجازه داخل الآجال المحددة»، مضيفا أن هناك عاملا آخر أثر في تقدم الأشغال «وهو المتعلق بالخصوصيات الجيولوجية والجيوتقنية للمنطقة فرضت اتخاذ إجراءات احترازية استغرقت وقتا لم يكن في الحسبان».
وقال أنور بنعزوز، إن «الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب مارست حقها في دراسة وتحليل أثر تلك العوامل على السير العادي للأشغال وكذا المدة الزمنية المفترضة لاستكمال المشروع وتحديد الأجل الإضافي الذي يتطلبه إتمام الأشغال بعد مفاوضات مع المقاولة المكلفة بالأشغال وبعد الاتفاق يتم إنجاز ملحق للعقد يتضمن كل ذلك».
بيان أنور بنعزوز الذي حمل اتهامات ليومية «الأخبار» بالإساءة إلى الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب وبالقذف ونشر معلومات غير صحيحة، هو نفسه البيان الذي يؤكد صحة المعطيات التي نشرناها، فبيان الشركة الوطنية للطرق السيارة ينفي في الفقرة الثالثة منه وجود أية مفاوضات مع شركة «نورول» التركية، وفي الفقرة الثامنة من الصفحة الثانية من نفس البيان الذي وقعه أنور بنعزوز، يعود ويعترف بأنه جرت مفاوضات مع الشركة التركية من أجل تحديد أجل إضافي لإتمام الأشغال وإنجاز ملحق تعديلي للعقد الذي حدد 30 شهرا من الأشغال وغرامات تأخير تصل إلى 200 مليون سنتيم عن كل يوم.
فالطريق السيار لآسفي كان مبرمجا حسب بنود العقد أن يفتتح يوم 24 مارس 2015، ولم يفتتح إلى اليوم، وبيان الشركة الوطنية للطرق السيارة يعترف أن «ظروفا خارجة عن إرادتها حالت دون وضع العقار رهن إشارة الشركة المكلفة بالأشغال»، في حين أن الوقائع الميدانية على الورش تؤكد عكس ذلك، فشركة «نورول» التركية تستغل وتشتغل على كل المقاطع التي ستمر منها الطريق السيار بكل حرية ولا وجود مطلقا لأية عراقيل أو تصفية للعقار أو احتجاجات لمالكي الأراضي، كما يحدث مع مشروع الميناء الجديد لآسفي الذي لم تؤد وزارة التجهيز حتى الآن تعويضات نزع الملكية لمئات الأشخاص.
ونشير هنا إلى أنه منذ تدشين الملك لمشروع الطريق السيار لآسفي في شهر أبريل 2013، والشركة التركية توجد على الورش وأكثر من ذلك فهي تمنع الأشخاص الغرباء من الدخول وتضع سياجات مغلقة وحراسة على طول المقاطع التي ستمر منها الطريق السيار بين آسفي وسيدي إسماعيل، ولم تسجل منذ ذلك التاريخ أية عراقيل لها علاقة بتصفية الأرض ونزع ملكيتها، وأن جميع المالكين توصلوا بتعويضاتهم منذ سنوات، لكن الجديد هو أن تعترف الشركة الوطنية للطرق السيارة في بيانها الموجه إلى يومية «الأخبار» أنها سلمت أراض إلى مقاولة تركية في مشروع دشنه الملك، دون أن تتخذ جميع الإجراءات القبلية في تصفية الأرض، إذا افترضنا أن هناك مشاكل في نزع الملكية، كما تدعيها الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب.
أما بخصوص إدعاءات الشركة الوطنية للطرق السيارة بأن هناك «خصوصيات جيولوجية وجيوتقنية للمنطقة فرضت اتخاذ إجراءات احترازية استغرقت وقتا لم يكن في الحسبان»، فذلك أمر مردود عليه، لكون مقطع زاوية سدي إسماعيل وآسفي الذي تشرف عليه شركة «نورول» التركية هو عبارة عن سهول وأراضي كلسية غير صلبة، ولا توجد به منعرجات أو مرتفعات جبلية أو تضاريس صخرية وعرة، لتكون سببا في تأخر الأشغال، مع أن الحقيقة التي لا تريد أن تعترف بها اليوم الشركة الوطنية للطرق السيارة للرأي العام، هو أن تأخير وفشل مشروع الطريق السيارة لآسفي يرتبط ليس بمشاكل تصفية الأرض أو خصوصية تقنية أو جيولوجية للمنطقة، بل بتلاعبات في الجودة وبعينات رفضتها المختبرات الداخلية والخارجية، وباعتماد مواد أولية مغشوشة وغير معترف بها ومجهولة المصدر، وهذا كله موجود ومبين في وثائق وتحاليل ومراسلات رسمية وقعها أنور بنعزوز، مدير الشركة الوطنية للطرق السيارة، ومدير وخبراء المختبر العمومي للتجارب والدراسات.
الغريب اليوم أن الشركة الوطنية للطرق السيارة في بيانها الموجه إلى يومية «الأخبار» تبرئ ذمة شركة «نورول» التركية ولا تحملها أية مسؤولية في التأخير المسجل في مشروع الطريق السيار لآسفي، وتعترف أنها سلمتها أراض بها مشكل تصفية الملكية، زيادة على خصوصية جغرافية المنطقة، وهو ما استدعى حسبها، تمديد الآجال التي تعني أوتوماتيكيا عدم احتساب غرامات التأخير، لكن أنور بنعزوز الذي وقع بيان الشركة الوطنية للطرق السيارة هو نفسه الذي وقع مراسلة وجهها إلى المدير العام لشركة «نورول» التركية تقول عكس ما يدعيه اليوم، حيث حمل الشركة التركية مسؤولية «التأخير في الأشغال وعدم احترام الضوابط التعاقدية»، وبأنه جرى خلال 3 أشهر فقط تسجيل 35 مخالفة لدفتر التحملات، وبأن «هذه المخالفات بقيت من غير اقتراحات من شركة «نورول» من أجل معالجتها، وبأن العديد من أشغال الخرسانة سجل عليها تأخر كبير منذ عدة أشهر وتبقى في وضع الانتظار، وهو الوضع الذي يؤثر بشكل كبير على إنهاء الأشغال في آجالها المحددة في العقد»، بحسب مضمون المراسلة التي حملت توقيع أنور بنعزوز.
ونذكر هنا أنور بنعزوز برسالته الموجهة إلى أوغور دوغان، المدير العام لشركة «نورول» التركية، التي تتضمن اتهامات ثقيلة وغير مسبوقة بالغش وعدم احترام بنود عقد الصفقة والتلاعب في الجودة والمعايير التقنية والقيام بأشغال بناء عشوائية في الليل بدون علم ولا ترخيص من وكيل الأشغال، ووضع الخرسانة بشكل سري في الليل بدون أي ترخيص مسبق، وبأن جميع عمليات وضع الخرسانة «كانت فاشلة»، وبأن المقاولة التركية لا تحترم ضوابط العمل في الورش المنصوص عليها في العقد، و»تتجاوز الصلاحيات الموكولة إليها في عقد الصفقة»، بحسب قول أنور بنعزوز. هناك فرق كبير وتناقض صارخ بين المعطيات التي قدمها أنور بنعزوز في بيانه الموجه إلى «الأخبار» بخصوص روايته وحقيقته عن أسباب تأخر مشروع الطريق السيار لآسفي، وبين المعطيات التي وقعها بخط يده أيضا، لكنها موجهة إلى مدير شركة «نورول» التركية، حيث يقول أنور بنعزوز موجها كلامه إلى مدير المقاولة التركية:»نعلمكم أننا لا يمكن أن نتسامح مع سلوك مقاولتكم، وبأن التعريفات العلمية التي قامت بها مختبرات على عينات من ورش آسفي السيار أثبتت عبر النتائج أن المواد المستعملة في فرشة الطريق السيار غير متجانسة وغير مطابقة لالتزامات الصفقة ولا تستجيب للمواصفات المتعاقد بشأنها وبأن العديد من أشغال الخرسانة سجل عليها تأخر كبير منذ عدة أشهر وتبقى في وضع الانتظار، وهو الوضع الذي يؤثر بشكل كبير على إنهاء الأشغال في آجالها المحددة في العقد»، بحسب مضمون المراسلة.
هناك فرق وتعارض كبير بين الحقائق التي أوردها أنور بنعزوز في بيانه الموجه إلى يومية «الأخبار» لتفسير تأخر تسليم مشروع الطريق السيار لآسفي، وبين الحقائق التي وقعها أيضا بخط يده لكنها كانت موجهة إلى الشركة التركية، في حين يخاطب «الأخبار» يبرئ أنور بنعزوز ذمة الشركة التركية في تأخير الأشغال، ويتهمنا بالقذف ونشر أخبار غير صحيحة، وحين يخاطب مدير الشركة التركية يتهمها هي بالغش ويحملها مسؤولية تأخر الأشغال، في تضارب صارخ يبين أن الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب تناقض وتكذب نفسها في الآن نفسه، لتبرر فشل مشروع الطريق السيار لآسفي الذي كلف 480 مليار سنتيم.
رد الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب
«إنه خلافا لما ورد في مقالكم بعنوان «رباح ينتصر للأتراك ويخسر الدولة 24 مليار سنتيم في مشروع الطريق السيار لآسفي»، فالشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب باعتبارها صاحبة المشروع تنفي وجود آية مفاوضات مغلقة مع الشركة التركية محورها إيجاد غطاء قانوني لتمديد الآجال مع إعفائها من أداء غرامات التأخير.
وبالفعل كما هو معلوم فمشروع الطريق السيار الجديدة – آسفي، شأنه في ذلك شأن جميع مشاريع الهندسة المدنية الكبرى يكون معرضا لتأثيرات خارجية لها علاقة بالمناخ والطبيعة الجيولوجية والجيوتقنية للمنطقة ناهيك عن الصعوبات التي لها علاقة بنزع الملكية الذي قد يؤخر وضع الأراضي رهن إشارة المقاولة المكلفة بإنجاز الأشغال مما يحول دون قيامها بالأشغال وفق الجدول الزمني المتفق عليه.
إنه هكذا ففي المشروع موضوع المقال المتضمن للافتراءات، فإن دفتر التحملات الذي يحدد التزامات طرفيه يضع على عاتق الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب الالتزام بتحرير العقار بالكامل وتنقيل وإعادة ربط شبكات الاتصال والماء والكهرباء داخل أجل زمني محدد.
إن ظروفا خارجة عن إرادة الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب حال دون وضع العقار رهن إشارة الشركة المكلفة بالأشغال وفقا للجدول الزمني المتفق عليه، مما أثر على السير العادي للأشغال وحال بالتالي دون إنجازه داخل الأجل المحدد لها.
إن ثمة عاملا آخر أثر في التقدم الطبيعي للأشغال، وهو المتعلق بالخصوصيات الجيولوجية والجيوتقنية للمنطقة التي فرضت على الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب اتخاذ إجراءات احترازية استغرقت وقتا لم يكن في الحسبان.
إنه أمام هذه العوامل الخارجة عن إرادة المقاولة المكلفة بالأشغال، فقد مارست الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب حقها المتمثل في دراسة وتحليل أثر تلك العوامل على السير العادي للأشغال، وكذا المدة الزمنية المفترضة لاستكمال المشروع وتحديد الأجل الإضافي الذي يتطلبه إتمام الأشغال بعد مفاوضات مع المقاولة المكلفة بالأشغال وبعد الاتفاق يتم إنجاز ملحق للعقد يتضمن كل ذلك.
إن التسيير الإداري للعقد يعطي هذه الصلاحيات للشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب وقد مارستها بكل وضوح وشفافية سواء مع المقاولة التركية أو مع مقاولات أخرى مغربية كلفت بإنجاز مقاطع من نفس الطريق السيار الجديدة -آسفي، إذ أبرمت معها ملحقات للعقود.
إنه مادام الأمر كذلك فالغرامات التي تحدث عنها المقال لا وجود لها إلا في مخيلة محرر المقال وناشره مادامت الآجال المحددة لإنهاء الأشغال لازالت لم تستوف بعد.
إنه أضحى معلوما أن النية المبيتة لدى جريدة «الأخبار» في الإساءة إلى الشركة الوطنية للطرق السيارة تعريها المقالات التغريضية المتضمنة لوقائع من نسج خيالها وصلت حد السب والقذف وإصرارها على نشر نفس المغالطات بالرغم من التوضيحات التي زودتها بها الشركة كما هو الشأن بالنسبة لتوظيفها لوثائق صادرة عن الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب خارج سياقها. إنه على عكس ما تزعمه جريدة «الأخبار» فتلك الوثائق تقيم الدليل وإن كان الأمر لا يحتاج إلى دليل مدى حرص الشركة الوطنية على سلامة مستعملي تلك الطريق من خلال المراقبة الصارمة التي تقوم بها على ثلاث مستويات.
إنه بخصوص الخبر العار من الصحة الذي تضمنه المقال المذكور والذي زعمتم فيه دون خجل أو حياء أن الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب لم تمدد الآجال ولم تعف من أداء الغرامة المقاولة المغربية التي كلفت بإنجاز مقطع من الطريق السيار بين سيدي اليماني وأصيلة فأدت غرامة تأخير وصلت إلى 10 ملايين سنتيم عن كل يوم تأخير.
إن ما يثبت سوء نية جريدة «الأخبار» التي أصبحت هي أساس تعاطيها مع هذا الموضوع، هو زعمها بأنه لم يمدد الآجال للمقاولة المغربية والحال أن هذه الأخيرة استفادت من تمديد الأجل وأبرمت ملحقا للعقد فلم تحترم بنوده بما في ذلك آجال انتهاء الأشغال.
إنه هكذا وكعاداتها لجريدة «الأخبار» لا يهمها أن تنشر وقائع مخالفة للحقيقة تغالط بها القارئ وهي تعرف بدون شك أن الكذب لغة هو قول غير الحقيقة.