شوف تشوف

الرأي

شح الجيوب

بعض المهن في أول ظهور لها التصق مرادف المشتغلات فيها بالعهر والفسوق، لكن عبر الزمن أثبتت النساء العاملات بهذا المجال أن أغلب ما يلمع ذهب.. المشرفة على «تيليبوتيك» أو «الكوافورة»، أو صاحبة محل للتجميل، أو بائعة الملابس.. كلهن كن محل شبهة وغالبا ما كان الآباء يرفضون أن تشتغل بناتهن في هذه المجالات، خصوصا لكون الدخل غالبا ما يكون زهيدا، ربما لو كان مرتفعا لما عارضوا. غير أن توالي اشتغال الأجيال في هذه المراكز طهر سمعة العمل وأصبح من العادي جدا أن تعمل الفتيات في هذه المهن ما دمن لا يقضين وقتهن في الدردشة والتعارف، يعملن بجد ويساعدن في رفع مداخيل البيت.
يوجد صنف آخر من العمل غالبا ما تقدم عليه المتزوجات، أو حتى المطلقات ونادرا الأرامل، شريطة أن يكون تنظيف البار في معزل عن زبائنه، بل إن عددا كبيرا من أرباب الحانات والمقاهي يفضلون خدمة الفتيات الشابات الجميلات على الذكور، لكونهن يتعاملن بلطف، ويستقطبن الزبائن بجمالهن، ويبقى المطبخ من اختصاصهن.. أما عن المعامل فيخصصن أكبر نسبة من المقاعد للنساء لكونهن لا يشترطن زيادة في الدخل، يعملن بجد، ولا يشعلن فتيل الإضرابات بشكل قد يصيب المعمل بالإفلاس.
أمي ياقوت
أمي ياقوت سيدة في عقدها الرابع، يستقطب محلها المتكون من مطبخ بسيط وطاولات مرفقة بالكراسي في الهواء الطلق، عددا كبيرا من الطلبة. تعد وجبات تلائم جيبهم: حساء الفاصوليا والسمك المقلي.. يحبونها كثيرا ويرق قلبها لغربتهم، تكون نموذج المرأة المجدة المثابرة التي تعمل دون تلثيم وجهها شأن العاملات في جني وقطاف الفواكه في مختلف الفصول، ليبقى التساؤل المطروح هو لماذا يخفين هوياتهن، ولا يردن أن يعرَفن؟
إن دخول المرأة لسوق الشغل كيفما كانت طبيعته غير طبيعة الحياة الاجتماعية التي اعتادتها الأجيال السابقة، وبهذا القول لا ننكر أن المرأة لم تكن قديما بعيدة عن هذا السوق الواسع، فكثيرات كن يعتمدن على أشغال مختلفة مرتبطة بأشغال الإبرة والصوف (الزرابي، الجلابيب الصوفية، الطرز..)، و الأخرى المرتبطة بالأرض والمواشي. في حين قد يغادر الرجل دائرة حياتهن للعمل بكبريات المدن في التجارة أو غيرها، وتتحول مجتمعاتهن إلى مجتمعات نسائية لا ذكورية، شأن معظم المناطق الإفريقية السوداء. بل يوجد مجتمع إفريقي يعرف بمجتمع الجدات، إذ يغادر الابن وزوجته البوادي باتجاه المدن من أجل العمل وحصد المال، تاركين أبناءهم للجدات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى