محمد اليوبي
اهتزت جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء على وقع فضيحة من العيار الثقيل، فجرها أساتذة أعضاء بمجلس المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير التابعة للجامعة، تحدثوا عن تلاعبات في محضر مجلس المؤسسة و«تزوير المصادقة والتأشير» على ملفات مشاريع اعتماد مسالك سلك الماستر بالمدرسة.
ووجه أعضاء بمجلس المؤسسة رسالة إلى رئاسة جامعة الحسن الثاني، عبر مفوض قضائي، ووجهوا شكاية معززة بالأدلة والوثائق إلى وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، والمفتش العام للوزارة، وكذلك الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي، باعتبارها الهيئة التي يعهد لها اعتماد هذه المسالك، من أجل فتح تحقيق في مسطرة المصادقة على مشاريع مسالك الماستر التي شابتها مجموعة من الخروقات القانونية والمسطرية. وأكدوا أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها التدليس وتحريف مضامين محاضر من هذا النوع، وأشاروا إلى أن إدارة المؤسسة عمدت، في أكثر من مرة، إلى تحريف مضامين عدد من محاضر مجالس المؤسسة طيلة الأربع سنوات الماضية من أجل تضليل الأساتذة والإداريين والوزارة الوصية وتبرير الخروقات البيداغوجية والإدارية والمالية، والتي سبق أن وقف عليها تقرير الافتحاص الذي أشرفت عليه وأعدته رئاسة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.
وتحدث الأساتذة المنتخبون بمجلس المؤسسة عن وجود مجموعة من الاختلالات التي عرفتها عملية «المصادقة الصورية» على مشاريع مسالك سلك الماستر برسم دورة التقييم 2024، والتي تعتبر امتدادا للتجاوزات الإدارية والبيداغوجية والمالية التي تعرفها المؤسسة منذ تولي المدير المنتهية ولايته لمسؤولية تدبير أمور المدرسة، والتي أدت، حسب الشكايات، إلى شبه شلل لجميع الهياكل خاصة مع رفض المدير بالنيابة لإعادة انتخابات شعبة التسيير وممثلي أساتذة التعليم العالي بمجلس المؤسسة ومجلس الجامعة والتي سبق لرئاسة الجامعة أن أقرت بإلغاء نتائجها لما يزيد عن شهرين ولم يبادر «المدير بالنيابة» بتحديد تاريخ إعادة إجرائها، علما أن انتخابات هياكل المؤسسة تم إلغاؤها جميعها، وهي سابقة بالمؤسسات الجامعية العمومية.
وطالب الأساتذة بالتدخل العاجل لفتح تحقيق في ما عرفته عملية المصادقة على طلبات اعتماد مسالك سلك الماستر برسم دورة التقييم 2024، وذلك لوضع حد لما أسموه «التجاوزات والاختلالات الخطيرة والمتكررة التي يعرفها تدبير المؤسسة سواء في شقها البيداغوجي أو الإداري أو المالي، والقرارات الانفرادية والشطط في استعمال السلطة»، مطالبين باتخاذ الإجراءات القانونية والمسطرية اللازمة لوقف التمادي في عدم احترام القوانين والأنظمة والمساطر المنظمة للمؤسسات الجامعية العمومية، حرصا على مصلحة الطلبة وضمانا لحقوق الأساتذة وتجاوزا لحالة الاحتقان التي تعيشها المؤسسة منذ ما يزيد عن أربع سنوات، والتي مازالت تدار بالنيابة منذ ما يناهز السنة والنصف».
وتحدث الأساتذة عن وجود خروقات قانونية وبيداغوجية وإدارية مستشرية بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء، حيث أصبحت العادة المعمول بها داخل هذه المؤسسة، والتي كان آخرها صياغة محضر مفبرك مفاده الموافقة بالأغلبية على اعتماد وإعادة اعتماد 16 مشروع مسلك من سلك الماستر، دون عرضها على مجالس الشعب ومنسقي المسالك أو اللجنة البيداغوجية، بل ولا حتى إرسال أو عرض الملفات الوصفية على أعضاء المجلس من أجل إجراء تقييم موضوعي للمشاريع المقدمة، في خرق سافر للمساطر وتوجيهات الدورية الوزارية الصادرة بتاريخ 23 يناير 2024 في الموضوع، رغم ما تكتسيه من أهمية واستعجالية.
وأوضح الأساتذة، في شكايتهم الموجهة إلى الوزير والمفتش العام لوزارة التعليم العالي، أن وقائع النازلة تعود إلى دعوة المدير المنتهية ولايته منذ ما يزيد عن السنة والنصف إلى اجتماع طارئ لمجلس المؤسسة بتاريخ 21 فبراير 2024 بغرض تمرير مشاريع تكوينات الماستر، حيث اقتصر المدير بالنيابة على توزيع ورقة واحدة فقط قبل افتتاح الجلسة، تتضمن لائحة للتكوينات المقترحة مع أسماء منسقي هاته المشاريع، كما قام، وللمرة الثانية، بدعوة أعضاء فقدوا صفتهم بمجلس المؤسسة بعد إلغاء نتائج انتخابات ممثلي أساتذة التعليم العالي بمجلسي المؤسسة والجامعة، وهو ما أثار حفيظة مجموعة من الأعضاء الذين أصروا على عدم افتتاح الجلسة لما شابها من خروقات خطيرة وتجاوزات للنصوص القانونية والنظام الداخلي للمجلس والمساطر المتبعة لاعتماد مسالك الماستر.
وأضافت الشكاية أنه، بدل العمل على تصحيح هذه الوضعية، قرر المدير المنتهية ولايته نهج سياسة التدليس واتخاذ القرارات الانفرادية، لتتفاجأ هيئة الأساتذة بتسريب «محضر تدليسي» للاجتماع الطارئ، محرر من طرف أحد الأساتذة الفاقدين للعضوية بمجلس المؤسسة، والذي تضمن تحريفا لوقائع الاجتماع، من خلال الإشارة إلى المصادقة بالأغلبية على كل المسالك المقترحة، بالاعتماد فقط على لائحة عناوين وأسماء المنسقين، كما تضمن عبارات تسقط على الأساتذة أحكاما تتعمد الانتقاص من دورهم البيداغوجي وتسلبهم أهليتهم الأكاديمية لتقييم مشاريع مسالك الماستر، دون مراعاة لمعايير الاعتماد، خاصة وأن كل تكوينات سلك الماستر المعتمدة حاليا يتم تقديمها داخل ملحقة بالصخور السوداء والتي بالكاد تتسع لطلبة هذه التكوينات لكون عدد طلبة السلك العادي يفوق بكثير الطاقة الاستيعابية للمؤسسة، جراء قبول المدير بالنيابة لعدد كبير من طلبات الانتقال بصفة انفرادية ودون معاير موضوعية وفي غياب تام للشفافية. وأشارت الشكاية إلى أن معدل التأطير بالمؤسسة يفوق 45 طالبا لكل أستاذ، علما أن الحصص الزمنية لكل هيئة التدريس لا تتضمن الحصص المتعلقة بتكوينات سلك الماستر، أي أنها عمليا تدرس في غالبيتها بأساتذة عرضيين.