شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

سيف ديموقليس

يقترب يوم الاحتفال بعيد العمال 12 بعد دستور 2011 ولا زالت قوانين دستورية تهم الإضراب والنقابات لم تر النور، دولة الحقوق والمؤسسات تقول إنه ليس هناك أي مبرر سياسي أو دستوري يمكن أن يعطل تنزيل قوانين نص عليها الدستور قبل عقد من الزمن.

لكن السؤال العصي على الإجابة هو من له المصلحة في هذا العصيان التشريعي؟ لماذا تخاذلت ثلاث حكومات متتالية في إخراج هذه القوانين واستكمال كتابة الدستور؟ ما مصلحة النقابات في إقبار هاته القوانين التي من المفروض أن تكون في صالحها؟

بلا شك أن هناك تواطؤا بين الحكومات والفاعلين النقابيين في هذا التعطيل الممنهج، الحكومات تريد أن تحافظ على ورقة ضغط قوية ترعب بها النقابات في حال بدأت «تلعب بذيلها» وتحاول المس بالاستقرار الاجتماعي. فكل الحكومات المتعاقبة، بعد الدستور الحالي، تدرك أن قانوني النقابات والإضراب هما بمثابة سيف ديموقليس، يؤدي أثره بالتلويح به دون الاضطرار لاستخدامه في وجه النقابات، وفي نهاية المطاف، يعطي أثره في ممارسة رقابة إضافية على ضمان انضباط النقابات وعدم خروجها عن السطر والسيطرة.

في المقابل، النقابات مستعدة لتقديم كل التنازلات الممكنة لكي لا تخرج قوانين تضع أداءها الديمقراطي والمالي تحت المجهر، وبالتالي فهي مرتاحة في الملاذ القانوني الحالي الذي لا يسائل زعماء متقاعدين عن شرعية استمرارهم في العمل النقابي ولا يحاسبهم على أوجه صرف أموال الدعم العمومي أو يعاتبهم على عدم عقد المؤتمرات بشكل دوري ومنتظم أو يدقق معهم أوجه استفادتهم من الريع النقابي.

وللأسف فإن الفئات المهنية في القطاعين الخاص والعام هي من تؤدي ضريبة هذا التواطؤ الضمني، فعشرات الآلاف من الموظفين والمستخدمين يتم الاقتطاع من أجورهم دون وجه قانون بسبب ممارستهم لحق الإضراب كحق دستوري، مع العلم أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب تم التداول فيه أمام الملك محمد السادس في مجلس وزاري عقد بتاريخ 26 شتنبر 2016 دون أن يستكمل مسطرته التشريعية.

والخلاصة أنه ليس هناك من عبث تشريعي وسياسي أكثر من أن يؤشر الملك على مشروع قانون، لكنه يظل في رفوف البرلمان منذ سبع سنوات، بل هناك من يطالب اليوم بإخراجه من المؤسسة التشريعية وإعادة المساطر من جديد وكأن الأمر مجرد تسلية وليس مساطر دستورية تمر أمام ملك البلاد. والحقيقة أنه إذا لم تنجح الحكومة الحالية في وضع حد لهذا الهراء السياسي والنقابي، فسنضع دستور الدولة برمته تحت سؤال الجدوى منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى