شوف تشوف

الرأي

سيرة وزير

حسن البصري

حين تبحث عن مسارات وزراء الرياضة في وطننا العربي ستحمد الله وتشكره لكون هذه الحقيبة الوزارية خالية من توابل السيادة، وستحمد الله وتشكره مرة أخرى لأن الرياضة لا تحتمل إلا مدربا يكون المسؤول الأوحد عن الخسارة والفوز، وهو الذي يواجه لوحده تساؤلات الصحافيين في الندوات الصحافية وانتقادات الجماهير، دون أن يطرق باب وزير الرياضة أو يلجأ إلى رئيس الحكومة أو ناطقها الرسمي.
لحسن الحظ ثالثا وأخيرا، أن وزراءنا غير مطالبين بتبرير نجاحات وإخفاقات مشاريعهم في ندوات صحفية، وأن وزير الرياضة في العالم العربي لا يبرر خسارة المنتخب، إلا في جلسة أسئلة شفوية تحت قبة البرلمان، يوزع فيها «الشفوي» على نواب ينتمون إلى فريق برلماني تابع لحزب الوزير في ضمه وكسره.
ماذا سيكون جواب الوزير لو طلب منه تبرير خسارة منتخب، أو إخفاق فريق في منافسة قارية؟
سيجدد تأكيده على أهمية المباراة استراتيجيا وعلى سيادة الروح الرياضية، وعلى العلاقات المتميزة التي تربط الدولة بالبلد الذي ينتمي إليه الحكم، وسيعتبر التأهل إلى كأس العالم مشروعا مجتمعيا لا استعجال فيه.
كل الدول العربية وضعت بطلا رياضيا على رأس وزارة الرياضة، لكنها سرعان ما صرفت النظر عن التجربة، ربما لأنها اكتشفت أن أغلبهم كانوا في حالة تسلل، وفئة منهم لم تتخلص من عقدة النجومية.
اختار رئيس الحكومة الجزائرية وزيرا للرياضة من خارج محيط الكرة، فجيء بعبد الرزاق سبقاق من الإدارة العامة لوزارة الشؤون الدينية، وتسلم حقيبة الرياضة بعد أن شغل منصب مدير عام للحج والعمرة. عاش الرجل فترة عطالة طويلة، بعد أن عطل الوباء رحلات الحجاج والمعتمرين، قبل أن يعثر له رئيس الحكومة على منصب ينظم فيه رحلات المشجعين، حين ينسحب الوباء والبلاء.
في تونس كان منصب وزير الرياضة من نصيب ملاكم سابق ورئيس سابق للجامعة التونسية للملاكمة، «لي تكلم يرعف»، شعار المرحلة، ساعدت الوزير كمال دقيش في مهامه كاتبة دولة في الرياضة والشباب، وهي صحافية تسمى سهام العيادي.
ورغم أنها حكومة وحدة وطنية في ليبيا، إلا أن تعدد الفصائل حتم على زعيمها تقسيم كعكة وزارة الشباب والرياضة بين وزيرين لكل وزير نصيب، الرياضة لعبد الشفيع الجويفي والشباب لفتح الله الزني، ولتصمت البنادق وتردد الحناجر: «يحيا التوافق».
أما مصر التي يكاد منصب وزير الرياضة يلامس خط السيادة، فإن أشرف صبحي ليس غريبا عن الميادين، فهو خريج كلية الرياضة أولا وبطل مصر في لعبة الكاراتي، والويل لمن يتجاوز الخط الأحمر. عين مديرا لملعب القاهرة الدولي، قبل أن يصبح دخوله إلى هذا الملعب لا يكتمل إلا بعزف «تعظيم سلام» لمعاليه.
حين تبين للبنانيين أن بلدهم يعاني من هشاشة رياضية، تم تعيين فارتينيه سيمون أوهانيان وزيرة للرياضة والشباب، جيء بها من ميتم كانت تديره وطلب منها إسعاف جسم رياضي كان يعاني من ضعف المناعة وعدم القدرة على المنافسة. بعد ثمانية أشهر انسحبت الوزيرة في صمت، وعادت إلى «خيريتها» لتطعم ستين مسكينا.
في اليمن لكل ميليشيا وزيرها، أبرزهم وزير الشباب والرياضة في ميليشيا الحوثي، حسن زيد الذي عثر عليه مقتولا بسبب صراع الأجنحة، وتبين أن الوزير وضع مخططا لجعل رياضة الرماية الرياضة الشعبية الأولى في اليمن السعيد.
وزيرنا في الرياضة والشباب والثقافة، عثمان الفردوس، يتعرض لهجوم مرتد بسبب انتقال البطلين هشام الكروج وصلاح حيسو إلى تخصص رياضي آخر اسمه القفز بالزانة فوق سلالم الترقية، في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة الحرب على الموظفين الأشباح، لكنها مجرد حرب باردة وأحيانا بذخيرة مطاطية.
في أغلب الحكومات العربية تجد للرياضة مسؤولين، وزير وكاتب للدولة، الفرق بينهما كالفرق بين مدرس الدين ومدرس التربية الإسلامية.
بسبب الوباء يجتمع وزراء الرياضة العرب عن بعد، يصادقون على توصيات المؤتمر عن بعد، وحين يبحثون عن مواعد لتنزيلها يقولون «من بعد».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى