لا شك أن بلادنا تمر من أصعب المراحل التي مر منها مغربُ ما بعد الاستقلال، فنادرا ما يجتمع في سياق واحد كساد عالمي يرخي بظلاله على منظومتنا الاقتصادية وجفاف هيكلي منذ ست سنوات، وأزمة مائية خانقة وتضخم رهيب يزيد من لهيب الأسعار وزلزال قوي أجهز على ممتلكات ملايين الأسر وإضرابات عبثية تهدد مصير ستة ملايين طفل، وتوتر غير مسبوق بين الفلسطينيين والإسرائليين أثر على مزاج كل الشعوب العربية ومناخ جيواستراتيجي مليء بالمخاطر والتهديدات على سيادة واستقرار الدول.
نحن إذن أمام سياق أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه سياق اللايقين، حيث لا أحد يستطيع أن يتوقع ماذا يمكن أن يقع من صدمات وارتدادات على المستوى الوطني والدولي. وفي ظل هذا السياق متعدد الأزمات والمطبوع بالشكوك نحتاج إلى طينة استثنائية من رجالات الدولة تعين الملك محمد السادس قائد سفينة البلد نحو بر الأمان.
وللأسف نعاني من عجز مدقع في منسوب النخبة القادرة على العمل بالوتيرة الاستثنائية، التي تتطلبها المرحلة الدقيقة التي نمر منها، وما يزيد الطينة بلة هو أننا أمام نخبة لا تساير الوتيرة التي تتحرك بها الملكية التي تعمل جاهدة على تحويل الأزمات الحادة إلى فرص حقيقية للتنمية والخروج من المأزق بأقل الخسائر وبكثير من المكاسب. ففي قلب هاته الأزمات الحادة، أطلقت الملكية الكثير من المبادرات ذات الطابع الاستراتيجي وطنيا ودوليا، لكنها لم تجد النخبة القادرة على التنزيل الفعلي لتلك الأوراش الكبرى.
ما لا تفهمه نخبتنا السياسية، التي تدبر المرحلة، أننا أمام معركة جماعية مصيرية والهدف المشترك هو مواجهة الدولة والمجتمع هذا السياق الصعب، لكن ذلك لا يمكن أن يتم بمسؤولين ينتجون المشاكل بدل أن يصنعوا الحلول التي يحتاجها المغاربة للخروج من النفق المظلم، أو بمسؤولين متهمين بالمخدرات وشبهات الفساد المالي.