نجاة السعيد
أشارت نتائج الانتخابات الرئاسية التركية الأولية إلى عدم تجاوز أي من المرشحين نسبة 50 في المائة من الأصوات، وبالتالي ستجرى إعادة الانتخابات في 28 ماي الجاري. ونتائج هذه الانتخابات لها تداعيات كبيرة على مستقبل سياسة تركيا الخارجية، وخاصة ما يتعلق بعلاقتها مع سوريا.
وعلى الرغم من أن تطبيع العلاقات مع دمشق قد لا يختلف بين المرشحين، إلا أن الغالبية العظمى من المحللين يعتقدون أنه من المرجح حدوث تطبيع أسرع مع قيادة كمال كليجدار أوغلو، وحتى لو فاز رجب طيب أردوغان، فإن دمشق ستكون في وضع أفضل مما كانت عليه قبل بضع سنوات فقط. لقد قدم كمال كليجدار أوغلو خطة تتضمن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وحكومة الرئيس بشار الأسد، وتوقيع بروتوكول مع دمشق، لضمان عودة اللاجئين السوريين بأمان، وتشجيع الشركات التركية على إعادة بناء سوريا، بتمويل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وسواء كان هذا الاقتراح واقعيا أم لا، فإن مثل هذا الاقتراح من كليجدار أوغلو ليس مفاجئا. فقد عارض حزب «الشعب الجمهوري» دائما جهود الحكومة لدعم القوات المعارضة، التي تسعى إلى الإطاحة ببشار الأسد.
حيث ينتمي كمال كليجدار أوغلو إلى الأقلية العلوية، وهي أكبر أقلية في تركيا، والتي تعاني مشاكل متعددة مع «حزب العدالة والتنمية»، برئاسة رجب طيب أردوغان، منذ سنوات عديدة. وقد كانت الأزمة السورية مسألة تسببت في تصاعد الخلاف بين العديد من العلويين في تركيا وحزب العدالة والتنمية.
وعلى الرغم من استخدام رجب طيب أردوغان أساليب براغماتية للتعامل مع حقيقة بقاء بشار الأسد، ورغم تحسن العلاقات التركية السورية في السنوات الأخيرة، يعتقد الخبراء أنه في حال فوز كمال كليجدار أوغلو في الانتخابات يوم 28 من هذا الشهر، ستتقدم عملية المصالحة بين حكومتي تركيا وسوريا بشكل أسرع.
وهنا يطرح السؤال المهم: ما الأهداف الحقيقية لمشاركة رجب طيب أردوغان الدبلوماسية مع حكومة بشار الأسد، وإلى أي حد تهدف فعليا إلى تطبيع العلاقات مع دمشق، قبل الانتخابات؟
ما زالت نوايا الرئيس التركي غامضة وتزداد حالة عدم اليقين هذه، بسبب عدم اتخاذه إجراءات حاسمة لتلبية طلب بشار الأسد بسحب القوات التركية من الأراضي السورية، مما يوحي بقلة الحماس في التعامل مع هذه المسألة.
لكن في النهاية، يبدو أن كلا من رجب طيب أردوغان والمعارضة السورية سيواصلان سياسة المصالحة مع دمشق، ومن المرجح أن تؤدي هذه السياسة إلى عودة حوالي 4.5 ملايين سوري، فالزلازل قد تسببت في تدمير وسائل العيش للعديد من السوريين، الذين يواجهون صعوبات متزايدة في البقاء في تركيا، بسبب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات في 28 ماي، ستزداد الحاجة إلى وضع خريطة طريق للتطبيع بين أنقرة ودمشق، والسماح بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.