محمد اليوبي
تفجرت فضيحة من العيار الثقيل بمدينة القنيطرة، بعد اكتشاف شبكة تضم «سماسرة» ومضاربين يتاجرون في البقع المخصصة للاستثمار بالحي الصناعي، حيث تعمل الشبكة على اقتناء البقع دون إنجاز مشاريع استثمارية تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتوفير مناصب الشغل بالمدينة، ثم تعيد بيعها بأسعار خيالية، ويطالب رجال أعمال بالمدينة من السلطات المحلية ووزارة التجارة والصناعة بفتح تحقيق في الموضوع.
وأمام تفشي هذه الظاهرة التي تعرقل الاستثمار بالمدينة، اضطر رجال أعمال إلى وضع شكاية بالمحكمة الابتدائية، أوضح من خلالها أنه اتفق مع الشركة المغاربية للقرض الإيجاري «مغرب باي»، في شخص ممثلها القانوني على اقتناء عقار في ملكيتها ذو الرسم العقاري عدد 32047/R الكائن بالحي الصناعي بالقنيطرة، مساحته 3 هكتارات 74آر 16 سنتيار المتكون من أرض بها بنايات، حيث إن هذا الاتفاق تم تحت إشراف الموثقة، كوثر بريط، وبناء على طلب الممثل القانوني للمؤسسة المرسل بالبريد الإلكتروني، طلب من الموثقة بتاريخ 19 يوليوز الماضي، إيداع مبلغ 270 مليون سنتيم.
وأكدت الشكاية، أن رجل الأعمال، أودع المبلغ المالي المطلوب، كما هو مثبت في الإشهاد المقدم من لدن الموثقة، لكن الممثلين القانونيين للمؤسسة الذين شرعوا في إجراءات البيع، قاموا بقطع أي اتصال مع رجل الأعمال والموثقة التي كانت تشرف على الإجراءات القانونية لتوثيق عملية البيع، دون مبرر أو سبب مشروع، رغم المحاولات الحبية العديدة المبذولة معهم، وتم تبرير هذا الانقطاع من طرف المؤسسة بكون المسؤول عن العملية يوجد في عطلة، وبعد استئنافه لعمله انقطع كل اتصال مع توقف عملية نقل الملكية بالرغم من تنفيذ المشتكي لكل التزاماته اتجاه المؤسسة، قبل أن يفاجأ بدخول أشخاص على الخط، ينتمون إلى شبكة لـ «السمسرة» في العقارات، حيث قاموا بعرقلة عملية البيع بطرق ملتوية، مستغلين علاقاتهم داخل الوكالة الحضرية، التي فتحت لهم أبوابها خارج أوقات العمل، ما جعل رجل الأعمال يلجأ إلى القضاء للمطالبة باستكمال إجراءات البيع.
وكشفت المصادر عن وجود «مضاربين» يتاجرون في البقع الأرضية بمختلف الأحياء والمناطق الصناعية، ويستغلون استفادتهم من الامتيازات المخصصة لحاملي المشاريع الاستثمارية للحصول على هذه البقع بأثمنة رمزية داخل المناطق الصناعية، حيث يستفيد بعض «السماسرة» من البقع المخصصة لإقامة مشاريع استثمارية وإعادة بيعها بأثمنة باهظة، وأكدت المصادر وجود مضاربين يربحون أموالا طائلة من إعادة بيع البقع المخصصة للوحدات الصناعية بعد الاحتفاظ بها لمدة طويلة، علما أن ممارسات المضاربة العقارية بالمناطق الصناعية المنجزة، تزيد من حدة مشكل وُلُوج المستثمرين للبنيات التحتية الصناعية بأثمنة تنافسية.
وقررت وزارة التجارة والصناعة، اتخاذ مجموعة من التدابير لمحاربة هذه الممارسات المخلة، حيث قامت بإدماج بنود خاصة بتثمين البقع الأرضية في العقود ودفاتر التحملات المتعلقة بإنجاز المناطق الصناعية الجديدة مما يحد من مشكل المضاربة، حيث تلزم هذه المقتضيات المستثمر بالشروع في إنجاز مشروعه حسب جدول زمني محدد مسبقا، كما تعمل لجن محلية مشتركة على تفويت الأراضي في مختلف المناطق الصناعية وفق معايير واضحة تمكن من إنجاز مشاريع المستثمرين في أفضل الظروف، وأي إخلال بإحدى البنود سالفة الذكر يترتب عنه إلزام المستثمر بأداء ذعيرة بالإضافة إلى إلغاء تسجيل عقد بيع البقعة الأرضية، ويتم نزع الملكية عن طريق المحكمة بالنسبة للبقع التي تم تحفيظها من طرف المستثمر وعن طريق مسطرة تتم بين المستثمر والشركة المهيئة بالنسبة للبقع التي لم يتم تحفيظها بعد.
وأكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، خلال إحدى الجلسات البرلمانية، وجود مضاربات تؤدي إلى غلاء العقار المخصص للاستثمار بالمناطق الصناعية، وأشار إلى أن الوزارة تتدخل لاسترجاع البقع التي لم يلتزم أصحابها بإنجاز مشاريع استثمارية، وأوضح الوزير أن الدولة تمنح كل الدعم لتوفير المناطق الصناعية بأثمنة مناسبة، مشيرا إلى وجود مشاكل تتعلق بارتفاع ثمن العقار ببعض المناطق رغم مساهمة الدولة.
وصادق مجلس الحكومة، مؤخرا، على مشروع القانون رقم 102.21 يتعلق بالمناطق الصناعية، ويهدف هذا القانون إلى إنهاء فوضى المضاربات العقارية بالمناطق الصناعية، وإلزام المستفيدين من البقع الأرضية بإنجاز المشاريع التي تقدموا بها مقابل استفادتهم من هذه البقع، ويهدف هذا المشروع إلى معالجة مختلف الإشكالات المرتبطة بغياب التثمين الفعلي وبالعجز في ما يخص تدبير بعض المناطق الصناعية، وذلك عبر وضع إطار قانوني يمكن من مواكبة تنمية مناطق صناعية جديدة مستدامة ومنسجمة مع احتياجات المستثمرين ومع الرهانات الترابية.
وسيمكن هذا المشروع أيضا من تشجيع الاستثمار في المجال الصناعي عبر توفير العقار المهيأ لهذا الغرض، وتعزيز الترسانة القانونية المرتبطة بتهيئة وتدبير وتثمين المناطق الصناعية بغرض تحسين جودتها ومحاربة ظاهرة المضاربة العقارية، بالإضافة إلى تمكن المكلف بالتهيئة والمستثمرين من الآليات الضرورية التي من شأنها ضمان تدبير مستدام وفعال للمناطق الصناعية.