سبيطار ولا باطوار؟
خديجة عماري
«الإنسان مصاب» رددت والدتي، أصبت في يدي اليمنى، بعد سقوطي من الدرج، انزلقت قدمي بسبب رغوة الصابون، ولم أستطع تحقيق توازن يقيني شر القادم، لكن القدر دوما سباق. كان الألم لا يحتمل، نقلت فورا إلى المستشفى، لجناح المستعجلات، كان الألم فظيعا. اعتذر الممرض فور وصولنا «الراديو مخدامش»، و«الطبيب خارج كونجي».. لا حل إذن إما السفر للراشدية أو مكناس، حذرتني صديقة من الوثوق بالأطباء، فيدها المكسورة قومت بقطع حديدية ولفت بالجبس، ونصحتني أن ألجأ إلى الطب الشعبي، الطب البديل.. لم تكن وحدها التي تحذرني من الأطباء، فوالدي نفسه، عندما تعرض لحادثة سير نجا منها بأعجوبة، نتج عنها خروج عظم الورك والركبة عن مكانهما، ولم يستطع الراديو تصوير الخلل، ربما لانتفاخ اللحم، والعضلة، لم ينفعه الطبيب بعلمه في شيء، فلجأ لـ«بَا ادريس»، وهو رجل يقطن في مدينة صغيرة تبعد عن ميدلت بحوالي 35 كيلومترا، «آيت وافلا».. بحركات بسيطة جدا يعيد العظم لمكانه الأصلي ويقوم بتجبيره بالعسل الحر والكارطون ورباط، شفي الكثيرون علي يديه بمن فيهم والدي. لم أرد أن أنسف بالعلم الذي قضى الأطباء سنوات عديدة في تحصيله لمجرد تجارب استثنائية لا يمكن أن تعمم، لكن، بعد الفحوصات والتشخيص، قرر الطبيب إجراء عملية يستعين خلالها بزرع الحديد ليعيد العظم الخارج عن مساره إلى مكانه. لم أنتظر موعد العملية، بل لجأت لـ«بَا ادريس» القابع في آيت وافلا. استقبلنا بحفاوة وكرم، وأخبرني أن ما حدث هو انفكاك عظم المعصم، وليس كسرا، بسرعة عالج الأمر. كان موجعا، ولكنه كان نافعا، فبعد ثلاثة أيام من الجبر، شفيت تماما. ثلاثة أيام من الألم والحمى والأرق، كانت أفضل من عملية التشخيص والعلاج فيها كانت عواقبه لتكون وخيمة، وكأن الطب وسيلة لتقطيع أوصال البشر. لا بد من الاهتمام بخبرة ذلك الرجل الكهل القابع خلف أشجار تلك المدينة الصغيرة، وخبرة الكثيرين ممن نفعوا البشرية بعلم بسيط عندما لم يكن هناك «سكانير» ولا «راديو» ولا سنوات يدرس خلالها الطب العام وبعدها التخصص، لتخرج لنا الجامعة المغربية أو غيرها أطباء غير أكفاء.. أطباء جزارين، أثبتت أخطاؤهم في التشخيص والعلاج سراب التعليم الطبي. لا أعمم الأمر على كل الأطباء طبعا، فمنهم المتمكنون بعلمهم ومعرفتهم وخبرتهم، لكن تجدر الإشارة لأهمية التجربة الصينية في الميدان، حيث هناك اهتمام خاص بالطب البديل وتأطيره حتى لا يختلط على الناس الجاهل بالعالم، فضلا عن أن أغلب الاطباء المتقاعدين يستمرون بالعمل في المستشفيات، يفيدون الأطباء المبتدئين والمرضى بعصارة علم خضع للتجريب بعد الممارسة لعقود متوالية. بدل التخلي عنهم وعن خبرتهم، هذا إذا لم يؤسس الطبيب المتقاعد له مستشفى خصوصيا يدر عليه المال الوفير، ذلك المال الذي لا يمتلكه جيب الفقير ما لم تنفعه بطاقة «راميد». هذه البطاقة التي إن لم تسبقها توصية «سير المواطن شوف شكون إديها فيك».