ساعات من الرعب الشديد، تلك التي عاشها مساء أول أمس الخميس، ركاب القطار القادم من مراكش في اتجاه مدينة فاس، على متن الرحلة رقم TL618، والذي انطلق متأخرا عن موعده من محطة القطار الرباط أكدال بنحو عشر دقائق، بعدما اعترضت مسار القطار كميات من أعمدة الخشب كانت موضوعة فوق خط السكة الحديدية، على بعد أمتار قليلة من محطة مهجورة للقطار بالجماعة القروية القصيبية، الموجودة ضمن النفوذ الترابي لإقليم سيدي سليمان، الأمر الذي تسبب حينها في تمايل المقصورات، حيث بفضل العناية الإلهية وخبرة السائق لم يخرج عن السكة الحديدية، وبالتالي تم تجنيب المسافرين كارثة حقيقية، قبل أن يتوقف القطار لساعات طوال وسط غابات أشجار «الأوكاليبتوس»، و منطقة خلاء، ليتفاجأ الركاب برشق إحدى المقصورات بالحجارة من طرف مجهولين، لاذوا بالفرار مباشرة بعد حلول عناصر الدرك الملكي بموقع الحادث.
وبحسب تصريحات استقتها «الأخبار» بعين المكان من بعض المسافرين، فقد صرح أحد الركاب المتوجهين نحو مدينة فاس، أنه مباشرة بعد وصول القطار لجماعة القصيبية سُمع بشكل قوي صوت منبه القطار، قبل أن تتمايل المقصورة التي كان على متنها، بشكل رهيب، أثار الفزع والذعر في نفوس الركاب، في حين صرحت مسافرة أخرى كانت متوجهة نحو مدينة سيدي قاسم، بأن ما عاشته تلك اللحظة لا يمكن تصوره، بعدما اعتقد الجميع أن القطار سيخرج عن مساره، مضيفة، أن توقف القطار وسط الغابة زاد من مخاوفها بشكل كبير، سيما أن مسافرين تحدثوا عن رشق القطار بالحجارة، وسط منطقة تبسط بها عصابات النصب بعملة «الأورو» سيطرتها الكاملة، مضيفة أن حلول عناصر الدرك الملكي خفف نسبيا من مخاوف المسافرين، الذين ظلوا يتوجسون من أي مباغتة من قبل العصابات الإجرامية المنتشرة بالمنطقة، بينما صرح مسافر آخر كان على متن القطار بأنه عاش لحظات من الرعب الشديد، ولولا الألطاف الإلهية لكانت وقعت كارثة حقيقية.
ووفق ما عاينته «الأخبار»، فقد عمدت تعزيزات أمنية تابعة لسرية الدرك الملكي بسيدي سليمان والقصيبية، بحضور الرائد قائد السرية إلى القيام بعملية تمشيط واسعة النطاق بمحيط الحادث والدواوير المجاورة خصوصا دوار أولاد عبد المولى ودوار ضاية عيشة، بحثا عن الجاني أو الجناة المفترضين، سواء في ما يتعلق بالرشق بالحجارة أو بالنسبة لمعطى وضع أعمدة الخشب على سكة القطار، بعدما جرت معاينة وجود كميات منها بمسرح الحادث، بينما حرصت عناصر الدرك الملكي على منع الفضوليين من الاقتراب من مقصورات القطار، حماية للمسافرين ولممتلكاتهم، مثلما لم تعاين «الأخبار» أي دليل يؤكد ما تم الترويج له من طرف بعض الجهات، بكون الأمر يتعلق بعربة يملكها «سارق» لأعمدة الخشب من الغابة، حيث لم تتم معاينة أي أثر لعجلات العربة المجرورة، كما أنه لم يتم العثور على عجلات العربة وهيكلها والدابة التي تجرها، والتي من المفروض أن تكون قد اصطدمت بمقدمة القطار.
وأورد مصدر أمني في حديث له مع «الأخبار» أن ما وقع يحيل كثيرا إلى الأسلوب المعتمد من طرف عصابات «الرْدِّيخْ» والنصب بعملة «الأورو» وسرقة الماشية وصناديق خلايا النحل، خصوصا بمناطق (التويرسة ولالة يطو وبوفطيطن) التي تقع بالنفوذ الترابي لجماعة القصيبية، حيث تنشب بين الفينة والأخرى مواجهات عنيفة بالمسالك الطرقية الموجودة وسط الغابات، بالنفوذ الترابي للجماعة القروية المذكورة بين مهربي المخدرات (مخدر الشيرا، القنب الهندي)، من جهة، وعصابات إجرامية تعرف بلقب عصابات «الرْدِيخْ» أو «الرْدَايْخِية»، المتخصصة في نصب الكمائن لمهربي المخدرات، عبر قطع الطريق بواسطة الأحجار أو استعمال أشجار الغابة لنفس الغرض، وفي بعض الأحيان استعمال الدواب لمنع مرور سيارات مهربي المخدرات، الذين يختارون الأيام البيض من كل شهر هجري، وهي من بين الفرضيات التي يعكف المحققون على التحري بشأنها للكشف عن كافة ملابسات وظروف الحادث الغير مسبوق.