زوجة الرئيس
حسن البصري
لا تشبه زوجات رؤساء الأندية المغربية أمهاتنا، غالبا ما ينتمين لطبقة اجتماعية أخرى ويملكن أسلوب حياة أقرب إلى النمط الأوربي، ويحضرن سهرات علية القوم وحفلات عروض الأزياء، ويمارسن دور سيدة النادي الأولى بكل الطقوس المخملية المطلوبة.
وهناك استثناءات لزوجات يفضلن العيش في الظل ويساهمن في صناعة القرار من مطبخ البيت أحيانا ومن غرفة النوم أحيانا أخرى، ولا تطأ أقدامهن مدرجات الملاعب إلا في مباريات تأبين.
في نهاية الأسبوع الذي ودعناه رحلت إلى دار البقاء زوجة الرئيس السابق للوداد المرحوم عبد الرزاق مكوار، كان نصيب «إينغريد» بضعة سطور في ركن التعازي من باب واجب العزاء، بينما ووريت الفقيدة الثرى في جنازة وفق مبدأ «ما قل ودل».
لعبت زوجة رئيس الوداد دورا مفصليا في قضية وحدتنا الترابية، حين قرر الملك الحسن الثاني تعيين عبد الرزاق مكوار سفيرا للمغرب في لاهاي، ففي هذه المدينة الهولندية كانت قضية الصحراء تطبخ على نار هادئة. ربطت «إينغريد» علاقة صداقة مع زوجة القاضي الذي يتأبط ملف القضية نسجت الزوجتان خيوط علاقة مؤثرة في مسار الملف، فهما معا تحملان الجنسية الألمانية وتعيشان حياة الغربة بتفاصيلها القاسية في لاهاي. ساهمت «إينغريد» في انتزاع اعتراف الهيئة القضائية عبر زوجة رئيس الجلسة. وبعد المداولة كشفت زوجة قاضي محكمة العدل الدولية لزوجة السفير المغربي عن الحكم قبل صدوره رسميا.
كان الحسن الثاني يتابع عبر سفيره مكوار في لاهاي تفاصيل قضية الصحراء، قبل أن يعرف عبد الرزاق من خلال زوجته فحوى القرار الذي أقر بوجود علاقات ترابية ووجدانية بين المغرب والصحراء، ركب أول طائرة وهو يحمل الخبر السعيد للملك، واستغل الفرصة لمتابعة مباراة جمعت الوداد بالفتح الرباطي وفي المنصة الرسمية همس في أذن صديقه اجضاهيم قائلا: «كسبنا الرهان».
انتهت مهمة مكوار في هولندا بعد الفوز نتيجة وأداء بمباراة ديبلوماسية في غاية الأهمية، لعبت فيها حرم السفير دورا كبيرا في حسم نتيجتها قبل بلوغ ضربات الترجيح، لكن السيدة الفاضلة اختارت أن تبقى في الظل وتفسح المجال لأشباه المناضلات للحديث عن غزوات سياسية أشبه بحكايات أفلام الكارتون.
عندما تنظر إلى «لبابة العلوي» زوجة المعطي بوعبيد السيدة الأولى في نادي الرجاء، سوف ينتابك شعور للوهلة الأولى بأنك شاهدتها عشرات المرات في سوق نموذجي وهي تشتري احتياجاتها المنزلية، هي سيدة بيت بامتياز لكنها ساهمت في صنع جزء من تاريخ هذا الوطن. كانت تقضي الجزء الأكبر من حياتها رفقة صديقتها السعدية بوجرادة، زوجة وزير الشباب والرياضة الراحل عبد اللطيف السملالي، ومن غرائب الصدف أن تلفظ السيدتان الفاضلتان أنفاسهما الأخيرة في ليلة واحدة وساعة واحدة، وإن اختلفت مسببات المرض وموقع الدفن.
ووريت لبابة الثرى بمقبرة «الشهداء» بالدار البيضاء، بعدها بدقائق انتقل المشيعون إلى مقبرة «سيدي مسعود» لحضور مراسيم دفن صديقتها السعدية، تبادل أفراد الأسرتين المكلومتين عبارات العزاء في مشهد مثير.
في المشهد الكروي زوجات رؤساء تحولن إلى طباخات يقضين الجزء الأكبر من وقتهن في إعداد وجبات للاعبين، اسألوا فاطمة خير، زوجة العربي الزاولي الرئيس السابق للاتحاد البيضاوي، كيف تحولت من ربة بيت إلى ربة مركز لتكوين اللاعبين.
زوجات الرؤساء اليوم نساء مؤثرات في صناعة القرار، يصنعن «البوز» في خرجاتهن ويصبحن مستهدفات أكثر من أزواجهن من طرف صحافة «الباباراتزي»، لمساتهن واضحة في كثير من الصفقات خاصة في الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، لكنهن محرومات حتى من دقيقة صمت لقراءة الفاتحة على أرواحهن في ملاعب الكرة وكأن الحداد شأن رجالي.
حين توفيت ماريا دي لوس أنخليس ساندوفال، زوجة رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز، تقاطرت على النادي الملكي عبارات التعازي والمواساة، وامتلأت حسابات اللاعبين بصور الفقيدة، وفي جنازتها الحاشدة تبين أن وراء كل فريق عظيم امرأة.