زوجات مع وقف التنفيذ
يبدو عليهن أنهن يعشن حياة زوجية سعيدة ومستقرة، يشاركن أزواجهن كل شيء (تربية الأبناء، دراستهم، مصاريف البيت..) ما عدا السرير، واقع باتت تعانيه الكثير من النساء في المجتمع المغربي بسبب إهمال الزوج لواجباته تجاه الزوجة. ولأن المرأة بحكم تربيتها القائمة على ثقافة «الحشومة»، فإنها تلتزم الصمت وتحاول التعايش مع الوضع في انتظار رضا الزوج وطلبه لها، تكبت مشاعرها وتنسى أنوثتها وتعيش متفانية في تربية أبنائها موفرة جميع وسائل الراحة لأسرتها.
هناك نماذج لنساء كثيرات يعانين من هذا الواقع المرير الذي يهدد كيان الأسرة بكاملها، إهمال وعدم اهتمام، لا كلمة غزل تشنف آذانهن، ولا لمسة حنان تسقي أجسادهن، لا نظرة تحرك مشاعرهن، ولا حتى قبلة تثير غريزتهن، أمر أضحى يثير الكثير من الأسئلة: ما سبب هذا التباعد؟ ومن المسؤول عن هذا الوضع؟ هل الزوج أم الزوجة؟ وهل هي ظاهرة جديدة في مجتمعنا، أم أننا أمام سلوك زوجي عاشه آباؤنا من قبل؟ ثم كيف يمكن أن تستمر علاقة زوجية في ظل انعدام علاقة جنسية؟
يبدو أن الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل هي متجذرة منذ قدم التاريخ بين الأزواج، فمسألة البرودة والرتابة في العلاقة الجنسية واردة بين الأزواج خاصة بعد إنجاب الأطفال، بحيث يتسلل الملل إلى العلاقة الزوجية بشكل تدريجي فيحصل التباعد بين الزوجين لتفقد العلاقة حميميتها، وقد يستمر هذا التباعد لفترة طويلة في ظل الصمت الذي يبقى سيد الموقف بين الطرفين. فالزوجة تعتبر أنها إذا تحدثت في الأمر ستكون فاجرة في عين زوجها، والزوج يرى في سكوتها تعبيرا عن رفضها له حتى لا نقول إنه يفضل سكوتها لأنه ربما وجد راحته في هذا الوضع.
لكن المؤسف اليوم أن معظم هؤلاء الأزواج متعلمون ومتحضرون ورغم ذلك يرفضون الحديث عن حياتهم الجنسية ومناقشة كل المواضيع التي تتعلق بالفراش، والأخطر من هذا أنهم يقررون الاستمرار في الزواج رافضين الطلاق بشكل نهائي، خوفا على مستقبل أبنائهم وحرصا على سعادتهم، لتكون المرأة الخاسر الأكبر في هذه العلاقة الجامدة، فالزوج يبحث عن إشباع رغباته الجنسية خارج البيت، فشئنا أم أبينا مجتمعنا هو مجتمع ذكوري يبيح للرجل ممارسة المحظور، أما المرأة فتظل حبيسة ثقافة «الحشومة» والخوف من جلب العار لأسرتها، لتكبت رغباتها رافضة تكسير هذه القيود التي تجعلها تدور في دوامة مغلقة خالية من كل معاني الحياة الجميلة، محكوم عليها بعقوبة الزوجة مع وقف التنفيذ.