فاز الرجاء الرياضي بكأس العرش وسط غيمة الحزن التي تعيشها العائلة الملكية والشعب المغربي.
فاز الرجاء بالكأس الفضية وضمها للدرع الذهبي، وأكد أن العزيمة تهزم المديونية أحيانا.
انهزم فريق الجيش الملكي أمام الرجاء فوق الملعب وانهزمت الروح الرياضية في الطريق السيار. حين تحولت «لوطوروت» إلى معبر محفوف بالأخطار يسكنه الرعب وتمطره طير أبابيل بحجارة من سجيل.
حين يزور الرجاء والجيش والوداد أكادير تغلق المدينة محلاتها التجارية وتنتشر في الشوارع الفيالق الأمنية وتعيش حاضرة سوس حالة استنفار قصوى.
حين يشد الجمهور الرحال صوب وجهة سياسية، تصدر وكالات الأسفار السياحية نداء لأرباب النقل السياحي يدعوهم إلى تأجيل السفر حتى لا يصبح قطعة من العذاب.
يفتح ملعب «أدرار» أبوابه وتبيح مدرجاته للجماهير الحق في «الكلاش» و«الكونتر كلاش»، بينما يتوفر في جنبات هذا المركب على الاكتفاء الذاتي من الحجارة التي تستخدم في الرشق قبل وبعد المباريات.
وما أن يطلق الحكم صافرة النهاية حتى تنطلق معارك أخرى في المدرجات، والويل لمن أخطأ الوجهة.
تندلع المعارك في الندوة الصحفية، حيث يبحث كثير من الصحافيين عن الإثارة قبل المعلومة، بعد أن اقتنع الجميع بأن استفزاز المدربين سبيل للشهرة، لهذا يودع المدربون فرقهم بملاسنات.
في الندوات الصحفية مشهد جديد، لكل فريق صحافيوه ومصوروه ومؤثروه وحراسه الخصوصيون، ولا يسلم من الغارات إلا المدربون الذين لا يجيدون التحدث بالعربية والفرنسية.
في مثل هذه المباريات يختفي الصحافيون المهنيون ويظهر المؤثرون والمؤثرات وهم يصطادون لحظات «البوز»، في غرف الملابس ودهاليز الملعب والفندق، وفي كل بؤرة توتر.
في الندوات الصحفية فيلق من فصيلة «شاهد قبل الحذف»، وقوات احتياطية تتصيد هفوات المدربين والمنظمين ولا يسلم من «البوز» زملاؤهم.
هنيئا للرجاء بمدربها الألماني الذي قاد فريقه للتتويج بالبطولة والكأس بالرغم من ضيق ذات اليد وغياب الرئيس الذي لا يخشى مواجهة أي فريق باستثناء الفرقة الوطنية.
هنيئا للرجاء الذي جعل الرجاويين يؤمنون بأن المخطط الأخضر الوحيد هو اكتساح الملاعب وحصد الأخضر واليابس.
لكن في كل المباريات النهائية لكأس العرش، هناك ريع يسكن الملاعب، فقد ظهر، فجأة، عبد السلام بلقشور على رقعة ملعب «أدرار» وهو يحمل صفة مندوب المباراة، تبين أن المنصب فخري وأنه من باب الترضية وجبر الخواطر.
حين يحمل رئيس العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية صفة مندوب مباراة، يسقط في حالة التنافي لأنه مطالب بتحرير تقرير حول المواجهة، ومطالب أيضا بتشخيص الهفوات التنظيمية، فيصدق فيه قول الشاعر: فيك الخصام وأنت الخصم والحكم.
في مثل هذه المناسبات يجود المنظمون على المسيرين بلمسات ريع، فقد نال كثير من قادة الكرة «شرف» التواجد فوق رقعة الملعب كمندوبين، نذكر كيف أصبح رئيس العصبة الوطنية للهواة جمال الكعواشي مندوبا لنهائي كأس العرش، وكيف سبقه لهذا الكرسي زميله جمال السنوسي، حتى اعتقدنا أن اسم جمال شرط عين لنيل منصب «مندوب الفينال».
حين عينت مديرية التحكيم الحكم الدولي رضوان جيد لقيادة مباراة نصف النهائي بين الجيش الملكي والمغرب الفاسي، من باب تكريم الرجل الذي اعتزل الصفارة، اختاروا له اعتزالا في مسقط الرأس والقلب.
حضر الرجل حفل الاعتزال وودعه الجمهور بالتصفيق وبناته بالورود، وحين عاد إلى بيته وهو يكفكف دموعه، تلقى مكالمة من المديرية تدعوه لتحكيم المباراة النهائية لكأس العرش، سيعود الحكم إلى الملعب بعد أن ودعه، وتبين أن الاعتزال الأول كان مجرد بروفة.
لا أحد يشك في دور الحكم وقدرته على ضبط المباراة النهائية بكاريزما تجعل اللاعبين يبتلعون ألسنتهم ويضعون بينهم وبينه مسافة الأمان، لكن الجميع يؤمن بأن الريع في حالة تسلل.