رياضيون موشحون حكايات شخصيات رياضية نالت أوسمة ملكية
أبطال وشحوا بأوسمة ملكية ثلاث مرات
في عهد الملك الراحل محمد الخامس، كان توشيح الرياضيين سنة حميدة تلازم نهائيات كأس العرش، غالبا ما تقترح الأسماء المتألقة في الملاعب الرياضية بناء على اقتراح من عبد السلام بناني وتزكية من الديوان الملكي.
قبل انطلاق كل مباراة نهائية لكأس العرش، يصطف الرياضيون في جنبات الملعب، فيشرع الملك في توزيع الأوسمة وفق تراتبية يفرضها البروتوكول وقيمة الوسام ودرجته، قبل أن يشرع مذيع المباراة في ذكر موجز من مسار كل متوج، وحين تنتهي مراسيم التوشيح تنطلق المباراة.
في عهد الملك الحسن الثاني، كان للأوسمة وزير صعب المراس، اسمه مولاي حفيظ العلوي، يتفحص بنظراته الثاقبة المنعم عليهم، رغم اختفاء عينيه وراء عدستي نظارة تعادل في سمكها قاع الكأس، كان يقرأ السير الذاتية للمنعم عليهم ويتمنى لو يخضعهم لاختبار بدني وتقني قبل الحصول على الوسام.
حصل لاعبو المنتخب المغربي على مكانة في المربع الذهبي للمونديال الأخير، فخصص لهم استقبال تاريخي رفقة أمهاتهم، بعد أن نامت الكرة المغربية طويلا واستيقظت على فوز بالوصافة العالمية، حينها استقبل ملك البلاد أعضاء فريق الرجاء البيضاوي، ووشحهم بميداليات و”مأذونيات”. وكان فريق الجيش الملكي أول فريق مغربي يحظى بأوسمة في باريس، حين انتقلوا من الزايير إلى فرنسا حيث كان يقضي الحسن الثاني إجازته، حاملين كأس إفريقيا للأندية البطلة.
يضيق المجال لسرد جميع الأبطال الذين أنعم عليهم الملوك الثلاثة، لكن لابد من التوقف عند أكثر الحالات لفتا للأنظار، لكن في جميع الحالات يظل الإشعاع الدولي معيارا للانتقاء الذي شمل اللاعبين والمدربين والمسيرين والصحافيين والحكام.
الركراكي..المدرب الذي وشحه الملك ثلاث مرات
استقبل الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد، يوم الثلاثاء 20 دجنبر بقاعة العرش بالقصر الملكي بالرباط، أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم، بعد أدائهم المتميز في كأس العالم.
جسد هذا الاستقبال العناية السامية التي ما فتئ الملك يحيط بها الشباب، والاهتمام الخاص الذي يوليه لقطاع الرياضة عموما وكرة القدم خصوصا. ويأتي الاستقبال إثر الإنجاز التاريخي وغير المسبوق الذي حققه المنتخب الوطني الذي تمكن من بلوغ الدور نصف النهائي، في أول وأبهى تألق من نوعه لكرة القدم المغربية والعربية والإفريقية، في نهائيات هذه التظاهرة الرياضية العالمية.
وخلال هذا الحفل وشح الملك محمد السادس، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، ومدرب المنتخب الوطني وليد الركراكي، ولاعبي المنتخب الوطني الذين كانوا مرفوقين بأمهاتهم، بأوسمة ملكية.
قال وليد الركراكي مدرب المنتخب المغربي، في حوار مع قناة “كنال بلوس” الفرنسية، حيث اعتبر توشيحه من طرف الملك محمد السادس بوسام ملكي، بعد تألق الفريق الوطني في مونديال قطر، وقال إن الاستقبال الملكي يعد لحظة ستبقى راسخة في الأذهان، وأنها أفضل شيء ممكن يحدث لأي مواطن مغربي.
وتابع الركراكي حديثه: “الوسام هو رمز المملكة المغربية، وكذلك اصطحاب أمي لرؤية جلالة الملك يعد أمرا رائعا وجميلا بالنسبة لي، إنها أحسن هدية لوالدتي”. وأكمل حديثه “المغاربة زاد تعلقهم باللاعبين المغاربة، هذا ما كنت أسعى إليه قبل المونديال، يجب على المنتخب الوطني أن يكون صورة البلاد”.
وشح الملك محمد السادس، صدر الناخب الوطني وليد الركراكي بوسام العرش من درجة قائد، بعد نجاحه في قيادة المنتخب الوطني المغربي إلى نصف نهائي كأس العالم، في سابقة من نوعها بالنسبة إلى المنتخبات العربية والإفريقية.
ويعتبر التوشيح المونديالي هذا، ثالث وسام ملكي يزين صدر الركراكي، ففي الخامس عشر من فبراير من عام 2004، استقبل الملك محمد السادس المنتخب الوطني المغربي، عقب وصوله إلى نهائي كأس أمم إفريقيا التي أقيمت مطلع نفس السنة بتونس، وانتهت بفوز البلد المنظم باللقب القاري.
ووشح الملك صدر الركراكي، الذي كان لاعبا في صفوف المنتخب الوطني في جيل 2004 الذي كان يدربه بادو الزاكي، وكان يضم لاعبين بارزين أمثال: نور الدين النيبت وعبد السلام وادو وطلال القرقوري ومروان الشماخ ويوسف حجي وجواد الزايري وغيرهم، في تجربة فريدة.
ووشح الملك محمد السادس مجددا صدر وليد الركراكي بطنجة كمدرب، في الثاني والعشرين من غشت من سنة 2016، بوسام الكفاءة الوطنية، عقب قيادته لفريق الفتح الرباطي إلى الفوز بأول لقب للبطولة الاحترافية في تاريخه، تزامنا مع الاحتفال بعيد الشباب.
قصة مؤلمة جعلت أملاح يبكي خلال الاستقبال الملكي للأسود
بعد الإنجاز المونديالي تم توشيح لاعبي المنتخب الوطني بوسام العرش من درجة ضابط، وبالموازاة مع ذلك، أعطى الملك تعليماته السامية، من أجل تسليم أوسمة ملكية لجميع أعضاء الطاقمين التقني والطبي للمنتخب الوطني، وذلك تقديرا للعمل الاستثنائي الذي قدموه.
المثير في هذا اللقاء، هو حالة لاعب المنتخب الوطني المغربي، سليم أملاح، الذي تعاطف معه المغاربة، بعد ظهوره خلال الاستقبال الملكي لأسود الأطلس وآثار البكاء بادية عليه، وتأثر أملاح لحظة المناداة عليه بالاسم للتقدم نحو الملك محمد السادس من أجل توشيحه بوسام من درجة ضابط، إذ كان من اللاعبين القلائل الذين لم يكونوا برفقة أمهاتهم.
عاش أملاح قصة جد مؤلمة في صغره، إذ فارقت والدته الحياة أمام عينيه بعد إصابتها بنزيف داخلي وهو في الرابعة عشرة من عمره، وهو المشهد الذي بقي راسخا في ذهنه وأثر على نفسيته بشكل كبير، وكاد أن ينعكس سلبا على مشواره الكروي، إذ لزمه وقت كثير لاستعادة توازنه والعودة إلى كرة القدم.
خطف اللاعب المغربي سليم أملاح الأنظار في مشاركته مع أسود الأطلس في بطولة كأس أمم إفريقيا كاميرون 2022، تبين أن تألقه كان وراءه قصة معاناة تحولت بعزيمة إلى مصدر قوة وتحدٍ للصعاب وتذليل العقبات، ومن ثم بلوغ الأهداف.
سليم من أب مغربي يدعى حسين وأم إيطالية، ولد يوم 15 نونبر 1996 بمدينة “أوتراج” البلجيكية، عِشق الكرة ورثه من والده الذي كان مدربا للفرق السنية بنادي “مونس”، تدرب تحت إشرافه حتى بلوغ سن 11 عاما، قبل أن تلحظه عيون نادي أندرلخت ويضمه إليه عام 2008.استمر مع النادي إلى حلت “الفاجعة” التي قلبت حياة سليم رأس على عقب، وفاة والدته “أنتوايت”، وهي تسقط أمام عينيه أرضا إثر تعرضها لنزيف حاد على مستوى المخ، وهي الواقعة التي جعلته يبكي بحرقة حين شاهد اللاعبين برفقة أمهاتهم.
الحكم الذي وشح كرجل أمني وحكم لكرة القدم
في 28 شتنبر 2017 توفي عبد الكريم صاحب “لا غبار عليها”، عن سن يناهز 84 سنة، بعد مسيرة حافلة في مجال التحكيم، الذي ولجه سنة 1957 وقاد عدة مباريات هامة، حيث لا زال يحتفظ بالرقم القياسي في قيادة المباريات النهائية لكأس العرش في كرة القدم، بعدما أدار خمس مباريات نهائية آخرها سنة 1974.
أعجب الملك الحسن الثاني بشخصية الزياني وتدخل لدى الجامعة من أجل تعيينه لقيادة مباراة نهاية كأس العرش سنة 1974 بالدار البيضاء بين الرجاء البيضاوي والمغرب الفاسي، حينها لم يجد رئيس الجامعة بدا من الاعتذار للحكم الذي سبق أن تم تعيينه لإدارة المواجهة، لأن قرارات الملك لا يمكن أن ترد. يقول عبد الكريم في بوح صحفي: “اختارني مسؤولو الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم آنذاك في الخمسينيات والستينيات وكذا السبعينيات لقيادة مباريات نهاية كأس العرش في خمس نسخ، وكانت البداية في سنة 1959، وهذا تكليف وتشريف، لكن لن أنسى المباراة التي جمعت فريقي الرجاء البيضاوي والمغرب الفاسي سنة 1974، التي تم تعييني لإدارتها بأوامر عليا عند تغيير الطاقم الذي تم اقتراحه قبلي، وهذا يترجم قيمة التعيين والأهمية التي توليها لهذه المناسبة الغالية في المسار الرياضي”.
قبل انطلاق نهائي سنة 1974 الذي آلت نتيجته لفائدة الرجاء البيضاوي على حساب المغرب الفاسي، صافح الزياني الملك الذي همس في أذنه قائلا: “بغيتك تكون بوليسي في هاد الماتش”، في إشارة إلى شخصية الرجل المشبعة بجرعة صرامة زائدة، فقد سبق للملك أن وشح الحكم الزياني بوسام ملكي على هامش مباراة النهاية التي جمعت فريقي المولودية الوجدية والكوكب المراكشي، وهو يعرفه جيدا، حيث رافقه كرجل أمن في كثير من الرحلات الخارجية، وتم توشيحه مرتين، وسام العرش من درجة ضابط، ووسام الرياضة من الدرجة الأولى.
في حديث صحفي يقدم عبد الكريم تفاصيل التوشيح: “لن أنسى التفاتة جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني تجاهي عندما وشحني بوسام ملكي في مباراة النهاية التي جمعت فريقي المولودية الوجدية والكوكب المراكشي، وكيف وقف يتأملني ويقول لمن يقدمني له هذا الزياني شكون ما يعرفوه راه صوت صفارتو باقي في وذني”.
سعيد بلقولة..يوشح في آخر استقبال الحسن الثاني للمنتخب
قبل مونديال سنة 1998 ببضعة أشهر، كان سعيد بلقولة قد أدار المباراة النهائية لكأس إفريقيا للأمم ببوركينافاسو، والتي جمعت بين المنتخبين المصري والجنوب إفريقي. من هناك بدأت أولى بوادر التألق القادم من المغرب.
كتب الحكم المغربي سعيد بلقولة سطور المجد للأفارقة والعرب بإدارته بهدوء واقتدار، وتألق بشكل ملفت في المباراة النهائية لكأس العالم، يوم 12 يوليوز 1998 بملعب سان دوني بباريس بين المنتخبين الفرنسي والبرازيلي، وانتهت بثلاثية للفرنسيين.
في ذات السنة نال بلقولة مجموعة من الجوائز الفردية، إذ منحه الاتحاد الدولي لكرة القدم الميدالية الذهبية كأفضل حكم في المونديال وجائزة “الصافرة الذهبية” كأفضل حكم عربي وأحسن حكم إفريقي، فضلا عن توشيحه من قبل الملك الحسن الثاني بوسام ملكي.
مثل الحكم المغربي العرب والأفارقة في هذا المحفل الكروي، بعدما حظي بثقة الاتحاد الدولي لكرة القدم، رغم وجود قضاة ملاعب عالميين أكفاء، وفي مقدمتهم الحكم الإيطالي الشهير بييرلويجي كولينا.
حين عاد المنتخب المغربي من فرنسا بعد مشاركة “لابأس بها” وشحت عناصر الفريق الوطني، وكان الحكم الدولي سعيد بلقولة من أبرز المتوجين، حيث تحدث معه الملك الحسن الثاني كثيرا واعتبر تحكيمه للنهائي أكبر إنجاز الكرة المغربية.
ظل الحكم بلقولة تحت رعاية القصر، خاصة خلال مرضه، وبتعليمات ملكية تدخل الجنيرال دو كور دارمي حسني بنسليمان، الرئيس السابق للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، هذا الأخير استجاب للمطلب وأحال الحكم على المستشفى العسكري بالرباط لإنجاز تشخيص دقيق حول المرض الصامت، وتبين من خلال الكشف الأولي أن الأمر يتعلق بسرطان في الرئة، نقل على إثره إلى مصحة متخصصة في فرنسا، بأوامر من الملك محمد السادس. ومن المفارقات الغريبة أن المصحة التي كان يقيم فيها لم تكن تبعد إلا بأمتار قليلة عن الملعب الذي قاد فيه سعيد نهائي كأس العالم سنة 1998.
عبد اللطيف بنعزي يوشح مرتين: في المغرب وفرنسا
في أغلب الزيارات التي قام بها الملك محمد السادس إلى مدينة وجدة، وخلال تدشينه لمشاريع تنموية في العاصمة الشرقية، يلاحظ حضور عبد اللطيف بنعزي، ابن المدينة والعميد السابق للمنتخب الفرنسي للريكبي، خاصة حين يتعلق الأمر بمشروع رياضي، كما هو الحال حين أشرف الملك محمد السادس على تدشين الملعب البلدي للريكبي، بل إن بنعزي ساهم ماديا في إنجاز هذا المشروع، مما أثلج صدر الملك واعتبره نموذجا للمغترب الذي يضع تنمية بلده ضمن أولوياته، حيث ظهر بتعزي في لائحة المساهمين من خلال ضخه مبلغ 800 ألف درهم في المشروع، كيف لا وهو البطل الذي ولد في ذكرى ثورة الملك والشعب، 20 غشت، وأصبح من أشهر الشخصيات الرياضية في فرنسا، وأحد أكبر لاعبي الريكبي على المستوى العالمي، بعد أن هاجرت أسرته للاستقرار في فرنسا، وهو حينها يافع بعد أن خاض تجربة قصيرة حارس مرمى ثم بطلا في رياضة ألعاب القوى، تخصص رمي القرص.
حصل عبد اللطيف رفقة المنتخب الفرنسي على كأس الأمم الأوربية سنة 1997، وقاد المنتخب الفرنسي في ثلاث كؤوس للعالم، وكان ذلك سنوات 1991 و1995 و1999، ومثل المنتخب الفرنسي في 78 مباراة دولية.
في كتابه “حياة من تجربة”، تطرق بنعزي لتجربته كمهاجر مغربي ارتمى بين أحضان رياضة الريكبي لتصنع منه نموذجا للرياضي الناجح، غير أن ما يميز الكتاب المذكور وجعله محط اهتمام منقطع النظير، أن مقدمته كتبها المناضل والأب الروحي للجنوب إفريقيين نيلسون مانديلا، الشيء الذي قاد عبد اللطيف إلى نيل الكثير من التقدير والاحترام، والحصول على وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي من درجة ضابط.
كانت سفارة المغرب في باريس تحرص على وجود عبد اللطيف ضمن الشخصيات التي تحظى بملاقاة ملك البلاد الحسن الثاني وبعده محمد السادس كلما قادتهما الظروف إلى فرنسا، إذ إن صداقة بنعزي وقربه من القصر جعلاه فاعلا في المجال الرياضي من خلال مشاريع من شأنها أن تربط المغترب المغربي ببلده.
هنأ الملك محمد السادس عبد اللطيف بنعزي على المكانة التي أصبح يحظى بها في النسيج الاجتماعي الفرنسي، ووصفه بالقدوة المغربية في الإدماج عبر الرياضة ولعبة الريكبي. وحين اعتلى الملك محمد السادس سدة الحكم، اهتم أكثر بمغاربة العالمة، خاصة أولئك الذين يحنون للوطن، ويسعون للاستثمار فيه رياضيا واجتماعيا في مسقط رؤوسهم، علما أن بنعزي فاجأ القائمين على المشاريع التنموية في وجدة بمساهماته المالية، وبجلبه لعدد من الشركاء الأجانب من أجل مساهمة فعلية في التنمية المحلية.
الحسن الثاني يوشح رئيس المغرب الفاسي رغم “فيتو” مولاي حفيظ
ارتبط إدريس بن زاكور بالحركة الطلابية وانضم إلى صفوفها في فرنسا حين توجه إلى هناك من أجل دراسة القانون، فنال شهادته الجماعية مبكرا وتحديدا سنة 1938، عاد إلى الوطن متشبعا بأفكار فرنسيين يناصرون قضايا التحرير في إفريقيا، وحين ضم صوته إلى صوت الوطنيين اعتقلته سلطات الحماية الفرنسية وحكم عليه بالسجن لمدة عامين قضاها بين سجون الرباط وكلميمة وفاس. وكانت التهم التي تطارده هي: “التحريض على الفوضى والإخلال بالأمن العام”.
أبعدت السلطات الاستعمارية هذا الشاب إلى مدينة مراكش ومنعته من نشر دعوة الحركة الوطنية في فاس، وخلال تواجده في عاصمة النخيل انضم لخلية مؤسسي فريق “الصام” الذي كان مكونا من خليط مغربي وفرنسي ويهودي، ومنه انبثقت فكرة تأسيس فريق المغربي الفاسي كبديل لفريق الاتحاد الفاسي الذي كان يحظى برعاية السلطات الفرنسية، ولأن بن زاكور كان عارفا بقوانين الحماية في الشق المتعلق بتأسيس الجمعيات، فقد أقحم وهو يؤسس جمعية المغرب الفاسي يوم 16 أكتوبر 1940، عناصر جزائرية تحمل الجنسية الفرنسية لكنها متعاطفة مع القضية الوطنية.
مع تولي الحسن الثاني عرش البلاد، منح بن زاكور وسام الاستحقاق الرياضي سنة 1961، وفي سنة 1969 نال وسام الرضى من الدرجة الممتازة، كما حصل على وسام العرش من درجة ضابط سنة 1975، وهو المسير المغربي الوحيد الذي وشح بثلاثة أوسمة، بل إن مولاي حفيظ العلوي حاول تنبيه الملك إلى سوابق رئيس المغرب الفاسي في التوشيح، فغضب منه الحسن الثاني.
توفي إدريس بن زاكور سنة 2002، فبكاه الفاسيون والمراكشيون على حد سواء.
بلمحجوب..رحلة من مونبوليي إلى الدار البيضاء للتوشيح
عاش اللاعب عبد الرحمان بلمحجوب مدة طويلة في باريس وهو يلعب في صفوف راسينغ الباريسي. انتقل بعد الزواج من ليلى الجزائرية إلى نيس، ثم انضم إلى فريق مونبوليي. قضى مدة لا يستهان بها في التنقل من فريق لآخر، قبل أن يعود إلى المغرب دون أن يقطع صلته بفرنسا. ما كان يميز عبد الرحمان أنه لم يتغير بنجاحاته ولم يبعده تألقه عن محيطه، وبقي وفيا لمسقط رأسه ولم يتنكر للمدينة القديمة بالدار البيضاء ومحيط أصدقائه الذي أنجبه، وكان نموذج المواطن المغربي المعتز بانتمائه لوطنه والمنخرط في قضاياه وهمومه.
في كل مناسبة رياضية كان للاعبي كرة القدم نصيب الأسد من الأوسمة والنياشين، حين كانوا يرفعون العلم المغربي خفاقا في المحافل الرياضية، قبل أن يدخلوا مجالات أخرى خاصة مجال التدريب. في عهد الملك الراحل محمد الخامس، وجه القصر الملكي برقية مستعجلة إلى رئيس نادي مونبوليي الفرنسي، يطلب منه السماح للاعب عبد الرحمان بلمحجوب بالحضور على وجه السرعة إلى الدار البيضاء لتسلم وسام ملكي قبل انطلاق أول مباراة النهائية لكأس العرش جمعت المولودية الوجدية بالوداد البيضاوي، وكان من بين الموشحين الأب جيكو، كانت أول مباراة نهائي كأس العرش يحتضنها المغرب بعد استقلاله.
هناك سوء فهم، فبعد المباراة استقل عبد الرحمان الطائرة عائدا إلى فرنسا لالتزامه بمباراة هامة في الدوري الفرنسي، طبعا كانت الزيارة قصيرة للدار البيضاء، لكنه زار منزل عائلته في المدينة القديمة، أما حزنه فلهزيمة الوداد في المباراة النهائية لكأس العرش رغم أن نتيجته ميدانيا هي التعادل هدف لكل فريق إلا أن الكأس منح للوجديين بحكم تسجيلهم للهدف الأول. ولقد أقام النادي الفرنسي احتفالا على شرف عبد الرحمان بهذه المناسبة بمجرد وصوله إلى مونبوليي.
الأب جيكو يرفض حقيبة الرياضة وينال وسام الاستحقاق من طرف محمد الخامس
على الرغم من الغضبة السلطانية على محمد بلحسن الشهير بلقب “الأب جيكو” لرفضه قبول تعيينه في منصب حكومي، فإن محمد الخامس طيب الله ثراه، لم يعارض توشيح “جيكو” بوسام شرفي سنة 1957، باقتراح من محمد بن جلون رئيس الوداد الرياضي واللجنة الأولمبية المغربية، بالرغم من اعتراض مولاي عبد الحفيظ العلوي وزير التشريفات والقصور والأوسمة على القرار.
لكن ما فحوى التقرير الذي خلص إلى الاعتراض على توشيح مدرب قطبي الكرة في الدار البيضاء؟. حسب مصادر عائلية فإن غضب القصر من محمد بلحسن التونسي، والذي كان دعامة كروية كبرى في تلك الفترة. يرجع لعدم استجابته لدعوة من الملك الراحل محمد الخامس ولبعض أعضاء المكتب المسير للوداد، من أجل رأب التصدع الذي عرفه النادي والخلاف الدائر بين مسيرين استقلاليين وآخرين ينتمون لحزب الشورى والاستقلال. وكان الأب جيكو شوريا متشددا رفض في أكثر من مناسبة التنسيق مع الاستقلاليين، بل إنه تلقى عرضا من ولي العهد آنذاك الحسن الثاني بالانضمام لحكومة سنة 1956 أو ما يعرف بحكومة البكاي بن مبارك في نسختها الثانية، هي ثاني تشكيلة حكومية في المغرب بعد استقلاله عن فرنسا سنة 1955.
في عهد محمد الخامس والحسن الثاني كان للأوسمة وصي صعب المراس، اسمه مولاي حفيظ العلوي، يتفحص بنظراته الثاقبة المنعم عليهم، رغم اختفاء عينيه وراء عدستي نظارة طبية تعادل في سمكها قاع الكأس، كان يقرأ السير الذاتية للمنعم عليهم ويتمنى لو يخضعهم لاختبار بدني وتقني قبل الحصول على الوسام.
اللاعب الدولي الفيلالي يوشح ثلاث مرات
ولد محمد الفيلالي لاعب المنتخب المغربي لكرة القدم في نهاية الستينات وبداية السبعينات، بالجزائر في 9 يوليوز 1945، كان والده الذي ينحدر من أصول فيلالية وتحديدا من الريصاني إقليم الراشيدية، قد هاجر إلى الجزائر للعمل، قبل أن يعود إلى المغرب ويستقر بمدينة وجدة.
عاش محمد طفولته في مدينة وجدة حيث كان يتابع دراسته في إعدادية عمر بن عبد العزيز التي درس بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، ظهرت مواهب الفتى كرويا في الألعاب المدرسية قبل أن ينخرط في المولودية الوجدية ويعبر منها نحو الفريق الوطني الذي جاوره خلال مونديال 1970 وكأس إفريقيا 1972 ناهيك عن دورة الألعاب الأولمبية بميونخ في نفس العام.
حصل الفيلالي على وسامين من يد الملك الحسن الثاني، الذي كان معجبا بهذا اللاعب، كما وشح من طرف الملك محمد السادس، بل إن الملك الراحل لعب دورا كبيرا في تأمين وظيفة للفيلالي في سلك الوقاية المدنية التي تقاعد منها وهو يحمل رتبة ضابط.
يقول الفيلالي خلال حفل تكريمه من طرف مؤسسة جسور عن التحاقه بالمنتخب المغربي ولقائه بالملك: “عندما نودي علي للمنتخب الوطني للكبار، وحين غضب الملك الحسن الثاني من المنتخب الأول الذي تعادل مع غانا في الدار البيضاء، تمت الاستعانة بنا نحن للذهاب إلى غانا لأن الكل ظن أننا سنخسر تلك المقابلة، ولم يبق من الفريق الأول الذي لعب معنا لقاء العودة سوى باموس، بيتشو وعلال والهجامي لاعب الوداد، وخلقنا مفاجأة آنذاك من العيار الثقيل حين فزنا في قلب غانا ب(2-1) مما أثلج صدر الحسن الثاني الذي استدعانا إلى القصر وقال لنا أنتم رجال ووشح صدورنا بأوسمة ملكية، لكننا لم نسافر إلى المكسيك لخوض أولمبياد 1968، بسبب وجود إسرائيل “ضمن مجموعتنا.