شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

ركن المتغيبين

هناك مقولة مشهورة للفيلسوف الفرنسي فولتير، تتحدث عن أن «أفضل حكومة هي تلك التي يوجد فيها أقل عدد من الأشخاص عديمي الفائدة».

وبالفعل تسائلنا هاته المقولة اليوم، في ظل غياب عدد من أعضاء الحكومة لم يستطيعوا أن يبصموا قطاعاتهم بطابعهم الخاص، بل منهم لم يعد يحضر حتى إلى الجلسات الدستورية، فقد تمر الشهور ولا يحضرون إلى جلسات مساءلة مجلسي البرلمان، كأنهم غير معنيين بالمثول أمام ممثلي دافعي الضرائب.

والحقيقة أنه بعد سنة ونيف إذا أردنا أن نقوم بتمرين ذهني للمغاربة ونطرح عليهم السؤال البسيط، ما هو اسم وزيرة الإدارة والانتقال الرقمي، أو وزيرة التضامن والأسرة، أو وزيرة السياحة، أو وزير النقل، أو وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بدون العودة لمحرك البحث «غوغل» أو الاستعانة بصديق سياسي، سنكون أمام أجوبة في معظمهما خاطئة، والسبب بسيط للغاية أن مثل هؤلاء الوزراء لم ينجحوا بعد مرور أكثر من سنة على تنصيبهم في إنتاج قرارات عمومية يمكن أن تترك صدى في ذاكرة المغاربة، بل لم يحسنوا حتى ميزة التواصل مع الرأي العام الذي لن يكلفهم أي مجهود يذكر.

نحن إذن أمام وزراء يتعين إدراج أسمائهم في برنامج إذاعي يحمل اسم «ركن متغيبين»، بعدما ملؤوا الدنيا تعهدات والتزامات ووعدوا بتحقيقها في بداية ولايتهم، قبل أن تصيبهم حالة من الغيبوبة والصمت والتيه، في انتظار من يدلهم على الطريق في الوقت الذي هم من يتحمل مسؤولية رسم الطريق للمغاربة.

وما يبعث على الاستغراب حقا أن عددا من الوزراء ما زالوا حبيسي مرحلة تشخيص العلل في السياسات العمومية، ورمي المسؤولية على من سبقوهم، مثل وزير التعليم شكيب بنموسى، بينما نحن في حاجة إلى قرارات تعالج الأعطاب وتستأصل الأورام التي جعلت قطار التنمية متوقفا عن التحرك، خلال العقد الماضي. فماذا سيفيد المغربي إن علم أن نسبة كبيرة من الهدر المدرسي والأمية وإتقان القراءة والكتابة؟ ماذا ستستفيد الأسر إذا وصل إلى علمها أن هناك سياسات فاشلة في الجامعات، وأن صناديق التقاعد ستنهار، وأن الحكومات السابقة لم تشيد السدود في وقتها وغيرها من عناوين التشخيص؟

المغاربة في حاجة اليوم إلى وزراء تراهم العين المجردة يوميا ويقدمون حلولا ملموسة، وليس وزراء التباكي على الماضي وتقديم التشخيصات للمشاكل التي تعرفها قطاعاتهم، هؤلاء الوزراء الذين يظهرون للحظة، ثم يختفون، تاركين رئيس الحكومة يدبر نتائج فشلهم وسوء اختياراتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى