كوثر كمار
يشهد عدد من الأسواق المغربية حركة غير عادية، وذلك مع انطلاق العد العكسي ليوم عيد الأضحى بعد غد (الخميس)، فرغم وفرة عدد رؤوس الأغنام، فإن العديد من ذوي الدخل المحدود يشتكون من ارتفاع الأسعار. ويرى عدد من متتبعي حالة أسواق الماشية أن أسعار الأضاحي سجلت ارتفاعا كبيرا هذه السنة خاصة خلال نهاية الأسبوع الأخير بالمقارنة مع السنة الماضية.
«الأخبار» زارت سوق الأغنام بسيدي مومن بالبيضاء لتنقل لكم ما يجري داخله.
هنا بسوق الماشية بسيدي مومن بالدار البيضاء حيث تشير الساعة إلى الواحدة زوالا، تصطف العديد من الشاحنات المحملة بمختلف أنواع الأكباش من قبيل «الصردي» و«البركَي»، ويحاول الكسابة لفت انتباه الزبناء عن طريق إمساكهم قرون أكباش «الصردي» البارزة والقوية والرفيعة. فـ«الصردي» يعد من بين أفضل أنواع الأكباش على الإطلاق بالمغرب لمميزاته الكثيرة، ومنها حسن هيئته وجمال وجهه المستطيل الذي تزينه بقع سوداء حول عينيه وفمه وفي قوائمه أيضا، فضلا عن جودة لحومه ولذتها عند الطهي.
فأسعار الأكباش من سلالة «الصردي» تتجاوز أربعة وخمسين درهما للكيلوغرام الواحد. ويقبل أصحاب الدخل الأقل ارتفاعا بالتالي على أصناف أخرى من الأكباش، أبرزها تلك التي تنتمي إلى سلالة منطقة «تمحضيت» وأبي الجعد، والدمان .
الشناقة
تتراوح أسعار الأكباش بسوق المواشي بسيدي مومن ما بين ألفين وستة آلاف درهم. وذلك حسب نوعية وجودة الكبش، إلا أن عددا من الأكباش تباع بأضعاف سعرها الحقيقي وذلك بسبب «الشناقة الذين يقومون بشراء الأكباش من عند الكسابة بثمن مناسب، ثم يعمدون بعد ذلك إلى بيعها من جديد بأثمنة تفوق الثمن الأصلي، ما يؤدي إلى ارتفاع ثمن الأكباش بطريقة سريعة.
وكشف (إبراهيم)، وهو كساب صادفته «الأخبار» في سوق المواشي بسيدي مومن في حديثه مع الجريدة، أن الشناقة هم من يتحكمون في السوق ويرفعون الأسعار، مضيفا أنهم يربحون في وقت وجيز أكثر من الكساب الذي تعذب من أجل تربية الأكباش وصرف الكثير من المال لشراء العلف.
بالإضافة إلى رفع الأسعار فإن «الشناقة» يعتمدون على العديد من الحيل للنصب على المشترين الذين ليست لهم دراية كبيرة لكشف الخدع.
وأكد إبراهيم أن الشناقة يقومون بقص صوف الكبش وينظفونه حتى تتغير ملامحه، ويتحول من كبش عادي إلى كبش يثير انتباه المشتري، ويعمدون كذلك إلى ربط قائمتي الكبش الأماميتين ويمسكونه من أسفل وجهه لرفع رأسه إلى الأعلى، حتى يظهر الخروف بحجم أكبر من حجمه الحقيقي، بالإضافة إلى لجوء الشناقة إلى خدع أخطر من ذلك، مثل وضع بعض المواد في ماء «توريد» الخروف وجعله يشربها لتجعله ينتفخ ويبدو سمينا، وذلك من قبيل إرغامه على شرب الخميرة ممزوجة بقليل من الماء، وهي العملية التي قد تؤدي إلى نفوق الخروف بعد يومين من ذلك.
«شباب الخير»
حلول عيد الأضحى تزامنا مع نهاية العطلة الصيفية والدخول المدرسي، جعل بعض الأسر المعوزة عاجزة عن اقتناء أضحية العيد، خاصة مع ارتفاع سعر الأكباش في بعض المدن المغربية، الأمر الذي دفع العديد من الشباب إلى إنشاء صفحات عبر «الفايسبوك» من أجل جمع التبرعات خاصة لفائدة المطلقات والأرامل.
وفي هذا السياق، أفاد صلاح الدين صادق، فاعل جمعوي، في حديثه مع «الأخبار»، بأن العديد من الشباب الفايسبوكيين أنشؤوا العديد من الصفحات من أجل مساعدة الأسر المعوزة على اقتناء الأضحية، ومن بين هذه الصفحات «صفحة شباب الخير»، مضيفا أن العديد من الأسر لا تستطيع شراء خروف العيد، خاصة أن أقل سعر لشراء كبش صغير هو 2000 درهم، بينما لم يكن سعره في السنوات الماضية يتجاوز 1300 درهم.
ويرجع صلاح الدين سبب ارتفاع الأسعار إلى «الشناقة»، الذين يلهبون الأسعار، بالإضافة إلى تحويل بعض الأسر السنة المؤكدة إلى مظهر من مظاهر التباهي، إذ تتفاخر بعضها بشراء كبش كبير قد يصل سعره إلى 6000 درهم، فيما يضطر البعض الآخر إلى شراء كبش العيد من أجل أطفالهم ويلجؤون أحيانا إلى الاقتراض.
«بورصة» الأضاحي تشتغل قبيل العيد
أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري أن عدد الأضاحي المتوفرة بمناسبة عيد الأضحى كاف لتغطية الطلب المرتقب.
وأشارت الوزارة إلى أن العرض المرتقب من الأغنام والماعز لعيد الأضحى لهذا العام يقدر بـ8,8 ملايين رأس منها 5,0 ملايين رأس من ذكور الأغنام و3,8 ملايين رأس من الماعز وإناث الأغنام، فيما الطلب من أضاحي العيد يناهز 5,30 ملايين رأس، منها 4,80 ملايين رأس من الأغنام (4,20 ملايين رأس من الذكور) و520.000 رأس من الماعز.
وحسب بلاغ صادر عن الوزارة، فإن رقم المعاملات يفوق 10 ملايير درهم، حيث سيتم تحويل مجمله إلى العالم القروي، خاصة مع بداية الموسم الفلاحي 2015 – 2016، وهو ما سيسهم في تنشيط الحركة الاقتصادية في العالم القروي.
وكشف البلاغ أن الحالة الصحية للقطيع الوطني، خاصة في ما يخص الأغنام والماعز، جيدة بمختلف جهات المملكة، وذلك بـفضل المجهودات والإجراءات المتخذة من قبل الفاعلين في هذا القطاع من جهة، ومن جهة أخرى بفضل المراقبة البيطرية المستمرة وحملات التلقيح التي تباشرها المصالح البيطرية، التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ضد الأمراض المعدية ذات الانعكاسات الاقتصادية الوخيمة.
كل هذا لا يمنع من وجود مفارقة ارتفاع الأثمان التي من البديهي أن تنخفض في حال كان العرض يتجاوز الطلب، لكن بفعل كل ما أشرنا إليه من أسباب تظل الأسعار مرتفعة، ليبقى ذوو الدخل المحدود أكبر المتضررين.