حسن البصري
امحمد أنت من مواليد حي المعاريف، كيف لعبت في صفوف الرجاء الذي كان أغلب لاعبيه ينتمون لدرب السلطان؟
جذوري من المدينة القديمة، معقل الوداد، وهناك نسبة كبيرة من أفراد عائلتي يعشقون الوداد، ربما كنت أنا الاستثناء، لكن حين التحقت بالرجاء وبدأ صيتي ينتشر في الدار البيضاء كلاعب أولا ثم كمدرب، ومع ارتفاع مؤشر الشهرة من خلال ظهوري وتردد صورتي في وسائل الإعلام، بدأ جيل جديد من عائلتي الكبيرة يعشق الرجاء، أي أنني ساهمت في استقطاب عدد من أفراد العائلة إلى الضفة الأخرى. حين نلتقي في الأفراح أو بعض المناسبات الحزينة يكتشفون أنني وراء تحويل الجيل الحالي صوب الرجاء.
وأنت مرتبط بالمدينة القديمة، ألم يراودك يوما هاجس الانتماء للوداد؟
كنت في طفولتي أمتلك مهارات عالية، بمعنى أن أسلوبي يميل إلى أسلوب لعب الرجاء الفرجوي، الذي يعتمد على المراوغات والتمريرات القصيرة والقناطر القصيرة أيضا، عكس أسلوب لعب الوداد الذي كان يعتمد على اللعب المباشر وتسجيل الأهداف والاندفاع البدني، واعتماد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، المهم هو الفوز ولا شيء سواه، لهذا استجبت لرغبات موهبتي وبحثت عن الفريق القادر على قبول لاعب بمهاراتي، لهذا انتقلت للرجاء ولعبت بفئة الشبان. حينها كان الرجاء يضم لاعبين من العيار الثقيل، حتى وأنا أطل على الفريق الأول أو أتطلع لحمل قميصه، كنت معجبا بعليوات وبينيني، وحمان وبيتشو وغاندي، غير أني وجدت نفسي في تشكيلة تضم لاعبين كنت بالأمس أنظر إليهم بنوع من الانبهار.
سيتغير أسلوب الرجاء من الفرجة المطلقة إلى فرجة مقرونة بألقاب..
فعلا سيحصل تحول كبير في الرجاء البيضاوي، مع مجيء ما يعرف بزمن المحامين، في فترة أشرف فيها المعطي بوعبيد وعبد اللطيف السملالي، وعبد الواحد معاش وعبد العزيز لمسيوي، وغلام وفردوس وغيرهم من الأساتذة، الذين غيروا نمط التسيير داخل الفريق ووضعوا أسس فريق لم يغير جلده فقط بل غير استراتيجيته.
في زمنكم، الذي يختلف عن زمن الكرة الحالي، كان اللاعبون يرجحون كفة اللعب على الدراسة، وهناك استثناءات طبعا، هل أنت تشكل فعلا استثناء لاختيارك دراسة المعلوميات؟
حين كنت أتابع دراستي في تخصص البرمجة في مجال المعلوميات، داخل مؤسسة متعددة الجنسيات ورائدة في هذا المجال، كنت أحاول قدر الإمكان الجمع بين الكرة والدراسة. لم يكن الأمر متاحا بسهولة لأن التداريب كانت تقام في الزوال، أي ما بين منتصف النهار والثانية بعد الظهر، وكان من الصعب، في ظل هذه البرمجة الصعبة للحصص التدريبية، أن أوفق بين الهواية والدراسة، خاصة وأن إحدى المؤسسات البنكية طلبت ودي وقدمت لي عرضا للاشتغال معها، في فترة كنت مطالبا بضمان مكانتي بين أساطير الكرة. لقد كان اللاعب في الستينات والسبعينات يجد صعوبات في التوفيق بين الدراسة واللعب، أو الشغل وممارسة كرة القدم. أنا كنت أعطي الأولوية للدراسة، أما اللاعبون، الذين كانوا يتوفرون على شغل، فكان عليهم إجراء التداريب بسرعة فائقة على أن يلتحقوا بمقرات عملهم بأسرع وقت.
هل كنت ترجح كفة الدراسة إذا تزامنت مع مباراة أو تنقل خارج الدار البيضاء؟
تحضرني واقعة حصلت بداية صيف سنة 1974، كانت فترة الامتحانات على الأبواب، وكان الرجاء ضمن تأهله لنهائي كأس العرش في السنة نفسها، بعد أن تجاوزنا فريق الوداد في دور النصف. في تلك الظرفية قرر المكتب المسير للرجاء تنظيم معسكر مغلق بمدينة إفران استعدادا للمباراة النهائية ضد المغرب الفاسي التي كانت مقررة في عيد الشباب. لم يكن لي خيار غير التخلف عن هذا المعسكر وتحدثت مع المدرب والمسؤولين فوافقوا على بقائي في الدار البيضاء لانشغالي بالامتحانات.
غلبت الدراسة على الكرة..
انتظرت إلى حين عودة الفريق من إفران، حيث التحق الجميع بأحد فنادق الدار البيضاء استعدادا للمباراة النهائية. وفي يوم الجمعة حملت حقيبتي وتوجهت إلى الفندق، رحب بي المدرب التيباري، وقال لي: «جهز نفسك للنهائي». تصور أنني قضيت ليلتين مع الفريق بالفندق لأجد نفسي ضمن التشكيلة الأساسية في مباراة نهاية كأس العرش التي يحلم كل لاعب بالمشاركة فيها.
مستحيل اليوم أن تشرك لاعبا غاب عن التداريب أسبوعين كاملين في مباراة حاسمة؟
مستحيل لأن الكرة تغيرت وأصبحت تعتمد بشكل كبير على الجانب التكتيكي، أكثر من الموهبة والمهارة الفردية. أنا كمدرب لا يمكنني أن أشرك لاعبا غاب حصة واحدة، فما بالك بغياب دام أسبوعين قبل نهائي كأس العرش.