رسالة واضحة من لفتيت
بادر وزير الداخلية إلى توقيف عامل عمالة الصخيرات تمارة، يوسف إدريس، وستة رجال سلطة وإطارين إداريين بالعمالة نفسها، وذلك على ضوء النتائج الأولية التي أسفر عنها البحث الأولي للمفتشية العامة للإدارة الترابية والمتعلقة بخروقات في مجال التعمير، في انتظار ترتيبات قانونية أخرى.
ولا شك أن هذا القرار يشكل رسالة قوية وواضحة، تترجم جدية الإدارة المركزية في متابعة ومساءلة كل رجل سلطة خولت له نفسه تجاوز القانون، أو السكوت عن تجاوزه لسبب من الأسباب.
إن هذا القرار الذي كان منتظرا بالنظر إلى طبيعة الخروقات الواضحة التي تعرفها مدينة تمارة، ليس مجرد إجراء شكلي يجب القيام به من طرف الإدارة المركزية نتيجة تقرير أسود، بل هو محطة مهمة لحصر مسؤوليات رجال السلطة وأعوانها، من المقدم إلى الوالي، في تدبير وتسيير شؤون مجال نفوذهم الترابي، ومساءلتهم ليس فقط على ما يسجل في حقهم من اختلال وشبهات، بل كذلك محاسبتهم على كل تقصير في تنفيذ الملفات التي أشرفوا على تدبيرها، سيما في مجال المشاريع الملكية الكبرى.
لقد أصبح الولاة والعمال يمثلون السلطة المركزية في الجماعات الترابية عوض الدولة، كما أنهم يعملون تحت إمرة الحكومة وسلطتها تماشيا مع ما نص عليه الدستور، وهذه المكانة المرموقة التي منحهم إياها الدستور مضاف إليها قرون من الممارسة السلطانية، تفرض عليهم مسؤولية جسيمة تجاه الملك والشعب المغربي.
إن ما قام به لفتيت يذكرنا بما قاله في 2017، مخاطبا الولاة والعمال عن طريق تقنية «السكايب»: «اللي فرط يكرط»، وهذا بالضبط ما وقع مع عامل تمارة الصخيرات، وهو ما يمكن أن يقع مع الذين يثبت تورطهم في شبهة فساد التلاعب بالعقارات، أو الاستفادة غير المشروعة من مشاريع تنموية محلية، لأن مهام رجال السلطة الأساسية هي حل مشاكل المواطنين في المكان عينه، والإنصات إليهم، والبت في الشكايات التي يتوصلون بها في حال وجود شطط ما، وليس الاستفادة المادية من المشاريع التي توجد فوق نفوذهم الترابي.
في المقابل، هناك رجال سلطة أكفاء يعرف نفوذهم الترابي تطورا متناميا والنموذج والي جهة الرباط، الذي يقوم بعمل كبير في تطوير الجهة إن على المستوى الهندسي والجمالي، أو على مستوى تحريك عجلة الاستثمار، ومثل هؤلاء يحتاجون إلى التشجيع والحماية لكل القرارات، التي يتخذونها لإعادة الأمور إلى نصابها.