شوف تشوف

الرأي

رسالة الهند إلى «دافوس»

ذكر الرحمن

الرسالة التي بعث بها رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي» في خطاب خاص، وجهه الأسبوع قبل الماضي إلى اللقاء السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الذي كان افتراضيا هذه السنة، هي أن الهند باتت مستعدة الآن للأعمال والصفقات.
«مودي» سلط الضوء على الدور الإيجابي الذي لعبته الهند، خلال وباء كورونا في توزيع اللقاحات على البلدان المجاورة، وتصدير معدات الحماية ووسائل الاختبار. وبعد أن طمأن المستثمرين الأجانب بتحسن مناخ الأعمال، أشار «مودي» إلى أن الهند يمكنها أن تلعب دورا مهما في تقوية سلاسل التوريد العالمية، مؤكدا على أن هذا البلد الجنوب آسيوي مستعد لجذب الاستثمارات، التي تعد السبيل إلى تحفيز النمو الاقتصادي للبلاد.
وعلى غرار بلدان أخرى عبر العالم، تضررت الهند كثيرا من الوباء، وتوقع صندوق النقد الدولي نموا بـ11.5 في المائة للهند في 2021، بعد تعاف قوي العام الماضي. وبالتالي، فإن الهند يمكن أن تصبح محركا للنمو العالمي، وتساعد على إخراج العالم من الركود. فخلال وباء كورونا، عمدت الهند إلى الإبقاء على الأنشطة الاقتصادية مفتوحة، بما في ذلك بدء مشاريع للبنية التحتية تبلغ قيمتها تريليونات الروبيات، وتطبيق مخططات خاصة للتوظيف. كما أدخلت الحكومة الهندية خلال الوباء حزمات لتحفيز الاقتصاد. وأخيرا، كشفت النقاب عن مقترح يقضي بتوفير تحفيزات مرتبطة بالإنتاج بقيمة 1.45 تريليون روبية للمصنعين في 10 قطاعات، مثل السيارات وصناعة الأدوية والمنتجات الغذائية.
ومن المتوقع أن يكون لأداء الهند الاقتصادي وجهودها في تشجيع الاعتماد على الذات في الصناعة تأثيرات عالمية، كما أن قاعدة الاستهلاك الهندية التي تزداد نموا في طريقها إلى أن تصبح «الأكثر إفادة للاقتصاد العالمي».
والواقع أن الهند كانت تواجه تباطؤا اقتصاديا ومشكلة نمو من دون وظائف، حتى قبل أن يأتي وباء كورونا ويقلب الاقتصاد العالمي. وكان النمو قد بلغ 4.7 في المائة في الربع الأخير من 2019، وهو أدنى مستوى له منذ ست سنوات. وفي أواخر مارس، فرضت الحكومة الفيدرالية إغلاقا صارما للبلاد، ما أدى إلى توقف تام للنشاط الاقتصادي. كما أدى ذلك إلى انكماش الاقتصاد بـ23.9 في المائة، خلال الفترة ما بين أبريل ويونيو. غير أن التعافي كان أحسن من المتوقع.
فالمسح الاقتصادي 2020- 2021، الذي صدر قبل تقديم الميزانية في البرلمان، أشار إلى أن تعافيا اقتصاديا على شكل حرف V يحدث الآن، بسبب حملة التطعيمات الضخمة، مع تعاف قوي في قطاع الخدمات، إضافة إلى نمو قوي في الاستهلاك والاستثمار. فقد أطلقت الهند واحدة من أكبر حملات التطعيمات في العالم. إذ سيكون أكثر من 10 ملايين عامل في قطاع الرعاية الصحية الأوائل الذين سيتلقون اللقاح الذي يؤخذ على مرتين، متبوعين بـ20 مليونا من العاملين على الخط الأول، مثل أفراد الشرطة وموظفي السجون. في حين من المرتقب أن يتلقى نحو 270 مليون شخص ممن هم فوق سن الخمسين وأولئك الذين هم دون الخمسين، ولا يعانون من أي أمراض، اللقاح في غضون الستة أشهر المقبلة.
وتعد الهند ثاني أكثر بلد إصابة بوباء كورونا، إذ سجلت أكثر من 10.7 ملايين حالة إصابة. غير أن البلاد حاليا توجد في منحى تنازلي من حيث عدد الإصابات اليومية، منذ أكتوبر الماضي. وقد اعتمد البلد لقاحين من أجل الاستخدام الطارئ هما «كوفيشيلد»، الذي طورته «أسترازينيكا» وجامعة أكسفورد، ولقاح محلي يدعى «كوفاكسين»، وطورته شركة محلية اسمها «بهارات بايوتك»، بتعاون مع «المجلس الهندي للبحث الطبي» و»المعهد الوطني لعلم الفيروسات».
وقد توقع صندوق النقد الدولي أن تصبح الهند الاقتصاد الأسرع نموا في العالم، في ظرف عامين. ووفق المسح الاقتصادي، فإن الناتج المحلي الإجمالي للهند من المتوقع أن ينكمش بـ7.7 في المائة في السنة المالية 2020- 2021، بينما قد ينكمش قطاعا الصناعة والخدمات بـ9.6 في المائة و8.8 في المائة على التوالي هذا العام. وبالمقابل، ظلت الاستثمارات مستقرة في الهند. وارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في الهند بـ13 في المائة في 2020، بسبب الاهتمام بالقطاع الرقمي، فبينما تراجع تدفق الأموال بشكل أكبر في اقتصادات كبيرة مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة وروسيا، بسبب وباء «كوفيدـ 19»، فإن الهند والصين خالفتا هذا المنحى، وفق الأمم المتحدة. ولهذا، فمن الواضح أن ما يحدث في الهند سيكون له تأثير على العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى