المغرب لا يتفاوض حول الصحراء والاستثمار والتجارة مربوطان بالاعتراف بمغربيتها الدينامية الإيجابية لقضيتنا الوطنية لا يمكن توقيفها والمغرب لن يقوم بأي خطوة اقتصادية أو تجارية لا تشمل الصحراء المغربي
النعمان اليعلاوي
أكد الملك محمد السادس أن «مغربية الصحراء حقيقة ثابتة بحكم التاريخ والإرادة القوية لأبنائها، واعتراف دولي واسع»، مشددا على أن القضية الوطنية عرفت دينامية إيجابية في السنوات الماضية. وقال الملك، في الخطاب الذي ألقاه أول أمس (السبت)، بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء، «فالدينامية الإيجابية، التي تعرفها قضيتنا الوطنية، لا يمكن توقيفها»، منبها إلى أن المغرب يواصل كسب النقاط في ملف الصحراء، وقال: «لقد سجلنا خلال الأشهر الأخيرة، بعون الله وتوفيقه، تطورات هادئة وملموسة، في الدفاع عن صحرائنا». وشدد الملك على أن «المغرب لا يتفاوض على صحرائه. ومغربية الصحراء لم تكن يوما، ولن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات»، مضيفا قوله «إنما نتفاوض من أجل إيجاد حل سلمي، لهذا النزاع الإقليمي المفتعل». وقال الملك «على هذا الأساس، نؤكد تمسك المغرب بالمسار السياسي الأممي، كما نجدد التزامنا بالخيار السلمي، وبوقف إطلاق النار، ومواصلة التنسيق والتعاون، مع بعثة المينورسو، في نطاق اختصاصاتها المحددة».
وفي الجانب الدبلوماسي، نوه الملك بالاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء وقال «نعتز بالقرار السيادي، للولايات المتحدة الأمريكية، التي اعترفت بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه»، مضيفا «القرار هو نتيجة طبيعية، للدعم المتواصل، للإدارات الأمريكية السابقة، ودورها البناء من أجل تسوية هذه القضية».
وشدد الملك على أن «هذا التوجه يعزز بشكل لا رجعة فيه، العملية السياسية، نحو حل نهائي، مبني على مبادرة الحكم الذاتي، في إطار السيادة المغربية»، مشيرا إلى «افتتاح أكثر من 24 دولة، قنصليات في مدينتي العيون والداخلة»، وهو ما «يؤكد الدعم الواسع، الذي يحظى به الموقف المغربي، سيما في محيطنا العربي والإفريقي»، يضيف الملك، معتبرا أنه «أحسن جواب، قانوني ودبلوماسي، على الذين يدعون بأن الاعتراف بمغربية الصحراء، ليس صريحا أو ملموسا».
وشدد الملك على موقف المغرب الملتزم بالخيار السلمي، وقال في الخطاب «كما نجدد التزامنا بالخيار السلمي، وبوقف إطلاق النار، ومواصلة التنسيق والتعاون، مع بعثة المينورسو، في نطاق اختصاصاتها المحددة»، مؤكدا في السياق ذاته على دعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة وللمبعوث الخاص، وقال إننا «نجدد التعبير لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريس، ولمبعوثه الشخصي، عن دعمنا الكامل للجهود، التي يقوم بها، من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية، في أسرع وقت ممكن»، مشددا على ضرورة «الالتزام بالمرجعيات، التي أكدتها قرارات مجلس الأمن، منذ 2007، والتي تم تجسيدها في اللقاءات المنعقدة بجنيف، برعاية الأمم المتحدة».
وأشار الملك إلى أن «التطورات الإيجابية، التي تعرفها قضية الصحراء، تعزز أيضا مسار التنمية المتواصلة، التي تشهدها أقاليمنا الجنوبية»، مضيفا أن هذه الأقاليم «تعرف نهضة تنموية شاملة، من بنيات تحتية، ومشاريع اقتصادية واجتماعية، وبفضل هذه المشاريع، أصبحت جهات الصحراء، فضاء مفتوحا للتنمية والاستثمار، الوطني والأجنبي».
ونوه الملك بشركاء المغرب، وقال «لدينا، والحمد لله، شرکاء دوليون صادقون، يستثمرون إلى جانب القطاع الخاص الوطني، في إطار من الوضوح والشفافية، وبما يعود بالخير على ساكنة المنطقة»، منوها بالدول والتجمعات التي «تربطها بالمغرب اتفاقيات وشراكات، والتي تعتبر أقاليمنا الجنوبية، جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني».
وفي رسالة موجهة للشركاء الأوربيين، قال الملك في الخطاب «نقول لأصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة، بأن المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية»، مضيفا أنه «من جهة أخرى، فإن المجالس المنتخبة، بأقاليم وجهات الصحراء، بطريقة ديمقراطية، وبكل حرية ومسؤولية، هي الممثل الشرعي الحقيقي لسكان المنطقة»، ونبه الملك إلى تطلعات المغرب بخصوص تنمية الأقاليم الجنوبية، وقال «إننا نتطلع أن تشكل قاطرة لتنزيل الجهوية المتقدمة، بما تفتحه من آفاق تنموية، ومشاركة سياسية حقيقية».
ودعا الملك، في المقابل، شركاء المغرب إلى مواقف واضحة في الملف، وقال «من حقنا اليوم أن ننتظر من شركائنا، مواقف أكثر جرأة ووضوحا، بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، وهي مواقف ستساهم في دعم المسار السياسي، ودعم الجهود المبذولة، من أجل الوصول إلى حل نهائي قابل للتطبيق» يشير الملك، مبرزا إلى أن «قضية الصحراء هي جوهر الوحدة الوطنية للمملكة. وهي قضية كل المغاربة»، مضيفا أن هذا «يقتضي من الجميع، كل من موقعه، مواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية، وتعزيز المنجزات التنموية والسياسية، التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية، وذلك خير وفاء لقسم المسيرة الخالد، ولروح مبدعها، والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، وكافة شهداء الوطن الأبرار»، يشير الملك .
من جانب آخر، أشاد الملك محمد السادس بمكونات القوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والقوات المساعدة، والإدارة الترابية، والوقاية المدنية «على تجندهم الدائم، تحت قيادتنا، للدفاع عن وحدة الوطن، والحفاظ على أمنه واستقراره»، كما أشاد بالقوات المسلحة الملكية «التي قامت في 13 نونبر 2020، بتأمين حرية تنقل الأشخاص والبضائع، بمعبر الكركرات، بين المغرب وموريتانيا الشقيقة»، يشير الخطاب الملكي، مبينا أن «هذا العمل السلمي الحازم، وضع حدا للاستفزازات والاعتداءات، التي سبق للمغرب أن أثار انتباه المجتمع الدولي لخطورتها، على أمن واستقرار المنطقة».