رسائل الملك للفلسطينيين
في رسالة إلى رئيس اللجنة الأممية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، دعا الملك محمد السادس إلى العمل على إعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أفق التوصل إلى تسوية القضية الفلسطينية، على مرجعية حل الدولتين، مبرزا أن المغرب سيواصل جهوده من أجل توفير الظروف الملائمة لعودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات. وطالب الملك بإطلاق جهد دبلوماسي مكثف وفاعل لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، في أفق التوصل إلى تسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين عبر بناء أسس الثقة، والامتناع عن الممارسات التي تعرقل عملية السلام، معتبرا أن الموقف المغربي الراسخ ليس ظرفيا أو مناسباتيا، ولا يندرج في إطار سجالات أو مزايدات سياسية عقيمة، بل هو نابع من قناعة وإيمان راسخين في وجدان المغاربة، مسنودين بجهد دبلوماسي جاد وهادف، وعمل ميداني ملموس لفائدة القضية الفلسطينية العادلة وقضية القدس الشريف.
بدون شك أن الرسالة الملكية وضعت مزيدا من النقاط على الحروف بخصوص الموقف المغربي من القضية الفلسطينية، لا سيما بعد الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الذي تحاول الجزائر وبعض من يخدمون أجندتها بالداخل تصويره على أنه طعنة في ظهر الفلسطينيين.
رسالة الملك واضحة مفادها أنه لا حل للقضية سوى بالتفاوض الدبلوماسي، ولا تفاوض إلا ببناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبناء الثقة لا يتم إلا بإيقاف أعمال التوتر بين الطرفين التي تعرقل السلام المطلوب، ولا سلام عادل إلا بحل يقوم على مرجعية الدولتين المتعايشتين تحت الشرعية الدولية.
ملك المغرب يريد من خلال هاته الرسائل الجريئة أن يؤكد وهو غير ملزم بذلك، أن المغرب لا يتعامل مع القضية العربية بمنطق مزاجي ومناسباتي وعاطفي لدغدغة شعور المقدسيين، وبالتالي فلن يتاجر بقضية الفلسطينيين ولن يبيعهم الوهم ولن يردد على مسامعهم الشعارات الرنانة لتأبيد أوضاعهم المأساوية. لكن مهما كانت الانعطافات الاستراتيجية التي يقوم بها المغرب للدفاع عن أمنه القومي وسيادته الوطنية فلن يتخلى رئيس دولة المغرب والمسؤول الأول عن بيت مال القدس عن ثوابت القضية الفلسطينية الضاربة في وجدان الدولة والمجتمع المغربيين.