رحلة الشتاء والصيف..
يونس جنوحي
الصور التي عممت ليلة أول أمس على نطاق واسع في الإعلام الإسباني، والتي تخص أحد مرافقي إبراهيم غالي، تكشف إلى أي حد كان الرجل يحيط نفسه بالمُنهزمين.
كل وقائع قضية نقل إبراهيم غالي للعلاج في إسبانيا تُجمع في كفة، والتفاصيل المرتبطة بمُحيط هذا الرجل الذي يقود تنظيما غير قانوني وغير معترف به وبمصادر تمويل مشبوهة، للإبقاء على أطروحة الانفصال قائمة، توضع في كفة أخرى.
الصورة التي انتشرت في إسبانيا تعود إلى أحد مرافقي «بن بطوش» الجزائريين، ورجح صحافيون إسبان، ليلة أول أمس، أن يكون الرجل من المرافقين المعتادين لإبراهيم غالي وليس مجرد موظف جزائري مكلف بحمايته..، حيث إن الصور التي تم التقاطها له، توضح أنه غادر مدينة «لوكورنو» إلى مطار «بامبلونا». ويظهر فيها بوضوح وهو يجر حقائبه الكثيرة في باب المطار مثل أي مسافر عادي.
الصحافيون الإسبان وصفوا الصور بالمخزية و«المُحرجة»، بحكم أن مرافق إبراهيم غالي لم يغادر بجواز دبلوماسي ولم يتمتع بأي امتياز قد تخوله له هذه المهمة السرية التي كان عنصرا فيها.
كان الأمر يتعلق بالطائرة التي جاءت لتقل إبراهيم غالي حسب ما تم تناقله من أنباء، لكن لم تحصل على الموافقة وبالتالي عادت أدراجها من حيث أتت.
وهكذا أصبح الرجل الذي يضع الكمامة، وهو للإشارة يتماثل للشفاء من فيروس كورونا، مجبرا على أخذ تذكرة من المطار نفسه لكي يتجه إلى الجزائر.
وحسب تعليقات الصحافيين الذين عمموا تلك الصور، فإن قصة «بن بطوش» (الاسم المستعار أو «الحركي» لإبراهيم غالي) توشك ربما على النهاية بما أن بعض مرافقيه بدؤوا فعلا يعودون إلى الجزائر.
ورغم الحراك الذي عاشته الجزائر والذي أدى إلى مغادرة عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس المُغيب، لقصر الرئاسة، فإن الجزائر لا تزال تدير مشاكلها مع المغرب بنفس الطريقة. يطير الرجال ويأتي آخرون، وطريقة تدبير الخلافات على حالها.
لا أحد في الجزائر بادر إلى محاولة تفسير الأمور أو لملمة الفضيحة على الأقل، خصوصا وأن كل الأدلة تُدين الجزائر وتكشف تورطها في نقل إبراهيم غالي للعلاج في إسبانيا باسم وجواز سفر آخرين.
آخر الأخبار القادمة من مدريد تؤكد أن مخبرين جزائريين كان يعج بهم محيط المصحة التي كان يتلقى بها إبراهيم غالي العلاج، غادروا أماكنهم ولم يعودوا يراقبون المكان بالطريقة نفسها التي كانوا عليها في البداية.
الصحف المحلية في إسبانيا تحدثت عن تضايق السكان المحليين، وأغلبهم متقاعدون، من انتشار المخبرين السريين الجزائريين بالزي المدني في الأماكن العمومية حيث كانوا يستحوذون على مقاعد المقاهي القريبة من المستشفى، بل ويتسببون في إنهاء محتويات آلات البيع الأوتوماتيكي للقهوة.
ورغم أن الخارجية الإسبانية لم تقدم تفسيرات مقنعة لنظيرتها المغربية بخصوص هذه الفضيحة، إلا أن الرأي العام في إسبانيا يدرك جيدا حيثيات الموضوع.
هي، إذن، رحلة الصيف، لكي يعود مرافقو إبراهيم غالي إلى الجزائر. في انتظار رحلة الشتاء، وما قد تأتي به، والتي اعتاد كل زعماء البوليساريو أن يقوموا بها إلى أوربا، حيث كانوا يتركون المحتجزين في مخيمات تندوف لبرد الصحراء وزمهريرها، ويلجؤون إلى أفخم الفنادق في أوربا، حيث كانوا يقضون ما يشبه «السُبات»، وتنقطع أخبارهم إلى أن ينتهي برد الشتاء لكي يعودوا إلى المخيمات من جديد، ويطالبوا بالاستقلال عن المغرب.