إعداد: محمد اليوبي
يخوض المغرب، على غرار باقي دول العالم، حربا ضروسا ضد وباء فيروس كورونا، وبالإضافة إلى الأُطر الطبية والصحية الذين يتواجدون في الخط الأمامي من المعركة، يوجد كذلك رجال يخوضون حربا أخرى في الميدان لمحاصرة تفشي الوباء، إما بنقل المصابين إلى المستشفيات بالنسبة لعناصر الوقاية المدنية، أو فرض حالة الطوارئ الصحية بالمدن والقرى بالنسبة لعناصر الجيش والأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة، كما تساهم الوحدات الطبية للقوات المسلحة الملكية في دعم وتعزيز الأُطر الطبية بالمستشفيات العمومية المخصصة لاستقبال الحالات المصابة بالفيروس، وكذلك إقامة مستشفيات ميدانية.
مديرية الحموشي.. حزم وتغطية أمنية مكثفة لضمان الأمن الصحي
منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، حرصت المديرية العامة للأمن الوطني على تسخير كافة مواردها البشرية واللوجيستيكية لضمان المراقبة الحازمة لتحركات الأشخاص والناقلات داخل المدن، وحماية الممتلكات العامة والخاصة للمواطنين، فضلا عن ضمان التغطية الأمنية المكثفة الكفيلة بدعم ومواكبة التدابير الاحترازية والوقائية التي اعتمدتها السلطات العمومية لضمان الأمن الصحي لعموم المواطنات والمواطنين.
وأوضح مصدر أمني أن جميع العناصر التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني نزلت للعمل الميداني وتشتغل مصالحها على مدار 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع للسهر على تفعيل التدابير المعلنة من طرف السلطات. وأفاد المصدر بأنه، بعد قرار إغلاق المعابر الحدودية الجوية والبحرية، قررت المديرية العامة نشر جميع العناصر الأمنية العاملين بمصالح شرطة الحدود في الشارع العام، وذلك للمساهمة في تأمين فرض حالة الطوارئ الصحية، وهو ما ساهم في تكثيف التغطية الصحية.
وحسب آخر حصيلة، أسفرت العمليات الأمنية التي باشرتها مصالح المديرية العامة للأمن الوطني لمكافحة نشر الأخبار الزائفة، وكذا ضمان تطبيق حالة الطوارئ الصحية لمكافحة وباء كورونا المستجد منذ فرضها من طرف السلطات العمومية ببلادنا، عن إيقاف وإخضاع 8612 شخصا لأبحاث قضائية تحت إشراف النيابات العامة المختصة ترابيا.
وحسب مصادر، ففي مجال مكافحة الأخبار الزائفة بواسطة الأنظمة المعلوماتية، باشرت المصالح التقنية للأمن الوطني المكلفة باليقظة المعلوماتية، مجموعة من الخبرات والأبحاث التي مكنت من إيقاف 82 شخصا، للاشتباه في تورطهم في نشر وتداول محتويات رقمية تتضمن أخبارًا زائفة حول مؤشرات وباء كورونا المستجد، أو تتضمن خرقا لحقوق الأشخاص المصابين بالوباء، أو التحريض على عدم الامتثال لتدابير الوقاية التي اعتمدتها السلطات العمومية، أو نشر وتقاسم محتويات عنيفة تحرض على الكراهية والتمييز، أو تستهدف الاعتبار الشخصي للأطر الطبية والتمريضية.
وأضاف المصدر ذاته أنه، بخصوص العمليات النظامية الميدانية التي قامت بها مصالح الأمن الوطني في مختلف المدن والحواضر المغربية، لضمان التطبيق السليم والحازم لإجراءات الطوارئ الصحية، فقد أسفرت عن إيقاف وضبط 8530 شخصا، إما بسبب عدم التوفر على وثيقة الخروج الاستثنائي وخرق إجراءات الطوارئ الصحية، أو استعمال وثيقة مزورة للخروج الاستثنائي، أو امتهان النقل السري لنقل أشخاص بطريقة غير مشروعة، علاوة على تحضير وبيع مواد طبية وشبه طبية مضرة بالصحة العامة، وكذا التجمهر والامتناع عن تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة.
الجيش ينزل للميدان لمواجهة الوباء
بمجرد الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، ظهرت عربات مدرعة تابعة للقوات المسلحة الملكية ببعض شوارع المدن الكبرى، في إطار دعم السلطات المحلية والمصالح الأمنية لتنفيذ التدابير المتخذة للوقاية والحد من انتشار فيروس كورونا، كما تجندت الوحدات الطبية التابعة للجيش لدعم الأُطر الطبية المدنية لمواجهة هذا الوباء.
وفي هذا الإطار، أعطى الملك محمد السادس تعليماته للمسؤولين العسكريين، بتسريع دمج الأطقم الطبية وشبه الطبية التابعة للقوات المسلحة، لمساندة الأطقم الطبية المدنية في المستشفيات وتقديم الدعم والمساعدة، لتوفير العناية اللازمة للمصابين بكوفيد 19، والتخفيف من الضغط الذي تعانيه الموارد الطبية التابعة لوزارة الصحة. وتنفيذا للتعليمات الملكية، نزلت مختلف الوحدات الطبية التابعة للجيش لدعم الأطقم الطبية المدنية بالمستشفيات الجهوية والإقليمية ومستشفيات القرب بالعديد من المناطق وخاصة النائية. وتعمل الوحدات الطبية العسكرية تحت إشراف مسؤولي المستشفيات العمومية التابعة لوزارة الصحة، فيما شارفت عمليات تشييد مستشفيات عسكرية متنقلة بفضاءات قريبة من المستشفيات العمومية، على الانتهاء، وذلك لتدبير المرحلة المقبلة من مواجهة كورونا.
وتم إحداث أول مستشفى عسكري ميداني بمدينة بنسليمان، الذي أصبح جاهزا وعلى أهبة الاستعداد للشروع في العمل في أية لحظة، لدعم ومساندة جهود الطب المدني في التصدي لجائحة فيروس كورونا المستجد. ففي وقت قياسي لم يتعد أسبوعا، نجحت عناصر الجيش في إقامة مستشفى عسكري مجهز بكل البنيات التحتية الضرورية، إذ إن ستة أيام كانت كافية لهذه الطواقم العسكرية، المتمرسة على مثل هذه الوضعيات الصعبة، لإعداد وتجهيز مبنى من طابقين، و16 خيمة صحية بطاقة استيعابية تصل إلى 160 سريرا.
ولاستقبال المرضى ومعالجتهم بحسب حالاتهم الصحية، تم إعداد منطقة خاصة بتقسيم المرضى المصابين تبعا لدرجة الإصابة بالفيروس، ففي المجموع هناك 140 سريرا مخصصا للحالات الخفيفة، و40 سريرا للعلاجات المكثفة، و20 سريرا لحالات الإنعاش، إضافة إلى تخصيص منطقة لعمليات التعقيم. ويمكن للمستشفى، الذي تم تجهيزه بمعدات ذات جودة عالية وبكميات كافية من الأدوية اللازمة، أن يستقبل إلى حدود 360 مريضا في ظل ظروف مساعدة على التكفل بالمصابين، مع إيلاء عناية خاصة لخدمة الإنعاش، لكون هذا الفيروس يتسبب في مضاعفات خطيرة تمس الجهاز التنفسي لدى الحالات الحرجة.
وقامت القوات المسلحة الملكية بإحداث وإعداد وتجهيز مستشفى ميداني عسكري جديد بالنواصر (الدار البيضاء)، والذي أضحى جاهزا لاستقبال المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد (كوفيد -19) ، وذلك في أفضل الظروف. وتأتي البنية الاستشفائية بالنواصر لتنضاف إلى المستشفى الميداني العسكري المتواجد في بنسليمان، حيث توجد الفرق الطبية، منذ بضعة أيام، على أهبة الاستعداد لمباشرة مهامها في أي وقت.
ويضم المستشفى، الذي تم إنجازه في وقت وجيز، لا يتعدى ستة أيام، ثلاث وحدات استشفائية بسعة 200 سرير، مجهزة بجميع الوسائل والمعدات اللازمة لتوفير أفضل رعاية صحية للحالات الخطيرة التي تتطلب العناية المركزة الفائقة علاوة على عمليات الإنعاش، وتم تخصيص 180 سريرا للعزل الطبي والتكفل بالأشخاص المصابين بحسب حالاتهم الصحية، و20 سريرا ضمن وحدة الإنعاش الطبي والعناية المركزة مجهزة بأحدث التجهيزات والمعدات ومخصصة للأعراض الخطيرة والمستعصية لهذا المرض. ويتوفر هذا المستشفى على طاقم طبي مكون من 13 طبيبا متمثلين في طبيبين متخصصين في الإنعاش والتخدير، وطبيبين اختصاصين في الطب الاستعجالي، وستة أطباء عامين، وطبيب متخصص في العلوم البيولوجية، وصيدلاني، علاوة على طاقم شبه طبي مكون من 73 ممرضا وممرضة ومساعديهم، مضيفا أنه توجد إلى جانب هذه العناصر وحدة دعم تضم 30 فردا مؤطرين بإداريين من مصلحة الصحة العسكرية.
من جهته، تعبأ المستشفى العسكري الدراسي محمد الخامس بالرباط كبنية استشفائية، على غرار مختلف البنيات المماثلة بالمملكة، التي تعبأت لمواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وتم خلق فضاءات خاصة للحالات الواردة على المستشفى العسكري للتكفل بالحالات، سواء منها المؤكد حملها للفيروس أو المشتبه بها، وفق تنظيم محكم، غايته المساهمة في المجهود الوطني لاحتواء الوباء.
ويضم المستشفى مركز علم الفيروسات والأمراض التعفنية والاستوائية وهو المحطة الثانية لاستقبال المرضى المشكوك في إصابتهم بفيروس (كوفيد- 19)، حيث يتم فحص درجة حرارتهم من طرف طبيب، وفي حال ثبوت حالة مشبوهة، فإنه يتم نقلها إلى معزل قصد إخضاعها للتحليل المخبري وانتظار نتائجه في غضون 5 أو 6 ساعات، وإذا تأكدت الإصابة، فإن صاحبها يتم توجيهه إلى منطقة العزل التي تتوفر على 20 سريرا مختصا، بينما أصحاب النتائج السلبية فينقلون عبر “المسار الأخضر” في اتجاه جناح العيادات بالمستشفى، وتصل الطاقة الاستيعابية لهذا المركز إلى 80 سريرا 20 منها خاصة بالعزل الطبي و60 سريرا قابلة لاحتواء المرضـى.
الدرك الملكي وسط معركة مواجهة “كوفيد – 19”
تتولى عناصر الدرك الملكي مهمة فرض حالة الطوارئ الصحية إلى جانب السلطات المحلية والقوات المساعدة بالعالم القروي وكذلك بالمدن الصغرى، كما تساهم عناصر هذا الجهاز شبه العسكري في مختلف العمليات الكبرى لتدبير الأزمة، ومن بينها الإشراف على المستشفيات العسكرية الميدانية، حيث حضر الجنرال دو كوردارمي، قائد الدرك الملكي، اللقاء الذي ترأسه الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، إلى جانب الجنرال دو كوردارمي عبد الفتاح الوراق، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، والجنرال دو كوردارمي محمد حرمو قائد الدرك الملكي، ومفتش مصلحة الصحة العسكرية للقوات المسلحة الملكية الجنرال دو بريغاد محمد العبار. وأعطى الملك تعليماته بتكليف الطب العسكري بشكل مشترك مع نظيره المدني بالمهمة الحساسة لمكافحة وباء كوفيد19.
وفي إطار المزيد من الإجراءات الاحترازية التي تواكب إعلان حالة الطوارئ الصحية، أعلنت وزارة الداخلية أنه تقرر ابتداء من منتصف ليلة السبت 21 مارس الماضي، منع استعمال وسائل التنقل الخاصة والعمومية بين المدن، وتسهر مصالح الدرك الملكي على تفعيل هذا القرار من خلال سدود المراقبة بمداخل ومخارج المدن، وكذلك تشديد المراقبة بمختلف الطرق الوطنية والطرق السيارة.
ويعتبر جهاز الدرك الملكي مؤسسة أمنية وعسكرية في المغرب يتركز عملها خصوصاً في المجال غير الحضري، أي في المناطق القروية بعيداً عن المدن، ويتكون الدرك الملكي من عدة وحدات، منها ما تختص في مراقبة حركة السير خارج المدن، ومنها وحدات خاصة للتدخل السريع ومكافحة الجرائم والمخدرات ووحدات أخرى لمراقبة السواحل والشواطئ، كما يتواجد عناصر الدرك الملكي في المجال الحضري للمدن التي تكون فيها نسبة السكان قليلة وغير كبيرة المساحة ولا تتوفر على مراكز للأمن الوطني.
ويساهم الدرك الملكي في توفير الدعم من خلال الطب العسكري، باعتباره القوة العسكرية الأولى داخل الجيش المغربي وهو يعتبر مؤسسة شبه مستقلة بذاتها لها قيادة خاصة بها، ولها فروعها الخاصة كسلاح الجو والمدرعات والمظليين وسلاح البحرية، مع تشكيلة متنوعة ومعقدة من القوات الخاصة، كما له أيضا جهاز استخباراتي قوي وجهاز دعم لوجيستي وجهاز استطلاع، ويتوفر أيضا على جهاز بحث علمي متقدم جدا، ويعتبر من بين أحسن الأجهزة العلمية بالعالمين العربي والإفريقي و حتى العالمي، ويعتبر الدرك الملكي بالنسبة للجيش قوات نخبة.
وفي ظل الخصاص الذي عرفته الأقنعة الطبية، بسبب ارتفاع الطلب عليها عالميا، تدخل الدرك الملكي من خلال وحدته المتخصصة في صناعة الأقنعة الطبية لتغطية الخصاص. وتجدر الإشارة إلى أن الدرك الملك رفع حجم استثماراته في مجال تصنيع الأقنعة متعددة الاستخدامات، إذ بلغ مراحل متقدمة في برنامجه التجاري، الذي انطلق منذ 2012، لتسويق نصف مليون قناع تنفس من نوع “إف إف ب2″، ومليون ونصف مليون قناع جراحي، بعد تمكن وحدة تصنيع الأقنعة التابعة له، من إبرام عقود للبيع مكنتها من المحافظة على مستوى الإنتاج. وأظهر تقرير سابق حول مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، المرفق بقانون المالية، إبرام وحدة الدرك الملكي لتصنيع الأقنعة عقد تأمين شامل ومتعدد الأخطار للمعدات، كما عمدت إلى تكثيف تدابير ضمان جودة وملاءمة المنتوجات للمعايير الدولية.
رجال الوقاية المدنية في خط التماس الأول مع الفيروس
يوجد رجال الوقاية المدنية في خط التماس الأول والمباشر مع فيروس «كورونا»، وبذلك هم أول من يكونوا عرضة للخطر، وتتكلف عناصر الوقاية المدنية بنقل الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس بشكل يومي إلى المستشفيات ومراكز التشخيص، وحسب آخر الإخصائيات فقد بلغ عدد الحالات التي خضعت للفحص وإجراء التحاليل ما يناهز 5 آلاف حالة، وتم تسجيل ما يزيد عن 1100 إصابة مؤكدة، جلها نقلت على متن سيارات الوقاية المدنية.
وفي إطار المجهودات المبذولة للتصدي للتفشي السريع للفيروس، قامت المديرية العامة للوقاية المدنية باقتناء 100 مائة سيارة إسعاف مجهزة بأحدث التجهيزات الشبه طبية لتعزيز أسطولها في مجال النقل الصحي وتحسين شروط نقل حالات المصابين بكوفيد-19، حيث تم تسلم 20 سيارة إسعاف كدفعة أولى في حين سيتم تسليم الباقي خلال شهر كأبعد تقدير، وقد تم توزيع هذه الناقلات على الجهات التي تعرف انتشار الوباء، وأكبر عدد من المصابين في حدود 5 سيارات إسعاف لكل جهة ويتعلق الأمد بجهة الدار البيضاء- سطات، وجهة الرباط-سلا_ القنيطرة، وجهة مراكش-آسفي، وجهة سوس- ماسة، وذلك لتعزيز أسطولها في مواجهة هاته الجائحة، كما قامت المديرية العامة للوقاية المدنية في وقت سابق من خلال وحدة تصنيع الأقنعة التابعة لها، والمتمركزة بسيدي علال البحراوي، بتوزيع كمامات واقية من نوع FFP 2 على جميع عمالات وأقاليم جهات المملكة بحصة مابين 150000 و200000 كمامة لكل عمالة أو إقليم.
وتحرص فرق الوقاية المدنية المخصصة لنقل حالات «كورونا» على التقيد بالعديد من التدابير والإجراءات الاحترازية الصارمة، على مستوى تعقيم سيارات الإسعاف المخصصة لهذا الغرض وكافة الأفراد الذين يتولون مهمة نقل المشتبه فيهم أو المصابين إلى مراكز العناية، وكشفت المديرية العامة للوقاية المدنية التابعة لوزارة الداخلية أن «مهمة جهاز الوقاية المدنية في مكافحة فيروس «كورونا» المستجد تنحصر في نقل الحالات المشتبه إصابتها بالفيروس إلى المستشفيات المعدة لاستقبالهم، ويتم ذلك عبر استعمال سيارات إسعاف مخصصة لهذا الغرض»، وأضافت المديرية، أنه «بعد انتهاء عملية نقل المشتبه فيه يتم تعقيم أفراد الوقاية المدنية وسيارة الإسعاف باستعمال المواد المخصصة لذلك».
وأثارت تدخلات رجال الوقاية المدنية إعجاب المغاربة، خلال هذه الفترة الحرجة، ووصفهم الأستاذ الجامعي، عمر الشرقاوي ب «ملائكة الوقاية»، وعلق قائلا «في الحقيقة هناك فئة من المقاتلين والمحاربين الذين يشكلون الجبهة الأولى المحتكة مع «كورونا» لم تحض بما يكفي من الشكر والتنويه بعملها ومجهوداتها الجبارة، وهم رجال الوقاية المدنية الذين يصلون إلى المصاب بـ «كورونا» قبل أن يكشف عنه رجال الصحة وتدلي المختبرات بنتائجها»، وأضاف «هاته الفئة تقوم في صمت بدور بطولي خلال تدخلاتها المستعجلة لنقل المشتبه باصابتهم بالفيروس إلى المستشفيات، وهنا وجب التوعية بأن حضورهم بلباسهم الأبيض الواقي لنقل شخص، لا يعني أن إصابته مؤكدة، بل حضورهم في غالبية الأحيان يكون في دائرة الاحتراز ووفق الشروط الصحية المطلوبة إلى أن تثبت النتائج المخبرية إصابة الشخص أو عدم إصابته».
وأصبح جهاز الوقاية المدنية خاضعا بشكل كلي للنظام العسكري، وذلك بعد صدور الظهير الشريف بمثابة النظام الأساسي الخاص بموظفي الوقاية المدنية والأطباء العاملين بالمديريات العامة للوقاية المدنية والمصالح الخارجية التابعة له، والذي تم إعداده طبقا للتعليمات الملكية، تفعيلا لمقتضيات المرسوم بقانون الذي صادق عليه البرلمان، والقاضي بإخضاع العاملين بالمديرية العامة للوقاية المدنية والأطباء التابعين لها لقواعد الانضباط العسكري، وبموجب هذا القانون، أصبحت تطبق على موظفي الوقاية المدنية المقتضيات العامة للقوانين والأنظمة العسكرية، ولا سيما في ما يتعلق بالحقوق والواجبات والمسؤوليات والتكوين والتدريب العسكريين، ومظاهر الانضباط واللياقة العسكرية، وكذا المكافآت والعقوبات التأديبية. كما يهدف هذا القانون إلى إخضاع جميع فئات الموظفين العاملين بالوقاية المدنية للضمانات الممنوحة لأفراد القوات المسلحة الملكية، ولأحكام القانون المتعلق بالقضاء العسكري.
القوات المساعدة مجندة لحماية صحة المواطنين
بالإضافة إلى مساهمة جميع مكونات القوات المساعدة بمبلغ 30 مليون درهم لفائدة الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا «كوفيد 19» الذي تم إحداثه لمواجهة آثار هذا الوباء، تتواجد هذه القوات إلى جانب السلطات المحلية بجميع أنحاء المغرب لفرض حالة الطوارئ الصحية.
وأظهرت مختلف أشرطة الفيديو المصورة خلال فترة الطوارئ الصحية التواجد المكثف لهذه العناصر إلى جانب رجال السلطة وعناصر الأمن الوطني والدرك الملكي، بالإضافة إلى قيامهم بالمهام الأخرى المنوطة بهم، وتعتبر القوات المساعدة قواتا عسكرية، لكنها تبقى تحت وصاية وزارة الداخلية، ومن بين مهام أفرادها، حفظ النظام والأمن العام وحراسة الحدود وحراسة إدارات الدولة خصوصاً المقاطعات والعمالات ومحاربة الهجرة السرية ومحاربة تهريب المخدرات، وتتشكل على مجموعة من الوحدات المتنقلة ووحدات الحرس الترابي والمخزن الإداري والوحدات الخاصة.
ويعمل أفراد القوات المساعدة إلى جانب السلطة المحلية على تنظيم التجمعات والحرص على احترام النظام العام، وتحرير الملك العمومي، كما تقوم القوات المساعدة بدوريات لمحاربة مختلف أنواع الجرائم ومظاهر الإنحراف كما تقوم بدوريات ثابتة ومتنقلة على الشريط الحدودي الشمالي للمملكة قصد محاربة الهجرة السرية والتهريب، كما تتمركز هذه الوحدات داخل الجدار الأمني في الأقاليم الجنوبية.
وقامت المفتشية العامة للقوات المساعدة بإنزال جميع عناصرها للمساهمة في المجهودات المبذولة للوقاية من فيروس كورونا، وكذلك تنفيذ تدابير حالة الطورائ الصحية، بما في ذلك الاستعانة بوحدات المخزن المتنقل، وهي وحدات متنقلة متعددة المهام، تتدخل في جميع مناطق المملكة كيفما كانت الظروف، وتتوفر هذه الوحدات على جميع المعدات اللوجيستية والأسلحة الخفيفة وكذلك العنصر البشري المؤهل للقيام بجميع المهام المسندة إليها، كما تخضع هذه الوحدات لنظام عسكري صارم وتنقسم لعدة كتائب مختلفة التخصص والمهام، ومن بين أهم المهمات المسندة لهذه الوحدات هي الحفاظ على الأمن والنظام العامين والتدخل عند الكوارث وحراسة المراكز الحساسة وحماية الحدود
كما يستعين رجال السلطة بعناصر الحرس الترابي الموجودة تحت تصرفهم للقيام بمختلف التدخلات المتعلقة بفرض حالة الطوارئ وتحرير الملك العمومي. وتعمل وحدات الحرس الترابي داخل العمالات والمناطق الحضرية خاضعة للقيادات الجهوية للقوات المساعدة تتوزع بين مقرات القيادة الإقليمية للقوات المساعدة والعمالات والمقاطعات الإدارية مهمتها الحفاظ على الأمن والنظام العامين تحت إشراف أطر وزارة الداخلية «القواد والباشوات» والأمن الوطني، كما تسهر وحدات المخزن الإداري، وهي وحدات تعمل داخل تراب الدوائر القروية تحت إشراف قواد السلطة المحلية وتحت قيادة القائد الإقليمي للقوات المساعدة وتعمل على المحافظة على الأمن والنظام العامين.