الـمَهْـدي الـكــرَّاوي
أثارت الأرقام المدرجة في الحسابات المالية للوكالة الجماعية المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بآسفي، المعروفة اختصارا بـ«راديس»، العديد من التساؤلات المشروعة، خاصة في الشق المتعلق ببرمجة ميزانية طائلة تصل إلى 680 مليون سنتيم، مخصصة بالكامل لشراء وأداء مصاريف ثانوية وأخرى باذخة، على غرار أثاث المكاتب وصالونات كبار المديرين وشراء المعدات المعلوماتية والحواسيب.
وكشفت الأرقام المالية التي قدمت في اجتماع المجلس الإداري للوكالة الجماعية المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بآسفي، الذي ترأسه الحسين شاينان، عامل الإقليم، تخصيص اعتمادات مالية مبالغ فيها ولا علاقة لها بحقيقة أسعار السوق، حيث تم تخصيص مبلغ مالي يصل إلى 250 مليون سنتيم لاقتناء منظومة معلوماتية للتدبير التجاري، في الوقت نفسه الذي خصص مبلغ آخر يصل أيضا إلى 250 مليون سنتيم من أجل تمويل مجرد دراسة لاقتناء منظومة للتدبير المالي.
هذا وبرمجت وكالة «راديس» بآسفي، خلال إعداد ميزانية سنة 2019، اعتمادا ماليا ضخما ومبالغا فيه وصل إلى 680 مليون سنتيم موزعة على شراء أثاث فاخر وتجهيزات للمكاتب، وشراء معدات معلوماتية وتأهيل البنية التحتية للنظام المعلوماتي للوكالة، وتهيئة مرافق الوكالة بميزانية تصل إلى 30 مليون سنتيم، في حين أن الوكالة صرفت في ميزانية السنة الماضية 2018، مبلغا يصل إلى 25 مليون سنتيم من أجل الغرض نفسه، أي تهيئة مرافق الوكالة.
وحملت البيانات المالية لوكالة «راديس» بآسفي مفارقات مثيرة في برمجة الاعتمادات المالية، حيث إنها برمجت ميزانية تصل إلى 60 مليون سنتيم خلال السنة المالية 2019 مخصصة بالكامل لتأهيل البنية التحتية للنظام المعلوماتي، في حين أن الوكالة نفسها كانت قد برمجت السنة الماضية في ميزانية سنة 2018 مبلغا يصل إلى 60 مليون سنتيم للغرض ذاته، والشيء نفسه ينطبق على شراء المعدات المعلوماتية، حيث خصصت لسنتي 2018 و2019 مبلغا يصل إلى 80 مليون سنتيم، بمعنى أن وكالة «راديس» تشتري كل سنة 40 مليون سنتيم من المعدات المعلوماتية.
إلى ذلك، خصصت وكالة «راديس» بآسفي اعتمادا ماليا يصل إلى 40 مليون سنتيم سوف يصرف بالكامل على ما تسميه الوكالة «آليات التواصل»، في حين أن الوكالة الجماعية المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء لا تتوفر على أية آلية للتواصل مع زبائنها، وإشعارات انقطاع الماء والكهرباء التي تصدرها الوكالة باللغة الفرنسية، في مخالفة فاضحة لدستور المملكة، لا تتطلب ميزانية بـ 40 مليون سنتيم في السنة.
وتعيش الوكالة في آسفي على وقع اختلالات مالية خطيرة رصدها تقرير للمجلس الجهوي للحسابات، سواء في ما يتعلق بمصاريف خيالية لتغذية المديرين في المطاعم، والمحسوبية في التوظيف أو استغلال سيارات المصلحة وتزويد زوجات وأبناء مسؤولين كبار بانخراط في الهواتف النقالة، وصفقات أشغال الصيانة والتطهير ورسوم ربط التجزئات والمشاريع السكنية، وأيضا العجز المالي بسبب تراكم الديون التي وصلت، إلى غاية 30 نونبر 2018، إلى ما يقارب 5 ملايير سنتيم، بجانب رفض مدير الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بآسفي السكن في فيلا وظيفية فاخرة مملوكة للوكالة صرفت عليها أخيرا ميزانية لإصلاح المرافق والمسبح وصلت إلى 50 مليون سنتيم، في مقابل تلقيه تعويضا شهريا عن السكن تصرفه له الوكالة.