محمد اليوبي
توصل المجلس الجهوي للحسابات بجهة فاس مكناس بتقرير مفصل معزز بمحضر معاينة أنجزه مفوض قضائي، يكشف اختلالات خطيرة في تدبير سوق الجملة بفاس، ما دفع نائب عمدة المدينة المفوض له تدبير السوق، عبد الواحد العواجي، إلى طلب إعفائه من مهام التفويض.
وأفادت المصادر بأن لجنة للمراقبة قامت بإجراء جولة بفضاء السوق قصد الاطلاع على أجواء العمل بهذا المرفق الحيوي الهام ومدى استجابته لتطلعات ساكنة مدينة فاس، حيث تفاجأت اللجنة بالوقوف على مجموعة من الاختلالات ذات الطابع المادي والتنظيمي تجعل هذا السوق تسيطر عليه مجموعة من المتربصين بمداخيله واستغلال مرافقه مما يؤدي إلى حرمان خزينة الجماعة من مداخيل مهمة ناتجة عن استغلال هذا المرفق الحيوي.
وفي هذا الصدد وقفت اللجنة على مجموعة من الاختلالات، من بينها رفض تزويد أعضائها بالوثائق اللازمة قصد القيام بمهامها، خصوصا تلك المتعلقة بعملية حصر كنانيش التذاكر، بالإضافة إلى وجود تباين كبير بين عدد صناديق السمك الواردة على السوق والعدد المصرح به من طرف الوكلاء، حيث تم تسجيل 196 صندوقا من صنف الممتاز بينما العدد الحقيقي هو 270 صندوقا أي بفارق 74 صندوقا في اليوم الواحد، وبالنسبة للصنف الحر تم تسجيل 1067 صندوقا من طرف الوكلاء بينما العدد الحقيقي 1804 صناديق أي بفارق 737 صندوقا في اليوم.
وخلصت اللجنة، في محضر أحالته على المجلس الأعلى للحسابات، إلى أنه، بقراءة بسيطة لهذه الفوارق، تمكنت من الوقوف على حجم المبالغ التي تنهب من مداخيل ميزانية الجماعة الناتجة عن استغلال هذا المرفق الهام، وهذا يحرم ميزانية الجماعة من تحصيل مبالغ مهمة من مداخيلها التي تصب في جيوب الوكلاء وبعض الموظفين المتواطئين معهم.
ووجه نائب العمدة المفوض له تدبير سوق الجملة للسمك، رسالة إلى رئيس المجلس، عبد السلام البقالي، طلب منه إعفاءه من التفويض، مشيرا إلى أن السوق يعرف وضعية شاذة، حيث المنطق السائد به هو العشوائية التي تصل أحيانا إلى حد تجاوزات واضحة تلحق أضرارا بالأهداف المتوخاة، والتي من أجلها تم إحداث سوق السمك للجملة، وذلك بالرغم من الإنذارات واللقاءات المتعددة والهادفة إلى التصدي والحد من النزيف الحاد في تدبير تجارة السمك بالجملة وتسويقها في ظروف جيدة وتحسين المداخيل، حيث بإمكان السوق أن يحقق طفرة قوية لو تمكن جميع المتدخلين من اجتثاث منابع الفوضى.
وأضاف نائب العمدة، أنه، بالرغم من كثرة الاجتماعات التي انعقدت بخصوص السوق طيلة السنة، فان أغلب المخرجات لا تجد طريقها إلى التنزيل، بل وأحيانا تجد مقاومة شرسة من طرف من لهم مصلحة في عدم التغيير، مشيرا إلى أن مستوى التدبير الإداري يبقى خارجا عن إطار الاختصاصات المفوضة له. وقال العواجي، في رسالته، “إذ كلما توجهت إلى المسؤول الإداري الأول لإبداء أية ملاحظة أو توجيه، فإن ملاحظاتي وتوجيهاتي تبقى عديمة الجدوى، بدعوى أن المدير الإداري، في جل اجتماعاته مع الموظفين، يصرح أنه لا يتلقى التوجيهات والملاحظات إلا من الرئيس والمدير العام للمصالح”، معتبرا أن “هذا السلوك انعكس سلبا حيث إن الوكلاء بدورهم ينهجون نفس المنهج، مما تبقى معه المجهودات التي بذلتها في مهب الريح”.