محمد اليوبي
تزامنا مع مثوله، اليوم الثلاثاء، أمام قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، توصل الوكيل العام للملك بالمحكمة نفسها بشكاية أخرى تتهم جواد الدواحي، رئيس المجلس الإقليمي لمولاي يعقوب، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، بتبديد واختلاس أموال عمومية.
وحسب الشكاية التي وضعها الأستاذ أحمد حرمة، محامي بهيئة فاس، نيابة عن «ط. و»، عضو بالمجلس الإقليمي، فقد بلغ إلى علم هذا الأخير وقوع جناية تتعلق باختلاس أموال عمومية من طرف رئيس المجلس الإقليمي. مشيرا إلى أنه بتاريخ 2 دجنبر 2019 اقتنى المجلس الإقليمي لمولاي يعقوب ستة محلات تجارية من مؤسسة العمران بقيمة إجمالية قدرها بما يفوق 60 مليون سنتيم، وتوجد هذه المحلات بمركز «الضويات»، التابع لجماعة «سبع رواضي»، وبتاريخ 18 فبراير 2020 أعلن المجلس الإقليمي عن صفقة أشغال تهيئة المحلات التجارية الستة بقيمة إجمالية تفوق مبلغ 38 مليون سنتيم، فازت بها إحدى الشركات.
وأضافت الشكاية أن هذه المحلات سلمت مباشرة بعد اقتنائها من شركة العمران إلى مؤسسة «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية»، من أجل استغلالها في تسويق المنتوجات المجالية للجمعيات والتعاونيات الموجودة بالمنطقة، وكشفت الشكاية أن «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» هي التي تكلفت في الواقع بتهيئة المحلات وتجهيزها بمختلف التجهيزات التي تحمل الهوية البصرية الخاصة بها، وبذلك خلصت إلى أن الصفقة كانت وهمية، طالما أن من تكفل بتهيئة المحلات هي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وبادر عضو المجلس الإقليمي صاحب الشكاية إلى إنجاز محضر معاينة بواسطة مفوض قضائي بتاريخ 11 أكتوبر الجاري، حيث عاين المفوض القضائي تلك المحلات التجارية التي وجدها غير مشغلة ومغلقة منذ مدة طويلة، وأخذ صورا فوتوغرافية لها، تؤكد بأن تهيئة المحلات تحمل طابعا خاصا بالمبادرة الوطنية، وأن القيمة البسيطة للتجهيزات الموجودة بالمحلات التجارية المذكورة لا توازي المبلغ الضخم لصفقة التجهيز المعلنة من طرف المجلس الإقليمي.
وتأتي هذه الشكاية تزامنا مع إحالة الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف لملف اختلالات المجلس الإقليمي لمولاي يعقوب على أنظار محمد الطويلب، قاضي التحقيق بالغرفة الأولى المكلف بجرائم الأموال، الذي استدعى جواد الدواحي، رئيس المجلس، للمثول أمامه، اليوم الثلاثاء، رفقة ثمانية أشخاص آخرين، ضمنهم موظفون بالمجلس ومقاولون، يواجهون تهمة تبديد واختلاس أموال عمومية، وتزوير محررات ووثائق رسمية واستعمالها. وأفادت المصادر بأن الوكيل العام تقدم بملتمس من أجل متابعتهم في حالة اعتقال بالتهم المنسوبة إليهم.
وكان نائب الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس قد أعطى تعليماته إلى الفرقة الجهوية للدرك الملكي المكلفة بالجرائم المالية، من أجل تعميق البحث في وجود شبهة تبديد أموال عمومية بالمجلس الإقليمي لمولاي يعقوب، حيث كشفت الأبحاث الأولية وجود العديد من الاختلالات، وغياب وثائق ومستندات تبرر صرف المال العام.
واستمعت الضابطة القضائية للدرك الملكي إلى موظفين بالمجلس ومقاولين حصلوا على صفقات وسندات طلب من المجلس الإقليمي، وكذلك مسؤولين بالسلطة المحلية بعمالة الإقليم. وأفادت المصادر بأن عناصر الدرك المكلفة بالتحقيق لم تعثر على وثائق ومستندات بخصوص توظيف الأعوان العرضيين، وكذلك الوثائق التي تبرر استهلاك المحروقات، بالإضافة إلى سندات طلب وصفقات وهمية بلغت ملايين الدراهم، منها مصاريف بذل المستخدمين والأعوان التي تصرف كل سنة، والتي لم يسبق لأي واحد منهم أن توصل بها، وهو ما أكدته تصريحات هؤلاء المستخدمين أمام الضابطة القضائية.
وكشفت التحريات التي قامت بها عناصر الدرك الملكي أن مجموعة من المركبات، بما فيها الآليات والشاحنات والجرافات تتزود بالوقود من خارج إقليم مولاي يعقوب ومن مدن تبعد عن الإقليم بمئات الكيلومترات، في حين صرح سائقو هذه المركبات أثناء الاستماع إليهم أنها لم يسبق لها القيام بأي مهمة خارج تراب الإقليم، لكن الخطير في الأمر تتم عملية تعبئة وصولات تشير إلى تزود هذه المركبات بالوقود من إحدى المحطات بمدينة فاس، وهو ما يتنافى مع القوائم الصادرة عن المديرية الجهوية للشركة الوطنية للنقل واللوجيستيك، التي تشرف على تدبير حضيرة السيارات بالمجالس الجماعية والإقليمية. وأقر الموظف المكلف بحضيرة السيارات أنه يتم إنجاز أكثر من 30 بطاقة سنويا تحمل اسم «طاقتي» تتضمن مبالغ تتراوح قيمتها ما بين ألف و3 آلاف درهم شهريا، مؤكدا أنه يسلم هذه البطائق إلى رئيس المجلس الإقليمي، وهو من يتكلف بتوزيعها على أشخاص لا تربطهم أية علاقة بالمجلس الإقليمي. وأبانت التحريات أن هذه البطائق يتم استعمالها في تنقلات شخصية للتزود بالمحروقات بمختلف المدن، في حين تحتسب في الوثائق أن هذه المحروقات مستهلكة من طرف الجرافات والآليات.