شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

دركي المال العام

لا شك أن لحظة انعقاد الجلسة الرسمية لتنصيب المسؤولين القضائيين الجدد للمجلس الأعلى للحسابات، بمناسبة تعيين  الملك محمد السادس لمسؤولين قضائيين بالمحاكم المالية، تبقى أفضل لحظة مواتية لإثارة الأدوار والإكراهات التي يعاني منها دركي المال العام، في أداء مهامه بكل فعالية ونجاعة. ولعل تشديد بلاغ مجلس زينب العدوي على أنه يعتزم تفعيل صلاحيات مراقبة التصاريح الإجبارية بالممتلكات كآلية مساعدة على تخليق الحياة العامة، خير دليل على الصعوبات التي تعانيها المحاكم المالية في حماية المال العام من التلاعب والاعتداء.

لا أحد بمقدوره التشكيك في الأدوار التي يلعبها المجلس الاعلى للحسابات مركزيا وجهويا وعلى مستوى محاكم المالية، لكن بكل صراحة، لم يصل القضاء المالي إلى استيعاب التطلّعات الدّستوريّة المتعلّقة بإرادة مواصلة تكريس الطّابع الزّجري لنظام المسؤوليّة الخاصّ بالمتصرّف العمومي، وحماية المال العام من كل أشكال التبذير والإثراء غير المشروع واستغلال المناصب السياسية والإدارية للتطاول على أموال دافعي الضرائب، بالإضافة إلى الحصانة الواقعية وليس القانونية التي تتمتع بها بعض المؤسسات الدستورية التي لا يمكن للقاضي المالي أن يقترب من أموالها، كما هو الشأن بالنسبة لأوجه صرف أموال البرلمان بحجة الطبيعة السيادية للمؤسسة، ناهيك عن الحماية التي تتمتع بها الهيئات النقابية وعدد من الهيئات العموميّة المستقلّة.

لقد أصبحت الحاجة ماسة لضخ المجلس الأعلى للحسابات بروح جديدة، تدعم صّلاحيّاته الهامّة والواسعة لجعله نواة صلبة في الحفاظ على المال العامّ والدفاع عنه وصيانته، ولا يمكن أن يتم ذلك بموارد بشرية محدودة لا يمكنها حتى القيام بأعباء دراسة عشرات الآلاف من التصاريح الدورية بالممتلكات، كذلك فالمجلس الأعلى للحسابات لا ينبغي أن يكتفي دوره بإصدار توصيات أو آراء استشارية تطلب منه، وإنما عليه القيام بمتابعة تنفيذها من خلال الاتصال الدائم بالحكومة والبرلمان وكل المسيرين المعنيين بها ومرافقتهم ومساعدتهم في كيفية تطبيقها.

والخلاصة التي لا يخفيها حتى المسؤولون عن المجلس الاعلى للحسابات أنّ الإطار التشريعي الحالي يحمل في طيّاته بعض الطموح في حماية أموال المغاربة، إلاّ أنّه ظلّ قاصراً على مواكبة النّفس الثّوري ضد الفساد المضمّن بدستور المملكة في جعل القضاء المالي يتبوّأ مكانة محوريّة في مجال المحافظة على المال العامّ والضرب بيد من حديد على المتلاعبين فيه.

فهل يغير المجلس جلده القانوني للبقاء على قيد الحياة؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى