شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

دراسة جديدة تكشف مخاطر المياه المعبأة في قنينات البلاستيك

لتر واحد يمكن أن يضم 370 ألف قطعة بلاستيكية تسبب اضطرابات للغدد والخلايا وترفع ضغط الدم

حذرت دراسة حديثة من خطر جزيئات بلاستيكية صغيرة في المياه المعبأة في العبوات البلاستيكية. ورغم أن عددا من الخبراء صرحوا بشكوكهم حول نظافة العبوات البلاستيكية والمياه التي تحتوي عليها، لا تزال الجمعية الدولية للمياه المعبأة (IBWA) تستنكر الدراسة وتتهمها بأنها أثارت الخوف في صفوف المستهلكين بلا داع.

 

أظهرت نتائج دراسة جديدة نشرها موقع Eating Well نقلا عن Proceedings of the National Academy of Sciences، أن عبوات المياه البلاستيكية التي تُباع في متاجر البيع بالتجزئة يمكن أن تحتوي على كمية من البلاستيك النانوي في سائلها أكبر مما كان متوقعًا.

وقام فريق باحثين في جامعة كولومبيا بتطوير تقنية جديدة قادرة على التحليل الكامل للتحلل الكيميائي للجسيمات النانوية الموجودة في المياه المعبأة في قنينات بلاستيكية، مما سمح برؤية هذه الجسيمات النانوية وإحصائها أيضًا.

 

ملايين الجسيمات النانوية

من خلال الدراسة، تبين أن هناك ما يقدر بنحو 110.000 إلى 370.000 قطعة بلاستيكية لكل لتر من المياه المعبأة. تم تقريب هذه الأرقام بعد أن قام الباحثون بتحليل العديد من العلامات التجارية المباعة في الولايات المتحدة. كما تم العثور على ملايين الجسيمات النانوية، والتي تشمل «الجسيمات النانوية غير العضوية» وجزيئات بلاستيكية لم تتم دراستها بشكل مباشر.

يمكن أن يكون استهلاك المواد البلاستيكية النانوية مصدر قلق، حيث تكشف الدراسات العلمية الحديثة – مثل مراجعة علمية نشرتها دورية Frontiers لعام 2023 – علاقة البلاستيك بالتأثيرات المسببة لاضطرابات الغدد الصماء، وكذلك المواد الكيميائية التي يمكن أن تغزو خلايا الجسم والتي يمكن أن تسبب مشاكل طويلة الأمد مثل ارتفاع ضغط الدم. ولكن لا توجد أبحاث كافية حتى الآن لفهم التأثيرات الكاملة للمواد البلاستيكية النانوية على الجسم، سواء على المدى القصير أو الطويل.

 

أنواع المواد البلاستيكية

يتراوح حجم المواد البلاستيكية النانوية، غير المرئية للعين البشرية، بين 1 و1000 نانومتر، ويعادل 1000 نانومتر جزءا من مائة من المليمتر. وتتشكل عندما يتحلل البلاستيك إلى أجزاء أصغر حجما تدريجيا. وهي صغيرة جدا وخفيفة الوزن بحيث يتم حملها في الهواء من حولنا وتتسرب إلى الماء والغذاء والمنتجات اليومية.

ونظرا لصغر حجمها، يمكنها المرور عبر الأمعاء والرئتين، مباشرة إلى مجرى الدم وإلى الأعضاء بما في ذلك القلب والدماغ.

وقام الباحثون في جامعة كولومبيا، الذين أجروا الدراسة الأخيرة، بتحديد وإحصاء هذه الجزيئات الدقيقة في المياه المعبأة في عبوات، واكتشفوا سبعة أنواع بلاستيكية شائعة.

وكشفت النتائج، التي نشرت في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، أن التركيزات أكبر بما يصل إلى 100 مرة مما كان يعتقد سابقا.

وكان البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET) والبولي إيثيلين (PE)، والمواد البلاستيكية المستخدمة في صناعة القنينات البلاستيكية، من بين أكثر المواد البلاستيكية النانوية شيوعا.

ويعتقد أنها تتحلل وتصل إلى الماء عند الضغط على القنينات أو فتح الغطاء وإغلاقه بشكل متكرر.

ويمكن أيضا أن تتسرب إلى الماء إذا تعرضت الزجاجة للحرارة، مثل تركها في غرفة حارة أو في السيارة في يوم دافئ أو في الخارج تحت أشعة الشمس.

ومع ذلك، فإن معظم المواد البلاستيكية النانوية تدخل المياه المعبأة من البيئة أو من عملية الإنتاج، حيث أشار العلماء إلى أنه تم اكتشاف التلوث البلاستيكي «في كل خطوة من البئر إلى الزجاجة».

وكان كلوريد البولي فينيل (PVC) واحدا من أكثر المواد البلاستيكية النانوية شيوعا وسمية التي تم اكتشافها في المياه الجوفية والمياه المعبأة.

ويُعتقد أن هذا البلاستيك النانوي يشق طريقه إلى مصادر المياه نتيجة لإنتاج البلاستيك، حيث يتم إلقاء 30 مليون طن في الماء كل عام.

علاوة على ذلك، فإن العديد من المنتجات المصنوعة من البلاستيك، مثل الملابس الاصطناعية وبعض أكياس الشاي وشباك الصيد، تتساقط منها جزيئات أثناء استخدامها.

وبدلا من أن تتحلل المواد البلاستيكية إلى مواد غير ضارة، فإنها تحافظ على تركيبها الكيميائي حيث تنقسم إلى جزيئات أصغر حجما.

ونتيجة لذلك، فإن المواد البلاستيكية النانوية مثل PVC تشق طريقها إلى مصادر المياه.

وأثناء عملية التعبئة، تشق أشكال أخرى، مثل البولي بروبيلين (PP)، طريقها إلى المنتج، وفقا للدراسة.

واكتشف العلماء أيضا مادة البوليسترين (PS) في المياه المعبأة التي درسوها، وهي المادة المستخدمة في تنقية المياه، وإزالة الملوثات الضارة واستبدالها بالمعادن.

كما تم اكتشاف مادة البولي أميد (PA)، وهو نوع من النايلون، في المياه المعبأة في قنينات بلاستيكية.

ومع ذلك، فإن هذه المواد البلاستيكية النانوية تمثل 10 في المئة فقط من تلك التي اكتشفها العلماء، الذين اعترفوا بعدم وجود أي فكرة عن الـ 90 في المئة الأخرى.

وأثارت المواد البلاستيكية النانوية قلق العلماء لعقود من الزمن وتم اكتشافها في كل مكان على الأرض، من الجليد القطبي إلى التربة ومن مياه الشرب إلى الغذاء.

وأشارت دراسات سابقة إلى أن الشخص العادي يتناول حوالي خمسة غرامات من البلاستيك أسبوعيا، وهو ما يعادل بطاقة الائتمان.

ومع ذلك، حذر الخبراء من أن الأمر قد يكون أكثر من ذلك بكثير، حيث لم يتم تحليل جميع الأطعمة للتحقق من محتواها من البلاستيك.

ويعتقد أيضا أن الناس يتنفسون ما يصل إلى 7000 قطعة من البلاستيك الدقيق يوميا، ما يثير مخاوف من إمكانية تصنيفها كتهديد صحي.

ولا تتحلل المواد البلاستيكية النانوية في الجسم، ما يجعلها تسبب التهابا وإجهادا للخلايا.

وأشارت الدراسات البشرية إلى أن المواد البلاستيكية النانوية، وتحديدا PVC، تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة.

 

خطر محدود

قالت منظمة الصحة العالمية إن جزيئات البلاستيك الموجودة في مياه الشرب تمثل خطرا «محدودا» على صحة الإنسان، لكن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لطمأنة المستهلكين.

وعلى مدى سنوات، أثارت دراسات حول جزيئات رُصدت في مياه الصنابير والمياه المُعبأة مخاوف الناس، لكن البيانات المحدودة المتاحة تبدو مُطمئنة وفقا لأول تقرير تصدره المنظمة الدولية عن المخاطر الصحية المرتبطة بتناول الطعام والشراب.

وتدخل جزيئات البلاستيك في مصادر مياه الشرب من خلال ما يتسرب من مياه الصرف، وفقا للمنظمة التابعة للأمم المتحدة. وتشير إلى أن عملية التعبئة والتغليف من أسباب وجود جزيئات البلاستيك في بعض قوارير المياه المعبأة.

لكن منظمة الصحة أوضحت أيضا أن الدراسات المتاحة حاليا عن مدى سُمية جزيئات البلاستيك محدودة، مؤكدة أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لحسم بعض القضايا.

وتمثل جزيئات البلاستيك ثلاثة أنواع من المخاطر، وهي الخطر المادي والكيميائي إلى جانب خطر تكون مستعمرات بكتيرية.

الخبراء الذين ألفوا هذا التقرير أكدوا أنه على الرغم من أوجه القصور فيه فإنهم عملوا على أساس أسوأ الفرضيات، ويثقون في أن خطر دخول البلاستيك إلى مياه الشرب سيظل محدودا إذا تغيرت بعض البيانات.

والتلوث البلاستيكي منتشر على نطاق واسع في البيئة بحيث قد يتناول المرء ما يصل إلى خمسة غرامات من هذه المادة في الأسبوع أي ما يعادل التهام بطاقة ائتمانية وفقا لما ذكرته دراسة أجريت بتكليف من الصندوق العالمي لحماية الطبيعة.

 

رد الجمعية الدولية للمياه المعبأة

اعترفت الجمعية الدولية للمياه المعبأة (IBWA) بأنها لم تراجع الدراسة عن كثب، لكنها لا تزال تدعي أن التأثيرات الصحية لم تتم دراستها بشكل كاف وغير حاسمة.

وقالت IBWA إن هذه التقارير «تخيف المستهلكين بلا داع»، لكن العديد من الخبراء المستقلين قالوا أن مجرد كون المياه تأتي من زجاجة، فهذا لا يعني أنها أكثر أمانا أو أفضل تنظيما.

وقال أفيناش كار، كبير المحامين ومدير مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية: «على الرغم من أن معظم المياه المعبأة نظيفة نسبيا، فقد أظهر الاختبار أن بعضها يحتوي على ملوثات مثيرة للقلق تتراوح من المواد البلاستيكية الدقيقة إلى المواد الكيميائية السامة الأبدية».

وقال مايكل بيليفو، المعد المشارك والمدير التنفيذي لمنظمة الدفاع عن صحتنا ومقرها بورتلاند بولاية مين، الأسبوع الماضي: «تظهر هذه الدراسة أن منع التلوث البلاستيكي يمكن أن يقلل من حدوث المرض والإعاقة والوفاة المبكرة، وما يصاحب ذلك من آثار بشرية».

وقالت IBWA «يوجد حاليا نقص في الأساليب الموحدة ولا يوجد إجماع علمي حول الآثار الصحية المحتملة للجسيمات النانوية والبلاستيكية الدقيقة».

وفي حين أن IBWA تتحدى الأبحاث العلمية، يقدر بعض الباحثين أن أكثر من مليون شخص يموتون بسبب الأمراض المرتبطة بالبلاستيك كل عام.

وقدرت دراسة أجرتها جامعة نيويورك أن التعرض للبلاستيك الدقيق كلف نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة نحو 289 مليار دولار في عام 2018 وحده.

ويعتقد الباحثون أن المواد الكيميائية الموجودة في المواد البلاستيكية النانوية قد تكون عاملا مساهما في ارتفاع عدد الشباب الذين تم تشخيص إصابتهم بالسرطان.

ولا يزال العلماء يراجعون المخاطر طويلة المدى التي يشكلها استهلاك البلاستيك النانوي على الصحة العامة، وفقا لفيبي ستابلتون، عالمة السموم في جامعة روتجرز والمعدة المشاركة لدراسة جامعة كولومبيا.

وقالت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لموقع «ديلي ميل» الأسبوع الماضي، إنها «ليست على علم بالأدلة العلمية التي من شأنها أن تدعم قلق المستهلكين بشأن المستوى المحتمل للتلوث بالبلاستيك الدقيق أو البلاستيك النانوي في الطعام، بما في ذلك المياه المعبأة في البلاستيك».

وزعمت IBWA أنه من الأهم النظر إلى كمية النانو والمواد البلاستيكية الدقيقة في البيئة، بما في ذلك التربة والهواء والماء، مضيفة أنه لا يوجد أي بحث يدعم أن المواد البلاستيكية النانوية ضارة بصحة الناس.

واقترحت الجمعية أيضا أن الأبحاث والدراسات العلمية لا تصمد، وطالبت بأن «يلقي العلماء والصحفيون نظرة نقدية على الأساليب التطبيقية قبل الثقة في نتائج الدراسات».

 

دراسات قادمة

إن المياه المعبأة في عبوات بلاستيكية تعتبر وسيلة متاحة للكثيرين لاستهلاك المياه النظيفة والعذبة في جميع مناطق العالم، لذا فإنه من المهم ملاحظة أنه على الرغم من أن المرء يمكن أن يفكر في تجنب شرب المياه المعبأة، لكن يجب الانتباه إلى أن هناك حاجة لمزيد من البحث لفهم كيف يمكن للمياه المعبأة أن تؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على الجسم. وأنه يمكن استخدام الأكواب والعبوات الزجاجية كلما كان متاحا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى