شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

دبلوماسية كرة القدم

في خطاب للملك الراحل الحسن الثاني، بمناسبة عيد الشباب سنة 1997، الذي استقبل فيه سعيد عويطة ونوال المتوكل اللذين رفعا الراية المغربية في الألعاب الأولمبية بعد حصولهما على الميدالية الذهبية، لم يكتف الملك الراحل بالافتخار بأن «الناس تعرف المغرب بعويطة ونوال»، على حد تعبيره، بل أضاف أن «الناس أضحوا يعرفون المغرب بسبب هاذين البطلين العالميين أكثر من حاكم المغرب وملكه».

ولا شك أن كرة القدم أصبحت أكثر وسائل التأثير والاتصال فاعلية في العصر الحديث، حيث تتجاوز كل وسائل الاتصال الأخرى سواء كانت شفوية أو كتابية، وتتجاوز مؤسسات الدول وتتعدى ما هو سياسي وديبلوماسي واستراتيجي، فهي لغة الكون التي تصل إلى قلوب وعقول مليارات الأفراد في جميع أنحاء العالم مباشرة. 

لذلك فإن ما يقدمه المنتخب المغربي في مونديال قطر، ليس فرجة كروية أو إنجازا رياضيا غير مسبوق بل هو ممارسة القوة الناعمة تجاه العالم، إنه فريق يمارس دبلوماسية كرة القدم، ويستغل جيدا الاهتمام الكوني المشترك بالمونديال لتشكيل صورة جميلة تجاه بلد اسمه المغرب، لن تفلح صرف ملايير الدولارات في القيام بما تحقق من مكاسب دبلوماسية، وإقامة علاقات سياسية وتجارية، والترويج للمنتجات، والسياحة، والتنمية، والتعليم، وفي تحسين صورة الدولة، وتوطيد صداقاتها مع الدول الأخرى، وكذلك تعزيز السلام، ودمج الأقليات.

لذلك فإن ما حققه منتخبنا من إنجاز في المونديال، فعل بصورة المغرب ما لم يفعله أي قرار سياسي أو دبلوماسي آخر، عشرات رؤساء وملوك دول يتصلون بالملك محمد السادس لتهنئته بالانتصارات المتتالية للمنتخب، وأكثر المؤثرين في العالم، إيلون ماسك، صاحب منصة «التويتر» وأغنى رجل في الكون، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، ساندر بيتشاي، الذي كتب على حسابه في «تويتر» يقول: «إن المشاهد في مراكش (واحدة من أجمل المدن التي زرتها) أمر مذهل»، وغيره من الأسماء النافذة يهتفون بالمغرب ويظهرون إعجابهم بهذا البلد، ناهيك عن ملايين من البشر، تعرفوا على بلدنا عن طريق منتخبنا ولا شك سيدفعهم الفضول إلى القدوم لزيارة موطن الأبطال مما سيكون له أثر إيجابي على سياحتنا. 

باختصار يحق لنا أن نفتخر بهذا المنتخب لأنه شكل مصدرا من مصادر إضافية للقوة الناعمة للدولة المغربية، حيث إن إنجازاته وإعجازاته التي حققها في مونديال دوحة الخير جعلته أحد وسطاء السمعة الجيدة الذين يضطلعون بدورٍ في صياغة صور إيجابية عن تاريخ وثقافة وحضارة وسيادة بلدهم المغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى